الثلاثاء 2024/09/10

آخر تحديث: 13:25 (بيروت)

إسرائيل تؤجّل الحرب الشاملة على لبنان

الثلاثاء 2024/09/10
إسرائيل تؤجّل الحرب الشاملة على لبنان
تقارير إسرائيلية: الغاية من الضربة الاستباقية لحزب الله فجر 25 آب/أغسطس الماضي، لم تتحقق
increase حجم الخط decrease
عاد الإعلام العبري إلى رفع وتيرة القلق والترهيب من اندلاع حرب واسعة في الجبهة الشمالية، في أعقاب إصابة مبنى في مدينة نهاريا بواسطة طائرة مسيّرة أطلقها "حزب الله" من لبنان، ومسارعة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي إلى وصف ذلك بـ"الحادث الخطير".
وجاء تصاعد وتيرة التهديد الإسرائيلي للبنان، بعد نحو أسبوعين من عودة القتال في الجبهة الشمالية إلى شكله الروتيني في أعقاب رد حزب الله على اغتيال قائده فؤاد شكر، وما وُصف بضربة إسرائيلية استباقية.

ولفهم أكبر للخلفية والدوافع والسياق، فإن ما يُمكن الاستدلال عليه من خلال تحليل المحتوى الإعلامي العبري، هو أنّ تصاعد لهجة إسرائيل التهديدية تجاه حزب الله، ليس مجرد رد فعل على إصابة المبنى في نهاريا فقط، وإنما يتصل أيضاً بزيادة حزب الله عدد استهدافاته للمواقع الإسرائيلية أخيراً، حيث بات يتبنى يومياً 10 استهدافات تقريباً، وفق إحصاءات مراسلين ميدانيين إسرائيليين. 

كما يرتبط ذلك بمآلات مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، خصوصاً مع ورود إشارات أميركية بشأن تراجع الآمال المتعلقة بإمكانية التوصل إلى صفقة تبادل للأسرى، ووقف الحرب في القطاع، من منطلق أن استمرارية القتال في الجبهة الشمالية، ووتيرته، مرتبطان بمصير مفاوضات غزة.

"بلا مفاجأة.. لا حرب"
مع ذلك، يُستشف من قراءات عسكرية إسرائيلية رصدتها "المدن" على شاشات التلفزة العبرية في الساعات الأخيرة، أن الجيش ما زال غير معنيّ في هذه المرحلة بالمبادرة نحو الحرب الشاملة بالجبهة الشمالية. إذ أشار المراسل العسكري لتلفزيون "مكان" الرسمي، إيال عاليما، إلى أن الأصوات التي سمعها من داخل الجيش تقود إلى هذا الاستنتاج، وهو أنه لن يبادر إلى فتح معركة واسعة مع حزب الله الآن رغم التصعيد الحاصل.

وكشف عاليما أن الرادع الأبرز للحرب الشاملة هو فقدان إسرائيل عنصر المفاجأة والمباغتة، باعتباره عاملاً لحسم المعركة لصالحها، وبشكل أسرع. ويبدو أن "المفاجأة يفتقدها أيضاً أعداء إسرائيل من الناحية العملياتية، وهو ما يبعد الأطراف جميعها عن الحرب الواسعة، ويجعلها محصورة في سياق معارك تشتد حينا لدرجة حبس الأنفاس، أو تهدأ حيناً آخر حدّ القتال الروتيني".

فرصة الحرب.. قبل عام
واللافت أن عاليما نوه في إفادته بأن الفرصة الوحيدة للحرب الواسعة كانت متاحة بالنسبة لإسرائيل في اليوم الثاني لهجوم 7 تشرين أول/أكتوبر الماضي، أي قبل نحو عام، وذلك حين قدّم وزير الجيش يوآف غالانت، ومعه رئيس الأركان هرتسي هاليفي، مبادرة لشن حرب مباغتة وواسعة ضد "حزب الله" في لبنان. لكن حماسة الجيش للحرب في الجبهة الشمالية لاقت رفضاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حينها.

ولعلّ ما قاله أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله، في خطابه الأول بعد اندلاع القتال في جبهة لبنان في 8 أكتوبر 2023، يُفهم منه أيضاً أن الحزب كانت لديه مؤشرات بشأن هجوم إسرائيلي استباقي، حيث برر نصر الله حينها ذهابه إلى القتال لسببين: الأول مساندة غزة، وثانياً ردع هجوم استباقي خططت إسرائيل لشنه ضد لبنان.

سيناريوهات تصعيدية
رغم ذلك، ذكرت إفادات عسكرية للإعلام العبري أن الجيش الإسرائيلي لديه خطة جاهزة لهجوم واسع على حزب الله، بهدف تقليص عملياته، وأنها بانتظار المستوى السياسي، وأن قواته تتدرب على سيناريوهات عديدة بهذا الخصوص. وحاول تلفزيون "مكان" العبري أن يرسل رسائل تحذير عسكرية لحزب الله، عبر إظهار جدية إسرائيلية كبيرة بتوسيع المعركة ضده.

وسعت تل أبيب كذلك لأن ترسل رسائل تهديد مضاعَفة، من خلال استثمارها الإعلامي للزيارة الخامسة التي يجريها قائد المنطقة الوسطى بالجيش الأميركي الجنرال مايكل كوريلا، لإسرائيل، منذ بدء حرب غزة، وذلك بتنويه إعلامها الى أن الجنرال الأميركي عقد اجتماعاً مع قيادة الجيش الإسرائيلي في غرفة عمليات تحت الأرض بالمنطقة الشمالية، تحت عنوان "جبهة لبنان، وبحث تحديثات الخطة العملياتية الإسرائيلية بخصوص حزب الله".

في غضون ذلك، ذكرت قراءات إسرائيلية في الأيام الأخيرة، أن "الضربة الاستباقية" لمنصات وصواريخ حزب الله فجر 25 آب/أغسطس الفائت، كان هدفها البعث برسالة إلى حزب الله، ومفادها تعريف الحزب بقدرات إسرائيل الاستخباراتية والعسكرية، في حال اندلعت الحرب الواسعة. 

لكن هذه القراءات أقرت بأن الغاية من تلك الضربة، وهو تقليل مستوى استهدافات حزب الله للعمق الإسرائيلي، لم تتحقق، بدليل عودة تصاعد وتيرة هجمات حزب الله. وأشارت تحليلات عبرية إلى أنّ الجيش يحاول تقليص حجم وكثافة هجمات حزب الله عبر قصف مستمر لمنصات صواريخه، ومصادر إمداده بالأسلحة.

في السياق، قال الإعلام العبري إنه لا جديد في تعليمات الجبهة الداخلية بخصوص نهاريا والبلدات التي تبعد من حدود لبنان أكثر من عشرة كيلومترات، حيث لم يشملها إخلاء السكان، لكنه اعتبر أن انتقال "شعور عدم الأمان" إلى سكان هذه المدينة، هو "أمر لا يبشر بخير".

المقاربة الأميركية
وأوضحت أقلام إسرائيلية أن هدف الولايات المتحدة من إنجاز صفقة لوقف إطلاق النار في غزة، ولو بشكل جزئي، هدفه تهدئة الجبهة الشمالية، والجبهة اليمنية، وغيرهما، من منطلق أن تراجع وتيرتها لشهرين، سيجعل من الصعب عملياتياً أن تعود إلى وتيرتها السابقة، وهو ما سيضمن تهدئة تدريجية، بمنظور واشنطن.

ويبدو أن مسارعة مسؤولين أميركيين إلى تحميل "حماس" مسؤولية فشل جهود وقف إطلاق النار، قبل طرح المقترح الجديد للصفقة، هدفه قطع الطريق على حزب الله وإيران، لعدم تصعيد المواجهة، عبر الزعم أن سبب الفشل هي "حماس.. لا إسرائيل".

ولتحقيق الغاية المنشودة، أطلقت واشنطن إشارات إعلامية تفيد ببدء الإدارة الاميركية بلورة خطة بديلة لحل دبلوماسي في الجبهة الشمالية، في ظل الطريق المسدود الذي آلت إليه المفاوضات مع حماس، وفق ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين أميركيين.

ترسانة حزب الله.. وحصيلة القتال
بدوره، استعرض موقع "ألما" المقرب من الاستخبارات الإسرائيلية، ترسانة حزب الله من الصواريخ، إذ قدر أن الحزب يمتلك 65 ألف صاروخ بمدى 80 كيلومتراً، إضافة إلى امتلاكه نحو 150 ألف قذيفة، يصل مدى بعضها إلى عمق 10 كيلومترات.

وادعى الموقع أن حصيلة القتال الجاري في جبهة لبنان منذ نحو 11 شهراً، تمثلت بمقتل 22 جندياً إسرائيلياً، و25 "مدنياً"، أي بمجموع 47 شخصاً. كما تسببت هجمات حزب الله بـ"حرق 189 ألف دونم في مئات المواقع في شمال إسرائيل"، بحسب الموقع العبري.
ووفق أرقام موقع "ألما"، فإنه منذ بدء القتال، وقع أكثر من 2900 هجوم في الساحة الشمالية، نفذ حزب الله غالبيتها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها