الإثنين 2024/09/02

آخر تحديث: 13:37 (بيروت)

عمليات الخليل: لغز "الخلايا النائمة"

الإثنين 2024/09/02
عمليات الخليل: لغز "الخلايا النائمة"
مقتل 3 إسرائيليين بعملية في ترقوميا (Getty)
increase حجم الخط decrease
تتخذ العمليات العسكرية الفلسطينية في الضفة الغربية، منحىً تصاعدياً يوماً بعد آخر، كماً ونوعاً ومساحة، رغم التأهب الإسرائيلي الأشد.
ودخلت محافظة الخليل، الواقعة جنوب الضفة، على خط أحدث العمليات، عبر عملية إطلاق نار استهدفت مركبة للشرطة الإسرائيلية، قرب حاجز ترقوميا، غربي الخليل، صباح الأحد. وأسفرت العملية عن مقتل ثلاثة من عناصرها، وذلك بعد يوم من وقوع عملية مزدوجة، تخللها تفجير سيارة مفخخة وإطلاق نار، في تجمع مستوطنات غوش عتصيون، نتج عنها جريحان، أحدهما قائد لواء "عتصيون"، قبل أن تتمكن قوات الاحتلال من قتل المنفذَين.
ووفق مراسلين عسكريين إسرائيليين، فإن الجيش يحقق في احتمال أن يكون منفذ عملية إطلاق النار الجديدة غربي الخليل، هو أحد أفراد جهاز "حرس الرئاسة" التابع لرئيس السلطة الفلسطينية، ما يشير إلى أن دائرة الانخراط في هذا النهج العملياتي في اتساع أيضا، وقد دخل على خطها أشخاص مدربون على استخدام السلاح، وهو سيناريو لطالما حذرت منه مستويات أمنية إسرائيلية. 
وجاءت عمليتا الخليل بعد نحو أسبوعين من انفجار سيارة، في حلحول، شمال الخليل، وحاولت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية فك لغز الانفجار حينها، بدءاً من مصادرة المركبة التي تعرضت للانفجار الغامض، وسط فرضية روجها الاحتلال بأن عبوة ناسفة انفجرت على متن تلك السيارة، نتيجة خلل فني، قبل وصولها إلى هدفها المقصود.

الخليل.. ونهج "الخلايا"
وقال خبراء عسكريون لـ"المدن"، إن عمليات الخليل الأخيرة تؤكد سمة ميدانية معهودة لهذه المحافظة الضفاوية، إذ تحتضن "خلايا نائمة"، توطئة لتنشيط عملياتها في "الوقت المطلوب"، وهي خاصية ميدانية لطالما ارتبطت بالخليل في سنوات مضت، وخاصة خلال الانتفاضة الثانية وما بعدها، بحيث تتألف خلاياها من عدد قليل من الأشخاص، بينما تبرز مناطق شمال الضفة بظاهرة المجموعات والتشكيلات المسلحة، التي تتخذ أسماء محددة، وتخوض مواجهة مباشرة مع قوات الاحتلال المُقتحِمة، وهي مفارقة دفعت إلى الاستنتاج السائد بأن طريقة النشاط الميداني للخليل، تبدو مختلفة.
ولعلّ عوامل ميدانية وأمنية ولوجستية وجيوسياسية، خلقت ظرفاً ميدانياً خاصاً في كل محافظة، على نحوٍ أنتج طبيعة معينة للمواجهة فيها مع المحتل، مع الأخذ بالاعتبار أن مدينة الخليل يقسمها الاحتلال إلى قسمين، ودأب تقليديا على نشر عدد كبير من كتائب جيشه وألويته فيها، وبمستوى أعلى من مناطق أخرى في الضفة، نظراً لوجود مستوطنات في قلب هذه المدينة، ومحيطها، إضافة إلى أسباب أخرى.
وباستذكار أحداث سنوات مضت، فإن عمليات بارزة نفذتها خلايا من الخليل ضد مستوطنات وأهداف داخل الخط الأخضر، وتوزعت بين إطلاق نار وتفجير، وخطف مستوطنين.

30 عملية.. خلال أيام
بدوره، قال مصدر من حركة حماس لـ"المدن"، إن الضفة الغربية شهدت خلال ثلاثة أيام نحو 30 عملية متنوعة، ما يشير إلى تصعيد ملحوظ في نشاط المقاومة، من ناحية تنوعها، وتعدد الجبهات.
واعتبر المصدر الحمساوي أن استخدام سيارات مفخخة وعبوات ناسفة، بمثابة "تطور" في نوعية الهجمات الفلسطينية في الضفة، خصوصاً في المناطق التي يصعب فيها الاشتباك المباشر، أو تتطلب اختراقاً أمنياً كبيراً.
واللافت في قراءة حماس لعمليات الضفة المتصاعدة، أنها ترى فيها فرصة لتحقيق هدفين: الأول تشديد الضغط الميداني على الاحتلال، لوقف عدوانه على غزة. أما الهدف الثاني، فيتمثل بإثبات نظرية الجبهات الموحدة، رغم حرب الإبادة على غزة، والمساعي الإسرائيلية المستمرة للفصل بين ساحتي الضفة والقطاع، وأيضاً تحييد أي اتصال مع جبهات خارجية.
بتحدٍ مستجد
في إسرائيل، نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر أمنية أن السيارات المفخخة، تشكل تحدياً جديداً للجيش والاستخبارات، واصفة إياها بالـ"خطيرة جداً"، كما ادعت أن هذا النهج يثير تساؤلات بشأن علاقتها ب"أيادٍ خارجية تحرك الضفة". وتابعت أجهزة الاحتلال أن عملية "غوش عتصيون"، هدفت إلى إيقاع عدد كبير من القتلى، وفق تقديرات جيش الاحتلال.
وادعى الاحتلال أن الدافع من حملته العسكرية في شمال الضفة، هو منع عملية مشابهة لواقعة "غوش عتصيون"، شمال الخليل.
ولفتت قراءات عسكرية إسرائيلية إلى أن تحذيرات الأمن السابقة من انفجار الضفة، أصبحت "حقيقة"، بدليل توالي الأحداث الأمنية المتلاحقة فيها.
وبحسب تلفزيون "مكان" العبري، فإن جهاز الشاباك توقع العمليات الأخيرة، على خلفية تلقيه إنذارات بذلك، وتعهد حماس بتصعيد الهجمات في الضفة. في حين، زعمت مصادر عسكرية إسرائيلية أن نشطاء حماس والجهاد الإسلامي في الضفة، بدأوا باستخدام قذائف محمولة على الكتف.
ولفتت تحليلات عسكرية عبرية إلى أن هجمات الخليل، جاءت بعد فترة من "هدوئها النسبي"، مضيفة أن منفذيها يمتلكون "قدرة عالية على استخدام السلاح، وتخطي الإجراءات الأمنية الإسرائيلية".

لغز إسرائيلي بلا حل
ويُستنتج من معطيات رصدتها "المدن"، أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تواجه صعوبة في حل اللغز، بشأن كيفية وطريقة وصول متفجرات وأسلحة إلى مناطق الضفة، بــ"كميات هائلة". وبيّنت أن الحملة العسكرية الأخيرة في جنين وطولكرم ومناطق أخرى، لم تمكّنها من إيجاد إجابات حاسمة بهذا الخصوص.
ووفق ادعاءات إسرائيلية، فإن المواد الخام للمتفجرات، وأيضاً الأسلحة الرشاشة، تصل إلى الضفة من جهة الأردن أولاً، ولبنان ثانياً.
وحاول الاحتلال دعم ادعاءاته حول "تهريب" بنادق وأسلحة مختلفة عبر الحدود، وصولاً إلى الضفة، بقوله إن رقمها التسلسلي "غير معرّف" لديه، وهو ما يستبعد فرضية أن يكون مصدرها مقرات عسكرية إسرائيلية، أو جهات أخرى داخل الخط الأخضر.
وأوردت تقارير عبرية أن أحد أهداف الحملة العسكرية الإسرائيلية في شمال الضفة، هو محاولة معرفة "قنوات تهريب الأسلحة، والتي ما زالت مجهولة بالنسبة لأجهزة الاحتلال الأمنية".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها