الإثنين 2024/08/19

آخر تحديث: 14:35 (بيروت)

دفع إسرائيلي لحرب استباقية ضد لبنان: التسوية سراب؟!

الإثنين 2024/08/19
دفع إسرائيلي لحرب استباقية ضد لبنان: التسوية سراب؟!
يرى المحللون أن نفق "عماد 4" يستدعي التحرك والهجوم (الاعلام الحربي)
increase حجم الخط decrease
لعلّ ما يُمكن استنتاجه من قراءات ومقالات عبرية بشأن مستجدات جبهة لبنان، هو أن معضلة إسرائيل الجوهرية تتعدى مسألة الردّ المنتظر من إيران و"حزب الله"، انتقاماً لاغتيال رئيس مكتب "حماس" إسماعيل هنية، والقائد العسكري فؤاد شكر، والذي دفعها إلى تأهب قاسٍ منذ نحو ثلاثة أسابيع..

فالمعضلة الاستراتيجية بمنظور تل أبيب، هي ما يمثله "حزب الله" من خطر تعدّه وجودياً، وبمستوى أكبر من إيران نفسها؛ ذلك أن الحزب موجود في لبنان الملاصق لفلسطين، وهو ما يجعل مسافة المواجهة صفراً، بحسب إفادات عسكرية استعرضتها شاشات التلفزة العبرية في الأسابيع الأخيرة، وأحدثها مقال كتبه المتخصص بشؤون العالم العربي، والباحث في دراسات الشرق الأوسط بجامعة بار إيلان، يهودا بلانغا، إذ حرض باتجاه شن حرب "استباقية وحاسمة" ضد حزب الله، بدلاً من الركون الى تسوية سياسية.

"عماد4"..كذريعة إسرائيلية للحرب
وبموجب هذه المقاربة، شدد يهودا بلانغا في مقاله التحريضي الذي نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على "ضرورة التعامل المسبق مع مفاهيم حزب الله"، مستعرضاً "خطر الحزب" المحدق بالدولة العبرية. وبدا أن بلانغا تحمّس أكثر لنشر مقاله الداعم لخيار الحرب على حساب التسوية، إسوة بمحللين إسرائيليين آخرين، في أعقاب نشر "حزب الله" فيديو "عماد 4" أخيراً، كشف فيه بعض ما لديه من أنفاق تحت أرضية، وبأعماق كبيرة، ومساحات واسعة.

وهنا، يقول الكاتب بلانغا إنه لا بد من تفكير إسرائيل بطريقة أخرى، لاختيار مسار جديد ومغاير لذلك الرامي إلى تسوية مع "حزب الله"؛ من أجل "ضمان الهدوء والاستقرار على الحدود الشمالية".

ويستند الكاتب الإسرائيلي في "ذرائعية" الحرب الى أنه "لا فائدة من أية تسوية سياسية مع حكومة لبنان، حتى لو تم ضمانها بتعهدات دولية".

تأجيل مواجهة
من المؤكد أن ما قاله يهودا بلانغا ليس طرحاً شخصياً، إذ يشاركه الرأي كتّاب استراتيجيون وأمنيون أيضاً، من منطلق الزعم بأن تسوية كهذه، ستؤجل المواجهة العسكرية الحتمية مع حزب الله لفترة زمنية أخرى؛ لكن الحزب سيواصل عمليات تعظيم قوته العسكرية، وتحسين أدائه، واستخلاص العبر، ومعالجة "مواطن الإخفاق" في القتال الدائر منذ أكثر من 10 أشهر؛ لتكون يده هي العليا في أية مواجهة عسكرية مع إسرائيل مستقبلاً، كما يقول المتحمسون في إسرائيل للحرب الواسعة.

بهذا المعنى، سعى يهودا بلانغا إلى شرعنة مطالبته بتغليب "الحرب أولاً"، بقوله إن أية مقترحات تتعلق بانسحاب مقاتلي حزب الله إلى ما وراء الليطاني ضمن اتفاق معين، هي مجرد "سراب يحسبه الظمآن ماءً"، على حد تعبيره.. مدعياً أن الحزب ينشط منذ سنوات "تحت عيون اليونيفيل في جنوب لبنان"، وأنه يستعد لحرب مقبلة "عبر حفره أنفاقاً، وتخزين عتاد وسلاح وصواريخ في مناطق لبنانية متعددة، ولن يتخلى عن مواجهة كهذه، ولن يقبل تسوية سياسية نهائياً". وختم بلانغا مقاله بتأكيد دعوته إسرائيل إلى استخلاص "العبر اللازمة من أجل درء هذا الخطر الحقيقي".

حرب شاملة
وما ذهب إليه المقال يدعمه أيضاً مستوطنون نزحوا من مستوطنات محاذية للبنان، على وقع هجمات حزب الله منذ 8 أكتوبر/تشرين أول الماضي. فنظم هؤلاء مظاهرة احتجاجية قبل أيام، دعوا فيها الحكومة الإسرائيلية إلى اتخاذ قرار بالحرب الشاملة على الحزب، لحسم الوضع الأمني في المنطقة الشمالية، تحت عنوان أنهم "لن يعودوا إلى الشمال من دون حسم أمر حزب الله".

إحباط ضربة استباقية
في غضون ذلك، استعان التلفزيون العبري الرسمي بضابط الاستخبارات السابق جاك نيريا، وهو من أصول لبنانية، كي يتحدث عن خطر حزب الله، ونفقه الذي كشفه أخيراً، إذ حاول دق إسفين "طائفي" بين اللبنانيين، عبر زعمه أن نفق "عماد 4" موجود في منطقة مسيحية بكسروان. وتساءل نيريا: "كيف عمل النفق من دون أن يواجهه أحد، وهو عبارة عن أوتوستراد من البقاع حتى شاطئ البحر المتوسط، ومن يعلم أين أنفاق عماد1 وعماد2، وعماد3، وغيرها؟!".

واعتبر نيريا أن رسالة الحزب من كشف أحد أنفاقه هو الرد على ما يسمعه في الإعلام الإسرائيلي بشأن "ضربة استباقية ضده"، إذ أراد حزب الله، بمنظور الجنرال نيريا، أن يقول لتل أبيب: "إن أردتم استهدافنا بضربة استباقية.. نحن وترسانتنا موجودون تحت الأرض".
لكن المذيع المُحاوِر لجاك نيريا قفز إلى سؤال انتهازي عن انقطاع التيار الكهربائي في لبنان، وما إذا كان ذلك يشكل "فرصة لإسرائيل" استخباراتياً وعسكرياً؟

وكانت إجابة نيريا الذي شغل أيضاً منصب مستشار لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين، مرتكزة حول جدية خطر تدحرج الأمور نحو الحرب الإقليمية، رغم عدم رغبة حزب الله بها؛ لأنه يوماً بعد آخر "تتوسع دائرة الاستهدافات الإسرائيلية ضد حزب الله، ورد الأخير عليها". وأكد نيريا أن رد الحزب على اغتيال قائد العسكري فؤاد شكر "حتمي"، وليست له علاقة بوقف إطلاق النار من عدمه.

هاجس "7 أكتوبر جديد".. من الجولان!
وفي سياق تلويح إسرائيل بالحرب، بث التلفزيون العبري الرسمي "مكان" تقريراً جديداً يوثق تدريبات متواصلة للجيش للتعامل مع سيناريو اتساع رقعة الحرب، وخصوصاً ما وصفه "بهجوم بري مباغت"، باعتباره أحد التهديدات التي يستعد لها الجيش بمنطقة الجولان في الآونة الأخيرة. وأشار التقرير الى أنه، في خضم انتظار رد إيران وحزب الله، عزز الجيش الإسرائيلي قواته في الجولان، عبر الدفع بوحدات مختلفة ووسائل تكنولوجية متقدمة، توطئة لأي سيناريو محتمل.

واللافت أن التقرير تضمن مشاهد لبرك مياه اجتازتها دبابة، ومنازل، وأتربة مبللة بمياه، كما لو أن التدريبات تحاكي خوض معركة خلال فصل الشتاء، ما يثير تساؤلاً بشأن ما إذا كانت إسرائيل تستعد لسيناريو معين خلال طقس محدد.

وحدة المسيّرات
كما استعرض التقرير ومدته ثلاث دقائق، وحدة المسيرات التابعة للواء 474 في هضبة الجولان، وهي وحدة تم تطويرها حديثاً، وزُودت بـ"أفضل التقنيات"، وأُرسلت إلى الجولان تحديداً في سياق "استخلاص العبر لهجوم 7 أكتوبر"، في إشارة ضمنية من التقرير إلى خشية وهاجس من تسلل مقاتلين من جهة سوريا. وتحدث أحد أفراد هذه الوحدة للتلفزيون العبري، وهو مغطى الوجه، فوثق تتبع مسيّرات لما وصفه بـ"نشاط مشبوه" في الجانب الآخر للحدود، قبل أن يتم قصف مبنى في منطقة القنيطرة، بحجة استهداف خلية وأسلحة.

وقال العضو بوحدة "المسيّرات" إن مهمتهم تتركز على إجراء مسح جوي يومياً؛ لإعطاء "صورة أفضل" للمقاتلين في الميدان، وفي بعض الأحيان مهاجمة أهداف وخلايا وأسلحة يتم نقلها إلى القنيطرة.. مدعياً أنهم يرصدون "تحركات في المنطقة، منها تهريب سيارات وأسلحة وأشخاص".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها