الثلاثاء 2024/08/20

آخر تحديث: 13:49 (بيروت)

ريتا الجميّل... في "الهند ورحلات أخرى" لا مكان للغمّ

الثلاثاء 2024/08/20
increase حجم الخط decrease
تعرض الفنانة ريتا الجميّل، لدى "غاليري إكزود – أشرفية"، مجموعة من الأعمال ذات الأحجام المتوسطة، منفّذة بتقنية الأكريليك، وذلك تحت عنوان "الهند ورحلات أخرى" L'Inde et autres Voyages. أتت اللوحات المنضوية تحت هذا العنوان، وكما تشير التسمية، نتيجة زيارة قامت بها الفنانة إلى الهند وبلدان أخرى، القريب منه والبعيد.
 
في معرضها السابق، في الغاليري نفسها، كان لبنان "الذي يخرج من العتمة" موضوعاً تشكيلياً لدى الفنانة. طغى جو من التفاؤل على لوحاتها حينذاك، بعدما أزاحت المأساة المحيطة بنا جانباً، وذلك ضمن أجواء ذات علاقة بمشاهد مدينية، أو غير مدينية. في تلك الأعمال، كانت الجميّل قد راقبت المشهد ورسمت انعكاساته في مخيّلتها، قبل أن ترسمه على القماش.


أمّا في المعرض الحالي، الذي أتى بعد زيارة لها إلى الهند، فلا مكان في الأعمال التي ألهمتها الزيارة لأي نوع من الغمّ. فالهند، كما هو معروف لمن زارها، أو لمن شاهد أفلاماً بوليوودية، تبدو بلداً ملوّناً في الأساس. أرض وزوايا نشرت فيها الطبيعة ما ينتج من أرضها، خضار ثمار، وألبسة تقليدية، تنضح جميعها بألوان حارة، وذلك في بلد ذي كثافة سكانية قياسية، وانتشار ملحوظ لأنواع النشاط والحركة لدى السكان.

هذه المعطيات سنلاحظها من دون جهد في أعمال الفنانة، التي جاءت أشبه ببطاقات سياحية، أو بالأحرى قد تصلح تماماً للعب هذا الدور، مع الفرق في أن البطاقات السياحية العادية تركز، عادة، على أمكنة معينة معروفة وشهيرة، من عمارات ومبان تاريخية، وحدائق ذات هندسة مدروسة. في حين استطاعت الفنانة رصد مشاهد قد تكون عادية في الظاهر، لكنه غنية بصفاتها المحلّية، ولا تلحظها سوى العين العارفة، القادرة على التقاط المضامين الحساسة والشعورية، المتأتية من تلك الأمكنة. أمّا العامل الآخر الذي يميّز الأعمال المعروضة عن الإهتمام السياحي، فهو ذاك الإهتمام الذي أولته الجميّل لبناء اللوحة، سواء انتمَت إلى نطاق المشهد الطبيعي، أم كانت تمثل شخصيات ضمن محيط طبيعي أو مديني.

وبعيداً من ذلك، أي من الفكرة السابقة، واتباعاً لنهج كانت ابتكرته الجميّل، ورأينا مفاعيله في معارضها السابقة، فقد عمدت خلال زيارتها، أو زياراتها إلى أماكن مختلفة، إلى لملمة بعض الأشياء الصغيرة المختارة، والتي يسهل حملها: حصى أو أوراق شجر، أو فاكهة وقماشات ملوّنة، على سبيل المثال، ومن ثم تضمين العمل الفني هذه الأشياء بطريقة الإلصاق، مما يُضفي على اللوحة طابعاً خاصاً.


على أن هذا الأسلوب لا يتعارض مع الوجه العام للمنتج، إذ لا تكون مهمته لفت الإنتباه إلى زاوية معينة دون الأجزاء الأخرى، بل أتى على نحو منسجم مع الجو العام، بالرغم من اتخاذه حجماً يشبه العجينة اللونية السميكة التي يفضّلها بعض الرسامين، والتي قد تساعد في تحديد الأبعاد في الرسم. وفي كل الأحوال، لم تولِ الفنانة أهمية للمنظور، وقد أصبحت الشخصيات، في بعض الأحيان، جزءاً من المشهد العام، كما في ذاك العمل الذي يمثل مزارعتين تعملان في الحقول. أمّا في ما يخص تمييز الشخصيات عن خلفياتها، فقد لعب اللون في هذه العملية دوراً حاسماً، وذلك من خلال التعاكس الواضح ما بين الحار والبارد، حين تصطبغ الشخصية بلون يخالف خلفيتها. وإذا أتى عمل من الأعمال مرتكزاً على الحار دون سواه، ففي ذلك إشارة إلى الدفء، النفسي من جهة، والخارجي من جهة أخرى، في بلاد لا تعرف مناخاً بارداً، وهو الدفء نفسه المعتمل في روح الفنانة، التي يبدو أن التفاؤل، الذي سبق ذكره، ينسحب على شخصيتها في الظروف كلّها، ومهما كانت طبيعتها.
      
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها