الإثنين 2024/08/19

آخر تحديث: 17:35 (بيروت)

تفجير تل أبيب: إيذان باستراتيجية جديدة للمقاومة؟

الإثنين 2024/08/19
تفجير تل أبيب: إيذان باستراتيجية جديدة للمقاومة؟
© Getty
increase حجم الخط decrease
تحاول الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تفكيك الشيفرة الخاصة بعملية التفجير، التي وقعت في تل أبيب، ليل الأحد، وأسفرت عن مقتل رجل خمسيني، عدته وسائل إعلام عبرية منفذ العملية، إضافة إلى إصابة آخر بجروح متوسطة.

إنذارات سابقة.. ولا إجابات حاسمة
ويحاول جهاز الشاباك، وتشكيلات أمنية أخرى، فهم ظروف دخول المنفّذ، ومعه العبوة الناسفة في حقيبة حملها على ظهره، مروراً بتحليل مكونات العبوة المستخدمة، وكيفية ومكان صنعها، والجهة المشاركة في التخطيط والتنفيذ، وما إذا كانت صلة لجهات خارجية على صعيد المساعدة التقنية والفنية في الواقعة. 
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر أمنية في تل أبيب، أن "معجزة كبيرة" حدثت نتيجة انفجار العبوة قبل وصول المنفّذ إلى هدفه، ما منع وقوع عدد كبير من القتلى، لكن المخابرات الإسرائيلية لم تحسم وجهة المنفذ النهائية، فهل كان يقصد كنيساً يبعد عنه 15 متراً؟ أم مركزاً للتسوق في الجوار؟
ورغم عدم تمكن الأجهزة الإسرائيلية من الوصول إلى إجابة حاسمة، إلا أنها رجحت أن انفجار العبوة في شارع غير مزدحم، نتج عن "خلل فني". وأعلن الاحتلال أن المنفذ يتحدر من الضفة الغربية، بينما ذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" أنه من منطقة نابلس، وقد نشر الإعلام العبري صوراً للمنفذ، تم التقاطها من كاميرات مثبتة في المكان، قبل فترة وجيزة من التفجير.

تل أبيب منفذ عملية التفجير
وجاء تفجير تل أبيب بعد 5 أيام من انفجار سيارة في الخليل جنوبي الضفة، زعم الاحتلال أنها كانت محملة بعبوة ناسفة كانت معدة للاستخدام في العمق الإسرائيلي، لكنها انفجرت خطأ قبل وصولها إلى هدفها. بينما أشار مراسلون عسكريون لقنوات عبرية، إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تلقت إنذارات مسبقة، بشأن تنفيذ عمليات داخل الخط الأخضر.

ماذا وراء التبني السريع؟
وبغض النظر عن نتيجة الانفجار، فإن وقوعه في عمق تل أبيب، أثار تساؤلات كثيرة، خصوصاً أنه أعاد إلى الأذهان موجة العمليات التفجيرية داخل الخط الأخضر إبان الانتفاضة الثانية، قبل أن تتوقف لسنوات إثر تفكيك الاحتلال البنية التحتية العسكرية للفصائل في الضفة، وإقامته جدار الفصل العنصري، بموازاة تشديد إجراءاته الأمنية على النقاط والحواجز بين مناطق الضفة وأراضي الـ48.

وجاء التبني المشترك من كتائب "القسام"، و"سرايا القدس"، لعملية التفجير في تل أبيب، ليُضاعف الأسئلة والتحليلات حول ما جرى، وما إذا كان إيذاناً بانتقال المقاومة إلى مرحلة جديدة من التفجيرات، مُستهدفة العمق الإسرائيلي، على غرار حقبة الانتفاضة الثانية. واللافت أن الذراع العسكري لحماس أعلنت تبينها للعملية عبر صفحتها الرسمية في "تلغرام"، وهو أمر أعطى دلالة إضافية بشأن صدور الإعلان من قيادة القسام العليا.

وقال مصدر من حركة "حماس" لـ"المدن"، إن سرعة إعلان التبني، تيشير إلى مستوى عالٍ من الإعداد والاتصال في إدارة العملية، لكنه لم يؤكد ولم ينفِ ما إذا كان بيان القسام بإيعاز من رئيس المكتب السياسي لحماس يحيى السنوار، خصوصاً أن العملية، ثم تبنيها، قد حملا خصوصية من ناحية التوقيت، والسياق، والرسائل.

وبشأن ما إذا كان تفجير تل أبيب بمثابة انطلاقة لاستراتيجية ومعادلة جديدة للمقاومة في أراضي الـ48، أشار المصدر إلى أنه بالنظر إلى السياق، والتوقيت، فإن العملية بدت جزءاً من تكتيك جديد تتبناه كتائب القسام، بالتعاون مع خلايا فلسطينية داخل الخط الأخضر، وفي الضفة الغربية.

وأكد المصدر المقيم في غزة، أن القسام تسعى إلى استثمار الساحة الداخلية الإسرائيلية كمنصة لاستهداف العمق الإسرائيلي، باعتبار أن مثل هذه العمليات تحمل بصمة واضحة لتكتيكات القسام في زمن "العمليات الفدائية".

وتعتمد هذه الاستراتيجية، وفق المصدر، على استخدام تقنيات متطورة، مثل العبوات والأحزمة الناسفة، من دون استبعاد إمكانية الاستفادة من دعم خارجي، إما بخبرات من بعد، أو تقديم تقنيات معينة، لتنفيذ هذا النوع من العمليات التفجيرية.

خلايا نائمة!
وأضاف المصدر الحمساوي أن استمرار هذه العمليات لاحقاً، سيشكل تأكيداً آخر على أن القسام نجحت في بناء شبكات داخلية نائمة، يتم تفعيلها في اللحظة المناسبة.

وبمنظور حماس، فإن العمليات التفجيرية تمثل تهديداً استراتيجياً مباشراً لإسرائيل، لأن استهداف العمق الجغرافي والديمغرافي، يُضطر إسرائيل إلى تكثيف جهودها الاستخباراتية والأمنية في الداخل، وهو ما يعني أيضاً تشتيت وإرهاق جهودها الأمنية الموزعة على جبهات متعددة.

ويعتقد المصدر الحمساوي أن نجاح هذا النهج العملياتي من حين إلى آخر، يعكس خرقاً أمنياً قد يكون له تأثير كبير في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، سواءً من حيث الشعور بالأمان، أو من ناحية الضغوط السياسية على الحكومة الإسرائيلية. وأكد أن الرسالة الأبرز من التبني الرسمي للتفجير، هي أن هذا النوع من العمليات يُظهر أن الصراع لم يعد مقتصراً على حدود معينة، بل بات يمتد إلى الداخل الإسرائيلي نفسه، وأن الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية أصبحت أمام مواجهة مع تحديات على جميع المستويات.

ويرى متخصصون في الشأن الإسرائيلي أن عملية تل أبيب قد تؤدي إلى تصعيد أمني وعسكري جديد، خصوصاً بعد تبني القسام وسرايا القدس للعملية، على نحو تتخذه إسرائيل ذريعة لتكثيف هجماتها على الضفة وغزة، ما يفتح الباب أمام مواجهات أوسع على جبهات متعددة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها