الثلاثاء 2014/05/27

آخر تحديث: 01:12 (بيروت)

ريف إدلب: معارك وانتصارات

الثلاثاء 2014/05/27
ريف إدلب: معارك وانتصارات
الطريق الدولي من شمال حماة وانتهاءً بباب الهوى تحت سيطرة الثوار (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
 شعر الشاب أحمد ذو التسعة عشر عاماً، برهبة تسري في أنحاء جسده، وهو يقترب من الساتر الترابي الذي يفصل الحاجز عنهم. مازال يتذكر جيداً كيف اعتقلوا والده وإقتادوه إلى هنا. لا تفارق ذاكرته المقاطع المصورة المضبوطة مع جنود قوات النظام الأسرى، وتظهر فيها أنواع التعذيب الذي يحل بالمعتقلين داخل الحاجز. حفظ أشكال من عذبوا والده ورفاقه على هذا الحاجز حتى فارقوا الحياة.

لم يتردد أحمد اطلاقاً، فقد كان من أول المقتحمين في العملية التي نفذتها فصائل ثورية وإسلامية. قبل الإقتحام تمّ تفجير سيارتين مفخختين، لنسف حاجزي السلام والخزانات، في خان شيخون بريف إدلب. وذلك ضمن معركة "وأمرهم شورى بينهم"، التي إتفقت بعض الفصائل لتنفيذها، ودك الحواجز والسيطرة عليها.
 
قبل ذلك، كان الثوار قد حرروا واحداً وعشرين حاجزاً في أقل من ثلاثة أشهر. ليصبح معظم الطريق الدولي تحت سيطرة قوات المعارضة المسلحة؛ من شمال حماة وانتهاءً بباب الهوى على الحدود التركية، مروراً بخان شيخون ومعرة النعمان وسراقب.
 
العملية الأخيرة بدأت يوم الأحد، بتفجير مركبتين مفخختين؛ الأولى كانت عبارة عن عربة بي أم بي يقودها انتحاري، فجّر نفسه في حاجز الخزانات، والثانية كانت شاحنة مزودة بجهاز تحكم عن بعد، تم من خلالها نسف الحاجز الذي يحمي حاجز السلام. قتل خلال العمليات أكثر من 70 عنصراً من قوات النظام، وتمّ أسر العديد منهم، والاستيلاء على عتادهم. 
 
بالنسبة لحاجز السلام، يقول قائد ميداني للـ"المدن": "هذا الحاجز كان يعتبر العائق اﻷهم في تلك المناطق. فهو يعتبر خط إمداد لمعسكر وادي الضيف، وفي الوقت نفسه استخدمه النظام كمركز إعتقال وتعذيب للمدنيين. هذا عدا عن كونه مركزاً لقصف معظم قرى وبلدات ريف إدلب". منذ شهور حاول الثوار إقتحام الحاجز، ولم تتكلل محاولاتهم بالنجاح إلا مؤخراً، وذلك بعد اجتماع عدد من الفصائل المقاتلة إسلامية وثورية. وبالتالي أصبح ريف إدلب من أكبر المناطق المحررة في سوريا. ويضيف القيادي: "ومع المعارك الدائرة في جبل اﻷربعين، فيصبح الضغط على قوات النظام، في أكثر من موقع، ضمن المنطقة الجغرافية الواحدة، مما كان له دور كبير في التقدم والسيطرة، ولله الحمد".
 
وبعد السيطرة على حواجز خان شيخون، وتلك المحيطة بها، أصبح معسكر وادي الضيف واقعاً تحت حصار محكم. وتوعد المقاتلون بالسيطرة عليه خلال أيام. المسؤول في أحد الفصائل المشاركة في العملية، أبو صالح، أكد لـ"المدن" إمكانية إنهاء وجود مراكز النظام في إدلب وريفها. بل حتى احتمالية التوجه جنوباً، نحو حمص والعاصمة دمشق. فنسف الحواجز يعني "فتح معارك جديدة باتجاه الجنوب، في كل من حماة وحمص، ونقل العمليات إلى حلب". 
 
بدورها، لم تتأخر قوات النظام بالرد على المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة، حيث ألقت مروحية برميلاً متفجراً يحوي غاز الكلور السام على خان شيحون. وتوفي على الفور شخصان أحدهما طفل نتيجه تنشقهم غاز الكلور. في حين سجلت حالات اختناق بين المدنيين معظمها خطيرة، وذالك بحسب الدكتور مؤيد الخاني مدير المشفى الميداني بخان شيخون.
 
ويعزى لصواريخ "تاو" اﻷميركية، دور كبير في تغيير موازين القوة في ريف إدلب والسيطرة على الحواجز والتقدم باتجاه العمق. الصواريخ المضادة للمدرعات صارت بأيدي مقاتلي المعارضة المسلحة، واستخدمها الثوار في المعارك اﻷخيرة. كما أن توحد الفصائل في معركة واحدة، والتنسيق بينهم، كان له الدور اﻷكبر في تحقيق النصر. هذه العمليات ستكون مؤشراً ايجابياً بالنسبة لقوات المعارضة في العمليات القادمة، حيث يتوقع بأن نطاق المعارك سيشمل مناطق أوسع من الريف الجنوبي ﻹدلب.
 
increase حجم الخط decrease