الأربعاء 2014/06/18

آخر تحديث: 16:30 (بيروت)

نازحو البقاع: شقّة لـ8 عائلات.. وتخييم في حدائق مؤجرة

الأربعاء 2014/06/18
نازحو البقاع: شقّة لـ8 عائلات.. وتخييم في حدائق مؤجرة
في بعض الشقق يستغرق دخول دورة المياه أكثر من ساعتين!( الصورة: علي علوش)
increase حجم الخط decrease
لا يفكر الأولاد الثلاثون الذين لا يتعدى عمر أكبرهم العاشرة في الحرب الدائرة في بلادهم. لا يفكرون في الحي، المنزل، حديقة المنزل الخلفية أو حتى غرفة نومهم التي أصبحت مركزاً لأحد القناصين على الأغلب. يقفون في الطابور بهدوء متعب، لا يكلمون بعضهم، لا يتفاجأون، لا يتحمسون، ولا يفكرون بخصوصيتهم المنتهكة. يقطع الصمت صوت أصغرهم وهو يسأل بملل "أيمتين دوري؟"، فتجيب إحدى النساء الثماني التي تنظم الطابور "في خمسة قبلك بعد". لا تؤدي نهاية الطابور إلى هدية "بابا نويل" الموعودة. إنّه الروتين اليومي الذي يمتد لأكثر من ساعتين كل صباح للوصول إلى دورة المياه. وهذا ليس يوماً إستثنائياً عند الأطفال.

يتشارك  محمود وعائلته المكونة من 6 أشخاص كاراجاً لا تتوفر فيه أدنى مقومات العيش مع 7 عائلات أخرى تضم أصغرها 5 أشخاص وبكلفة 700 دولار شهرياً تتقاسمها العائلات الثماني في ما بينها. حالات كهذه لم تعد إستثناء في بلدة المرج البقاعية التي إستقبلت حوالي 15 ألف نازح منذ بداية الأزمة السورية.
وأدّى هذا التدفق إلى إرتفاع حاد في الإيجارات في بلدة المرج والبلدات المجاورة، حيث إرتفع إيجار الشقق ليصل إلى الألف دولار شهرياً، ويشترط الكلّ دفع إيجار ستة أشهر سلفاً، بعد أن كان إيجار الشقة المؤلفة من 4 غرف لا يتعدّى الـ300 دولار شهرياً. علماً أنّ معظم سكان البقاع لا يزالون يتلقون الحد الأدنى للأجور، أو أقلّ.
وبسبب زيادة الطلب على الشقق، فإن أي مساحة خالية باتت تشكل مصدر دخل مالي لأصحابها، بدءاً من الغرف المهجورة والمنسية، مروراً بالكاراجات، وحتى حدائق المنازل الخلفية، التي تؤجر لنصب الخيم عليها، وبإيجار شهري يبدأ من الـ50 دولاراً شهرياً لمساحة لا تتعدّى الـ24 متراً مربعاً.
لم تستطع أم محمد تحمل كلفة الـ250 دولاراً، مقابل غرفة واحدة وحمام لها ولأولادها الخمسة، فلجأت إلى إحد البساتين لتستأجر أرضاً تنصب عليه خيمتها. لا تتعدى مساحة الأرض الـ24 متراً مربعاً مقابل 70 دولاراً شهرياً. الإيجارالمرتفع ليس السبب الوحيد الذي دفع أم محمد نحو هذا الحل، ولكن العيش في خيمة لا تتسع لأكثر من موطىء قدم يضمن لها الحصول على مبلغ الـ30 دولاراً شهرياً من قبل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. "الخبز أهم من السقف"، تقول أم محمد بحرقة. 
لا تقتصر نتائج الأزمة على النازح السوري، بل تنعكس على المستأجر اللبناني الذي يجد صعوبة في التأقلم مع إرتفاع الأسعار بسبب زيادة الطلب على الشقق. لم يستطع محمد مسايرة مالك الشقة التي يسكنها منذ خمس سنوات بعد أن زاد المالك كلفة الإيجار من 300 دولار وصولا إلى 700 دولار. محمد يسكن مع عائلته في بيت حمويه الآن بعد أن قام المستأجر بتأجير الشقة لثلاث عائلات سورية.
في حين يتصارع السكان والنازحون للحصول على أرض تتسع لخيمة، تبدو بلدة لالا البقاعية وكأنّها بلدة مهجورة.  لا شيء يعكر صفاء البلدة وهدوء قصورها الخالية سوى زيارات المغتربين السنوية خلال العطلة الصيفية.
يرفض المغتربون تأجير قصورهم ويصرّون على الإبقاء على طابع معين للبلدة، وفق ما ذكر رئيس بلديّتها حسين طربيني. لا يتعدّى عدد النازحين السوريين هناك الـ2500 نازح ويتوزعون على الشقق والغرف المهجورة.
تجدر الإشارة إلى أنّ مساحة لالا تبلغ 13.74 كيلومتراً مربعاً، وتضم 2500 نازح فقط، فيما تبلغ مساحة المرج 8 كيلومترات مربعة وتضم 15 ألف نازح، أي حوالي 6 أضعاف عدد النازحين الموجودين في لالا، ما يخلق ضغوطاً إضافية وفروقات حتى داخل البقاع نفسه، بسبب التوزع غير المتكافئ للسكان والنازحين على السواء.                                              

increase حجم الخط decrease

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب