صور قادة حماس في طرابلس: طول عمرنا مع فلسطين

وفي وسط هذه الساحة، نسأل أحد المارة حول انطباعه عن هذه الصور، فيجيب: "نحن طول عمرنا مع فلسطين والقضية الفلسطينية وقادة مقاومتها، ولا يعني ذلك أننا نؤيد حزب الله في الداخل".

اللافت في طرابلس، أن صور قادة حماس والجهاد، لا يوازيه أي انتشار لصور حزب الله وعلمه، كما كان الحال في حرب تموز 2006.

لكن ذلك، لا ينفي جوًا من التعاطف مع الحزب، من دون أن يرقي إلى مستوى المصالحة الكاملة لدى شريحة واسعة من أبناء طرابلس والشمال عمومًا، بعد سنوات من القطيعة والخصومة والأحداث الأمينة والتفجيرات عقب الحرب السورية.

يقول رئيس بلدية طرابلس رياض يمق لـ"المدن"، بأن البلدية لم تمنح أي رخص لنشر هذه الصور، "لكننا نغض النظر لأن مدينتنا تتعاطف وتجاهر بولائها للمقاومة الفلسطينية، وقضية الشعب الفلسطيني وأهالي غزة ضد العدو الإسرائيلي".



من ينشر الصور؟
اللافت أن بعض الصور التي انتشرت لهنية عقب اغتياله، كانت موقعة باسم رئيس اتحاد نقابات العمال في الشمال شادي السيد، المعروف بولائه لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

كذلك تنشر الجماعة الإسلامية الصور، في تصرف يراه كثيرون طبيعيًا، طالما أن الفصيل "السنّي" اللبناني الوحيد الذي انخرط رسميًا في جبهة المساندة إلى جانب حزب الله، عبر "قوات الفجر"، التي سقط لها عدد من الشهداء.

كذلك، تفيد معلومات "المدن" أن حركة التوحيد الإسلامية، تعمد أيضًا إلى نشر صور لقادة حماس، في محاولة مستمرة لإعلان ولائها لحزب الله في الأساس، والذي تتقاضى منه منذ سنوات تكاليف ميزانيتها التشغيلية.

لكن ما لا يعرفه كثيرون عن حركة التوحيد، بحسب المعطيات، هو انقسامها عائليًا على نفسها إلى أكثر من فريق. ذلك أن بلال شعبان، وهو الأمين العام لحركة التوحيد، والذي ينشط على المستوى الشعبي، انفصل نسبيًا عن أشقائه، معاذ وأسامة وصهيب، الذي أخذوا على عاتقهم تشغيل الإذاعة والمستوصفات ومدارس ثانوية الرسالة. ويحاولون جميعًا ألا يؤثر ذلك على علاقتهم بحزب الله، الذي يمدهم بالدعم المالي واللوجستي شمالًا.

علاقة تاريخية
وواقع الحال، تستعيد طرابلس بهذه الصور، قصة علاقة تاريخية مع القضية الفلسطينية وفصائلها، اتسمت بالكثير من التعقيد والتغيرات. فمنذ تصاعد الصراع العربي الإسرائيلي في الستينيات والسبعينيات، تحولت طرابلس إلى مكان مهم للنشاط الفلسطيني، لا سيما بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من الأردن عقب أحداث أيلول الأسود عام 1970، واستقر العديد من فصائلها في الشمال بما في ذلك طرابلس.

لكن ما فعلته إسرائيل ابان اجتياح سنة لبنان 1982، ضد منظمة التحرير الفلسطينية، تابعه النظام السوري برئاسة حافظ الأسد حينها. ففي سنة 1983، وصل ياسر عرفات سراً إلى شاطئ طرابلس على متن زورق. بعد أشهر، وقعت اشتباكات عنيفة في طرابلس بين القوات الموالية لياسر عرفات والفصائل الفلسطينية المعارضة له بدعم من جيش الأسد، وانتهى الحصار بخروج منظمة التحرير الفلسطينية ومن بقي من قواتها، مع إجبار عرفات مرة جديدة على نقل مقراته إلى تونس ودول أخرى.

هذه الأحداث، شكلت منعطفات مفصلية في ترسيخ العلاقة الوجدانية بين طرابلس والقضية الفلسطينية وفصائل مقاومتها، بمعزل عن حسابات الداخل والخارج وخياراتهما.