السبت 2024/07/13

آخر تحديث: 15:28 (بيروت)

مصنع الإلكترونيات بـ"اللبنانية" واتفاقيات طلال أبو غزالة الملتبسة بلبنان

السبت 2024/07/13
مصنع الإلكترونيات بـ"اللبنانية" واتفاقيات طلال أبو غزالة الملتبسة بلبنان
منحت الجامعة اللبنانية طلال أبو غزالة شهادة دكتوراه فخرية في المعلوماتية (الجامعة اللبنانية)
increase حجم الخط decrease
أشاد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بطلال أبو غزالة "المؤمن بقدرة الشباب في الوطن العربي وفي لبنان على اكتساب المعارف التكنولوجية وتطويرها"، في كلمة له خلال افتتاح مصنع تجميع الأجهزة الالكترونية في مجمع الفنار الجامعي التابع للجامعة اللبنانية. وأثنى على التعاون المشترك بين الجامعة اللبنانية ومجموعة طلال أبو غزالة، التي تغيب رئيسها عن الافتتاح بسبب وعكة صحية، معتبراً أن "افتتاح مصنع للإلكترونيات في جامعتنا الوطنية خطوة رائعة، تترافق مع الجهود التي قامت بها الجامعة اللبنانية خلال فترة قصيرة، أعادت لها بريقها وموقعها العلمي والمهني".
فالقيمون على هذه الجامعة والعاملون فيها، على اختلاف مسمياتهم، يعلنون عن سعيهم لتحقيق التمايز في الصناعات التكنولوجية والبحث العلمي، ذلك أن مصنعا للإلكترونيات في حرم الجامعة سيتحول إلى مكان للإبداع والابتكار والإنتاج... ويفتح آفاقا واعدة للأجيال الشابة عبر ربط التعليم بالخبرات التقنية العالمية ودعم الصناعة المحلية العالية الجودة، لتنافس مثيلاتها المستوردة، على يد خبراء وأساتذة وطلاب من داخل الجامعة.

شهادة دكتوره فخرية
وكان رئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران قد وهب أبو غزالة يوم الأربعاء في 10 تموز الحالي، أي قبل يوم من افتتاح "المصنع"، شهادة الدكتوراه الفخرية في المعلوماتية، معرباً "عن تقديره للدكتور أبو غزالة الذي قدم إسهامات استثنائية في مجالات متعددة خدمة للمجتمع وللقضايا الإنسانية". أما وزير التربية عباس الحلبي فـ"بارك للدكتور أبو غزالة الدكتوراه الفخرية التي يستحقها بجدارة، لافتا إلى مساهمته ومواكبته الجامعة اللبنانية في تحوّلها إلى جامعة منتجة".

تعرض مجموعة أبو غزالة نفسها على أنها مؤسسة خيرية كرّست نفسها لخدمة الإنسانية بلا مقابل مادي. كلمات "مفتاحية" تدفع اللبنانيين الغارقين في أزماتهم إلى الاستنجاد بها. لكن ومن دون أي مراجعة للاتفاقيات الكثيرة التي عقدتها هذه المجموعة في لبنان، وكيف انتهت كمحطّة للترويج الإعلامي فحسب، اصطف مسؤولو الصف الأول والثاني والثالث والرابع... خلف أبو غزالة للإشادة بإنجازاته وعطاءته.

مراجعة بعض الاتفاقيات
عقدت مجموعة أبو غزالة اتفاقيات عدة تبين أن هدفها الترويج الإعلامي وانتهت من دون تحقيق أهدافها. وبعد المؤسسات الخاصة، أتى دور الجامعة اللبنانية، التي يشيد فيها المسؤولون اللبنانيون، لكن من دون تقديم أي مساعدة لها، بل إن مراجعة القرارات الحكومية تكشف التوجه العام لدعم الجامعات الخاصة على حساب الجامعة اللبنانية.

"المدن" راجعت بعض اتفاقيات مجموعة أبو غزالة للتأكد مما يشاع في الكواليس عن أن المجموعة نكثت كل الاتفاقيات بعدما استفادت من مبتغى الترويج الإعلامي. وفي مراجعة هذه الاتفاقيات مع مصادر موثوقة تبين أن مجموعة أبو غزالة قدمت ثلاثة مشاريع للجامعة اللبنانية نفسها، منذ قرابة السنتين، عبارة عن أجهزة كمبيوتر. وتم تجهيز ثلاثة غرف في الحدث والفنار وطرابلس، تحت مسمى "محطات المعرفة". في البداية كانت التسمية "مركز محو الأمية المعلوماتية"، لكن بما التسمية معيبة لجامعة مثل "اللبنانية"، التي لديها أساتذة أكفاء في المعلوماتية، جرى تسميتها "محطات معرفة". وتبين أن الكمبيوترات الموهوبة كانت بلا رخص لبرامج التشغيل واضطرت الجامعة إلى الحصول على الرخص من وزارة التربية. غير ذلك كانت الكمبيوترات بلا أي فائدة.

منذ قرابة العام وقعت مجموعة أبو غزاله اتفاقية مع الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكيّة لافتتاح محطة معرفة في مقر الأمانة العامة، وذلك في إطار دعم مختلف المؤسسات للتحول الرقمي والتطور التكنولوجي. "الأمانة العامة"، كما تؤكد المصادر، استدركت الأمر ورفضت الشروط التي تفرضها "المجموعة" في اتفاقياتها اللبنانية. وبما أن المشروع فشل فشلاً ذريعاً، ولم تتابع المجموعة الاتفاقية، تصرفت "الأمانة العامة" بالكمبيوترات العشرة، التي لم تكن مجهزة ببرامج تشغيل. ولم تؤسس محطة المعرفة.

تغيير الشروط لتصبح تعجيزية
ما حصل مع مؤسسات الرعاية الاجتماعية دار الأيتام مختلف تماماً. فالقيمون على "مؤسسات الرعاية" رأوا بالدعاية التي تروج لها المجموعة كعمل خيري إنساني فرصة لاستفادة طلابها. تواصلت "مؤسسات الرعاية" مع المجموعة، لكن بعد مفاوضات عدة طلب القيمون على "المجموعة" بيع الشهادات التي تمنحها للطلاب للحصول على نسبة من الأرباح. رفضت "مؤسسات الرعاية" الأمر، وأوقفت المفاوضات نظراً "للاختلاف بوجهات النظر والأهداف". فمؤسسات الرعاية غير ربحية ومجانية ولا يمكن أن تفرض أي رسم على الطلاب وتحقيق أرباح كي تتقاسمها مع مجموعة أبو غزالة، كما أكدت المصادر.

للعودة بالتاريخ إلى الوراء، وقعت مجموعة أبو غزالة اتفاقية مع المديرية العامة للأوقاف الإسلامية في العام 2005، لعقد استثمار عقار في منطقة المصيطبة في بيروت لتشييد مركز للمجموعة. بعد الصورة التذكارية والترويج الإعلامي، يقول أحد الشاهدين على الاتفاقية أن أبو غزالة طلب من فريقه تعديل الشروط لتصبح تعجيزية، فينسحب منها الطرف الآخر، ولا تحسب عليه. وهذا حصل. فقد طلب فريق أبو غزالة تمديد مدة الاستثمار من 35 سنة إلى خمسين سنة وتخفيض قيمة البدل السنوي الذي ستدفعه.

الدعاية التي تقوم بها المجوعة عن العمل غير الربحي تتنافى مع الواقع. فقد سبق وأكدت "المجموعة" لـ"المدن" أن الهدف من انشاء مصنع مع الجامعة اللبنانية غير ربحي ويأتي لتمكين لبنان وطلابه بتقنيات التصنيع والدخول في عالم الاختراعات والابتكار. لكن تبين أن أهداف المشروع ربحي وطلبت "المجموعة" ستين بالمئة من الأرباح، بموجب الاتفاقية مع الجامعة. والأخيرة بقيت سرّية (تمكنت "المدن" من الاطلاع عليها بعد استقصاءات عدّة) مثلها مثل الجدوى الاقتصادية من المشروع. وهذه الأخيرة لها أهمية قصوى لأنها تكشف مدى استفادة الجامعة من "المصنع" ومدى جدوى المشروع من الأساس في ظل المنافسة العالمية في هذا المضمار. ورغم ذلك تبقى أمور ومستقبل هذا المصنع مجهولة، بمعنى هل يكون له استدامة ومستقبل واعد، أم ينتهي به الأمر كمركز صيانة وتوزيع منتجات مستوردة من الخارج؟ وهذا الأمر معقود على الثقة بإدارة الجامعة ومجموعة أبو غزالة!


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها