استنفرت المدارس الخاصة حيال هذه الخسارة الكبيرة. ولم يبق مسؤول واحد في الدولة لم يشكُ من قرار وزير التربية حول دفع أهالي الطلاب مساهمة مالية بقيمة نحو خمسين دولاراً لصندوق لجان الأهل في المدارس الرسمية، كي تتمكن من تأمين المستلزمات الأساسية.
هال جميع المسؤولين تدفيع اللبنانيين خمسين دولاراً فقط لا غير على المدرسة الرسمية، فيما لم يحرّك أي مسؤول ساكناً حيال تعسّف المدارس الخاصة فرض أقساط تجاوزت الخمسة آلاف دولار على الطالب. لكن الأمر مدبّر: إحداث بلبلة بالتعليم الرسمي وإخافة اللبنانيين منه.
التباكي على التعليم الرسمي
لسان حال العديد من مدراء المدارس هو: هل السياسيون الذين يتباكون على الخمسين دولاراً سألوا أهالي الطلاب إذا كانوا يفضلون دفعها في المدرسة الرسمية، على دفع ألفي دولار في مدارس الدكاكين؟ ويؤكدون أن الأهالي يتقاطرون إلى المدارس ويقولون نريد دفع أكثر بشرط تعليم أولادنا من دون إضرابات.
العديد من المدارس في مختلف المناطق، بحسب مصادرهم، استقبلت للمرة الأولى منذ سنوات أكثر من مئة طالب جديد. وينقلون عن زملائهم المدراء تأكيدهم أنهم يستقبلون أعداداً غير متوقعة من الطلاب الجدد هذا العام. والسبب الأقساط الفاحشة في القطاع الخاص.
ويشكّك المدراء بتباكي المسؤولين على مجانية التعليم وحرصهم على عدم تحميل الأهالي مبلغ خمسين دولاراً. جل ما في الأمر، أنّ المسؤولين يعلمون أن لا قدرة للمدارس الرسمية على فتح أبوابها من دون الحصول على هذه الرسوم، ويصبّون الزيت على النار عوض وضع حلول. فيستدرجون حينها الدول المانحة لدفع الرسوم، لكن بعد بلبلة تربك التعليم الرسمي، ليخاف الأهل من المدرسة الرسمية.
دعم المدارس بالمنح المدرسية
يستطيع الوزير الحلبي أن يغسل يديه على غرار مدير عام وزارته، ويتبرّأ من تجاوزات المدارس الخاصة، وربما إدانة الفاسدين في وزارته (انتشرت في الآونة الأخيرة مكائد بعضهم ضد بعضهم الآخر على وسائل التواصل). لكن في ما يتعلّق بمالية الدولة وحاجة المدارس الرسمية للتمويل لا يستطيع إنكار حقائق ثابتة: كل الجلبة الحالية هي على نحو 15 مليون دولار، في وقت تنفق الدولة 300 مليون دولار لدعم التعليم الخاص. فعلى سبيل المثال، تعاونية موظفي الدولة ستتكبد نحو مئة مليون دولار كمنح مدرسية، والتقديرات لباقي الصناديق الضامنة في القطاع العام، والأسلاك العسكرية، والقضاة، تقارب مئتي مليون. فلماذا تنفق الدولة هذا المبلغ على دعم التعليم الخاص، في حين "تقطع الحكومة يدها وتشحذ عليها" عندما يتعلّق الأمر بدفع رسم التسجيل في المدارس الرسمية، للحفاظ على مجانية التعليم؟
فهل علينا أن نصدّق أن الدولة غير قادرة على دفع نحو 15 مليون دولار لصناديق المدارس الرسمية، كي يندفع الحلبي نحو خيار أخير أمامه بفرض الرسوم على أهالي الطلاب لتغذية صناديق المدارس؟ إذا كانت الدولة عاجزة عن دفع هذا المبلغ، لقاء تعليم نحو 290 ألف طالب وطالبة، لماذا تدفع منح مدرسية بمبلغ يفوق 300 مليون دولار إذاً؟
ورغم ذلك، من استفتى اللبنانيين حول دفع مبلغ خمسين دولاراً لتعليم أولادهم بالقطاع الرسمي؟ ولماذا هذا التحريض للأهالي على هذا الأمر في الوقت الحالي؟ هل خاف السياسيون من خسارة الطلاب في مدارسهم الخاصة فقرروا توتير الأجواء التي وصلت حد تلويح الحلبي بالاستقالة؟
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها