الجمعة 2024/01/12

آخر تحديث: 16:08 (بيروت)

المدارس الخاصة تُضرِب الثلاثاء: الحكومة ترسل الأساتذة إلى الجحيم

الجمعة 2024/01/12
المدارس الخاصة تُضرِب الثلاثاء: الحكومة ترسل الأساتذة إلى الجحيم
دعت نقابة المعلمين لعقد جمعيات عمومية يوم الإثنين للتصويت على الإضراب (عباس سلمان)
increase حجم الخط decrease
لم يلتفت مجلس الوزراء لمعاناة نحو 5 آلاف أستاذ متقاعد بالتعليم الخاص، باتوا على حافة الموت، فردّ القانون الذي صدر عن المجلس النيابي نهاية العام المنصرم، المتعلق بصندوق التعويضات. لكن الرد أتى سريعاً من نقابة المعلمين، التي دعت إلى عقد جمعيات عمومية الإثنين المقبل للتصويت على الإضراب المفتوح يوم الثلاثاء المقبل. وبرد القانون، بمعزل عن عدم قانونية الرد، الذي سيكون محط طعن، يكون مجلس الوزراء قد طعن ظهر هؤلاء الأساتذة، الذين ما زالت معاشاتهم التقاعدية لا تتجاوز الملايين الثلاثة. بمعنى أوضح: ما هو حاصل أن أستاذاً خدم المدرسة الخاصة لأربعين سنة من حياته، يجد نفسه اليوم براتب تقاعدي لا يتجاوز الثلاثين دولاراً، ويقل عن 18 دولاراً في بعض الحالات، فيما أقل رحلة تقوم بها المدرسة للطلاب تطلب مقابلها من الأهل مبلغاً بالدولار يفوق راتب الأستاذ المتقاعد.

ميقاتي والحلبي يرضخان
رغم كل التطمينات التي تلقاها نقيب المعلمين نعمة محفوظ بعدم رد القانون، لم يلتزم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بكلامه، وصدر قرار عن المجلس اليوم الجمعة في 12 كانون الثاني، برد القانون. عملياً كانت جلسة مجلس الوزراء اليوم مخصصة لخدمة إدارات المدارس الخاصة، وأتت قبل مرور شهر على صدور القانون، لمنع إمكانية أن يصبح نافذاً حكماً. وحمل محفوظ المسؤولية بشكل مباشر إلى ميقاتي ووزير التربية عباس الحلبي. فهما الوحيدان اللذان رافقا موضوع تحسين شروط عيش المتقاعدين، وصولاً إلى إقرار القانون، وكانا يرحّبان بكل خطوة يقوم بها محفوظ.
ووفق محفوظ، منذ أكثر من سنة ونصف اطلع الحلبي وميقاتي على نص القانون المراد إقراره. ووافقا على صيغته النهائية. وتوجه به محفوظ إلى المجلس النيابي الذي أقره في الجلسة التي عقدت في منتصف كانون الأول المنصرم. وبعد رفض المدارس الكاثوليكية له، جرت لقاءات تربوية وطرحت صيغة لوضع آلية للتنفيذ لا تضر بمصالح المدارس. ورغم ذلك عمل لوبي المدارس الخاصة عبر الزعامات الطائفية على الضغط على الحكومة. وكان لها ما أرادت. فردت الحكومة القانون عوضاً عن نشره في الجريدة الرسمية، أو ترك المجال ليصبح نافذ حكماً بعد ثلاثة أيام.

ووفق ما يقول محفوظ لـ"المدن"، تم التواصل مع المحامي زياد بارود للطعن بقرار مجلس الوزراء في شورى الدولة. وبالموازاة، دعا إلى عقد جمعيات عمومية في كل المدارس الإثنين المقبل للتصويت على الإضراب. وحرض الأساتذة بأن عدم التصويت على الإضراب يعني التصويت على موتهم بعد تقاعدهم.
وحمل محفوظ الرئيس ميقاتي والوزير الحلبي المسؤولية عن رد القانون. وقال: نحن أمام طبقة سياسية أخر همها الشعب والأشخاص المقهورين والمظلومين. وميقاتي والحلبي لا يعيران أي اهتمام لنحو 5 آلاف أستاذ يعيشون من قلة الموت وفي الجحيم، براتب لا يصل إلى ثلاثين دولاراً. ورضخا لمشيئة المدارس الخاصة التي تتقاضى الأقساط من الطلاب بالدولار وترفض التصريح عن رواتب الأساتذة لدفع مساهمات صندوق التعويضات.

الحكومة تتجاوز السلطة
وأضاف محفوظ، أنه لا يحق لمجلس الوزراء رد قانون من المجلس النيابي صدر منذ نحو شهر، فهذه صلاحية لرئيس الجمهورية. وهذا يعرض القرار للطعن لدى شورى الدولة. لكن بمعزل عن هذا التجاوز للسلطة الذي قام به الرئيس ميقاتي، فقد نكث الأخير بكل وعوده، وكان آخرها مساء أمس. وسار خلف المدارس الخاصة (يملك الميقاتي مدارس خاصة) الرافضة دفع مساهمة بـ8 بالمئة عن رواتب الأساتذة.
ويذكر أن إدارات المدارس حاولت تحريض الأساتذة للمطالبة برفض القانون، على اعتبار أنه سيحملهم عبء حسم 8 بالمئة من رواتبهم وبالدولار. فيما في حقيقة الأمر، ينص القانون على حسم 8 بالمئة من الراتب بالليرة اللبنانية (زيادة 2 بالمئة عن السابق فقط)، فيما ينص البند الثاني على دفع المدرسة مساهمة 8 بالمئة كمساهمة عن رواتب الأساتذة بالعملة الأجنبية. أي لا تحمل عبئاً على الأساتذة. وهي أساسية لتغذية صندوق التعويضات لتحسين رواتب التقاعد. غير ذلك تستمر مأساة أكثر من خمسة آلاف متقاعد أفنوا حياتهم في خدمة المدرسة الخاصة.
برد القانون، الذي سيتبعه إضراب للأساتذة بدءاً من يوم الثلاثاء المقبل، انتصرت إدارات المدارس الخاصة التي ضغطت بكل السبل لعدم تطبيق القانون. وتجاوز مجلس الوزراء سلطته وحقق لها ما أرادت، ورد قانوناً صادراً عن المجلس النيابي، رغم علم الوزراء علم اليقين أن المجلس النيابي لن ينعقد قبل سنة لتشريع قوانين بديلة عن القانون. بينما المدارس الخاصة، التي عادت لتتقاضى الأقساط بالدولار، ترفض دفع مساهمة بسيطة على الرواتب لصندوق التعويضات. هذا رغم أن هذه المساهمة لا تجعل أعلى راتب تقاعدي يتجاوز حدود الألفي دولار سنوياً. وبالتالي أرسلت رسالة واضحة وشديدة البلاغة لجميع الأساتذة بالخدمة الفعلية أن مصيرهم بعد التقاعد هو الجحيم.  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها