الأربعاء 2024/08/28

آخر تحديث: 19:10 (بيروت)

المواجهات أقل حدّة وأكثر عمقاً: تراجع سيناريو الحرب الشاملة

الأربعاء 2024/08/28
المواجهات أقل حدّة وأكثر عمقاً: تراجع سيناريو الحرب الشاملة
استهدف قصفٌ معادٍ بلدات جنوبيّة عدّة، أبرزها كفركلا والعديسة ومركبا (Getty)
increase حجم الخط decrease
كما يبدو، تراجعت حدّة العمليات المتبادلة بين حزب الله والجيش الإسرائيليّ على طول حدود لبنان الجنوبيّة، بُعيد ردّ الحزب، فجر الأحد الفائت، على اغتيال أحد أبرز قيادييه فؤاد شكر منذ نحو الشهر، وسط ظهور تقديرات تفيد بتراجع مؤشرات الحرب الشاملة بعد هذا الردّ. ومع هذا التراجع، اتسمت المواجهات بصيغةٍ جديدة، مع تعميق جيش الاحتلال لضرباته في الداخل اللّبنانيّ وتحديدًا في البقاع.

إذ استهدف الاحتلال الإسرائيليّ، ليل الثلاثاء-الأربعاء، مرة جديدة منطقة البقاع حيث قصف شاحنة من نوع "بيك آب" على الطريق الدوليّة، في منطقة رسم الحدث، أثناء مرورها في منطقة بعلبك، مما أسفر عن سقوط جريح على الأقلّ. وفي وقت لاحق اليوم الأربعاء، شنّ الطيران الإسرائيلي غارات على منطقة البقاع الغربي، وتحديدًا على مرتفعات جبل عين التينة. فيما نعى الحزب، ظهر اليوم، أحد مقاتليه الذي سقط في البقاع، وهو محمد حسن طه (كرّار) مواليد العام 1972 من مدينة بعلبك. واستهدف قصفٌ معادٍ بلدات جنوبيّة عدّة، أبرزها كفركلا والعديسة ومركبا.
وأعلن جيش الاحتلال، في بيان، أنه "في وقت سابق من اليوم، أغارت طائرات حربية لسلاح الجو على عدة بنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله في منطقة عين التينة على أرض لبنان". وأضاف أنه "رصد في وقت سابق اليوم مخربين يتصرفون داخل مبنى عسكري تابع لحزب الله في منطقة العديسة في جنوب لبنان"، وقال إنه أغار على المبنى. وفي غارات أخرى، قال إن طائراته الحربية "هاجمت مواقع استطلاع لحزب الله في منطقتي العديسة وكفركلا بجنوب لبنان". وأضاف أنه "رصد إطلاق قذيفة صاروخية واحدة عبرت من لبنان وسقطت في المنطقة، من دون وقوع إصابات".

وردًّا على الاعتداءات الّتي قام بها الجيش الإسرائيليّ، أعلن حزب الله، في بيانٍ صدر عنه ظهر اليوم، الأربعاء 28 من آب الجاري، أنّه شنّ هجومًا جويًّا بمسيّرة انقضاضيّة على المقرّ المستحدث للواء الغربيّ جنوب مستعمرة يعرا، مستهدفًا أماكن تموضع واستقرار ضباطه وجنوده، وقال أنّها أصابت أهدتفها بدقّة. وكما أعلن أن مقاتليه استهدفوا موقعي "السماقة" و"رويسات العلم" في تلال كفرشوبا اللّبنانيّة المحتلة بـ"الأسلحة الصاروخيّة، وحققوا إصاباتٍ مباشرة". فضلًا عن موقع بياض بليدا. في وقتٍ أفادت تقارير إسرائيليّة عن سقوط قذيفتين، من لبنان في كريات شمونة عقب دويّ صافرات الإنذار في المنطقة. وأعلن حزب الله أن مقاتليه "استهدفوا ‏مباني يستخدمها جنود العدو في مستوطنة المنارة بالأسلحة المناسبة".‏

وفي كلمة له عند الحدود مع لبنان، اشار رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، إلى أن "الهجوم الاستباقي على لبنان ليس نهاية المطاف وسنواصل لإعادة السكان". مشيرًا إلى أن "الجيش الإسرائيلي دمّر كل المسيّرات التي أطلقها حزب الله في هجومه الأخير"، مضيفًا: "لقد حققنا نجاحًا كبيرًا في إحباط الهجوم المفاجئ من حزب الله".

منطاد "طل شمايم"
إلى هذا ذكرت صحيفة "إسرائيل هيوم" أن وزارة الحرب والجيش الإسرائيليّ، يدرسان إلغاء مشروع منطاد "طل شمايم" بعد أن استطاع حزب الله إصابته في شهر أيار الماضي. وحسب الصحيفة، يدرس العدو عدم إصلاح المنظومة وإغلاق الوحدة المخصّصة التي أنشئت لتشغيل المنطاد، ومن المفترض أن يُتخذ قرار حول هذا الموضوع في الأيام المقبلة. وكان من المقرّر أن توفّر المنظومة، والتي تشمل المنصّة الجوية التي طوّرتها شركة TCOM الأميركية ومنظومة الرادار المتقدم الذي طوّرته شركة "إلتا" للصناعات الجوية، لإسرائيل قدرة مكملة لمنظومة الكشف ولمنظومة الدفاع الجويّ التابعة لسلاح الجوّ الإسرائيليّ.

وأوضحت الصحيفة أن "طل شمايم" طوّر ضمن برنامج مشترك لإدارة "حوما"، في وزارة الحرب مع وكالة الدفاع الصاروخي الأمريكية (MDA). وفي تشرين الثاني2021، أعلنت إدارة "حوما" وسلاح الجو بدء نشر المنظومة لصالح الكشف والإنذار من التهديدات المتقدمة في الجبهة الشمالية. الإعلان الصادر في ذلك الوقت، أشار إلى أنه في نهاية عملية التطوير والإنتاج التي استمرّت عدة سنوات، بدأ تركيب المنصّة الجوية، حيث عُرّفت بأنها "واحدة من الأكبر من نوعها في العالم". ووفقًا للخطة، كان من المتوقع أن يجري استخدامها "لأغراض الكشف والإنذار من التهديدات المتقدمة".

ونقلت الصحيفة أنّه حينها، تفاخر وزير الحرب بيني غانتس بأنّ: "نجاح المنظومة الجديدة يعزّز الجدار الدفاعيّ الذي بنته إسرائيل ضدّ التهديدات الجوية البعيدة والقريبة التي يبنيها أعداؤها، حتى ادّعى أنه من خلال المنطاد ومنظومة الدفاع متعددة الطبقات، سيجري الحفاظ على تفوّق إسرائيل في المنطقة، وسيُتيح المساحة العملياتية الضرورية للحفاظ على أمنها".

وفي آذار 2022، أعلن جيش الاحتلال ووزارة الحرب رسميًا افتتاح وحدة "طل شمايم"، وتعيين قائد وتعيين موظفين وجنود دائمين في الوحدة.

وبحسب إعلان الجيش حينها، "سيكون المنطاد على ارتفاعات عالية، ويتيح قدرات الكشف الراداري والكشف بعيد المدى من اتجاهات مختلفة وضد التهديدات المتقدمة".

ومع ذلك، في أيار 2023، كُشف أنه قبل بضعة أشهر تعرضت المنظومة لأضرار نتيجة الطقس العاصف، وتعطلت. واستغرقت عملية إصلاح النظام ما يقرب من عاميْن. وفي كانون الثاني الماضي، أطلق المنطاد في الهواء للمساعدة في جهود الكشف، لكن لمّا يُحدّد بعد إذا أصبح جاهزًا للعمل. لكن، في 24 شباط من العام الجاري، زار وزير الحرب يوآف غالانت قاعدة "طل شمايم" الجوية في الشمال، وورد أنه: "راقب قدرات المراقبة الجوية لكشف التهديدات المختلفة". ومع ذلك، بعد حوالى ثلاثة أشهر، في 16 أيار، تمكّن حزب الله من ضرب المنظومة باستخدام طائرة مُسيّرة أطلقت من لبنان.

وختمت صحيفة "اسرائيل هيوم": "يتبيّن أنه بعد الأضرار التي لحقت بالمنطاد وتعطيله لمدة طويلة، بسبب أضرار الطقس، في وزارة الأمن (الحرب) والجيش؛ يُناقش حاليًا إلغاء المشروع الذي كلّف المؤسسة الأمنية ملايين الدولارات، بسبب ضعفه وتكلفته والوقت الطويل وغير المعقول لإصلاحه".

سيناريو الحرب الشاملة
وذكرت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية أنه "على الرغم من التصعيد الأخير بين حزب الله وإسرائيل، إلا أن الافتراض بأن الحرب بين الطرفين باتت وشيكة ليس دقيقًا. فالتصعيد لا يعني بالضرورة اقتراب حرب شاملة. والجدير بالذكر أن ما يحدث بين حزب الله وإسرائيل يلفت الأنظار بعيدًا عن فلسطين. فمعركة حزب الله مع إسرائيل لا تهدف إلى دعم الفلسطينيين أو حتى حركة حماس، بل تتعلق بالحفاظ على مصالحه الخاصة. وكان بإمكان الحزب التدخل بشكل أكبر في تشرين الأوّل قبل أن تضعف إسرائيل القدرات العسكرية لحماس بشكل كبير، لكنه لم يفعل. لذا، لن يشارك حزب الله في حرب شاملة مع إسرائيل إلا إذا شعر بوجود تهديد وجودي".

وأضافت الصحيفة أن "هناك حاجة ماسة للتعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بوضوح وتخطيط. التركيز على ما إذا كان التصعيد سيؤدي إلى حرب شاملة يحجب الواقع على الأرض. وهذا لا يخدم مصالح إسرائيل ولا حزب الله. وفي كثير من الأحيان، تتضمن تصريحات الطرفين تهديدات متزايدة تشير إلى أن الحرب الشاملة وشيكة. لكن كل من حزب الله وإسرائيل أعادا تعريف قواعد الاشتباك التي وضعاها ضمناً بعد عام 2006. ورغم الضربات المتبادلة داخل أراضي كل منهما، فإن هذا لا يعني أن هناك توجهاً نحو حرب إقليمية. التصور بأن الحرب الشاملة في الشرق الأوسط قد تندلع في أي لحظة يعكس قلقاً أعمق حول ارتباط المنطقة بصراعات قد تدفع دولاً أخرى، وخصوصاً الغربية منها، إلى التدخل".

وأشارت الصحيفة إلى أنه "رغم احتمال وقوع أخطاء في العمليات العسكرية المنظمة، فإن الظروف على الأرض تشير إلى أن احتمال اندلاع صراع شامل بين حزب الله وإسرائيل ضئيل جداً. في عام 2006، راهن حزب الله على أن الحرب مع إسرائيل ستعزز موقفه السياسي في لبنان، خصوصاً بعد اتهامه باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في عام 2005. في ذلك الوقت، كان لبنان يحظى بدعم اقتصادي من دول الخليج العربية، التي ساعدت في تمويل إعادة الإعمار بعد حرب 2006. لكن اليوم، حزب الله هو القوة السياسية الأبرز في لبنان، ولا يحتاج إلى حرب لتعزيز مكانته، في وقت يعاني فيه لبنان من أزمة مالية حادة ولم تعد دول الخليج تقدم له مساعدات غير مشروطة. وبالتالي، فإن الحرب الشاملة مع إسرائيل ستكون كارثية للحزب".

وأضافت الصحيفة أن "الحرب النفسية تمثل بديلاً عن العمل العسكري بالنسبة لحزب الله. كما أن إسرائيل تدرك أن الحرب الشاملة ستؤدي إلى دمار واسع النطاق، لذلك تفضل الامتناع عن التحريض على هذا السيناريو، وتكتفي بشن هجمات محددة على أهداف لحزب الله لإظهار تفوقها الاستخباراتي والعسكري، ما يشكل رادعاً للحزب، الذي يدرك أن الدخول في مواجهة عسكرية شاملة لن يكون في صالحه. ورغم أن احتمالات نشوب حرب شاملة ضعيفة، إلا أنه من المهم عدم تجاهل أو التقليل من خطورة الأوضاع في الشرق الأوسط." وختمت الصحيفة قائلة: "الشرق الأوسط منطقة غير قابلة للتنبؤ بسبب المشاكل الخطيرة التي تعاني منها، وفلسطين تظل في صميم هذه المشاكل. ولا يمكن تحقيق الاستقرار في المنطقة من دون حل هذا الصراع".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها