الثلاثاء 2024/10/08

آخر تحديث: 11:38 (بيروت)

"طوفان الأقصى" يجرف لبنان وغزة

الثلاثاء 2024/10/08
"طوفان الأقصى" يجرف لبنان وغزة
لم يشهد الشارع في عواصم المنطقة ما يشير إلى أنه معني بهذا "الطوفان والإسناد" (Getty)
increase حجم الخط decrease

بفارق يوم واحد تنهي حرب إسرائيل على غزة ولبنان سنويتها الأولى. حماس توقفت عند ذكرى السنوية بإطلاق عدد من الصواريخ على "غلاف غزة" وتل أبيب، وببيان أذاعه مسؤلها في الخارج خالد مشعل. أما حزب الله فقد أصدر بياناً بالمناسبة أعلن فيه تمسكه بـ"وحدة الساحات" ومواصلة حرب "إسناد غزة". صواريخ حماس التي تستدعي غزوا جديداً للقطاع، كما أعلنت إسرائيل، وبيانا مشعل وحزب الله، تقول بأن سنة من الموت والدمار لم تكن كافية لوقف المأساة حيث وصلت، بل ثمة إصرار على تجرع الكأس حتى النهاية. البيانان يعترفان بفداحة الثمن الذي تكبده حتى الآن كل من لبنان وقطاع غزة، لكنهما يريان بأنه كان مبرراً، وليس ما يدعو للتوقف عن دفعه.

في الأثناء، شهدت معظم عواصم العالم بهذه المناسبة تظاهرات وتحركات في شوارعها استنكاراً للحرب وتأييداً للفلسطينيين. بدا أن حماس وحزب الله لم يلاحظا أن الطوفان لم يجرف سوى لبنان وقطاع غزة. سنة الحرب التي انقضت بينت أن الطوفان وصل متهالكاً إلى الضفة الغربية وعواصم المنطقة التي اكتفت ببيانات الاستنكار والتضامن. وعلى عكس معظم عواصم العالم التي شهدت شوارعها وتشهد تظاهرات وحركات التضامن مع فلسطين ولبنان، لم يشهد الشارع في عواصم المنطقة ما يشير إلى أنه معني بهذا "الطوفان والإسناد" وما يجرانه على القطاع ولبنان. قد يجهد البعض في نبش الماضي واستعراض الحاضر للكشف عن مبررات هذه "اللامبالاة". وقد يردها إلى قمع الأنظمة للشارع ومصادرتها العمل السياسي. لكن هذا لا يفسر اعتراض لبنانيين كثيرين، إن لم يكن معظمهم، وفلسطينيين كثيرين أيضاً، بمن فيهم السلطة الوطنية، على ما تأتيه حماس ويأتيه حزب الله.

موقع الخدمة الروسية في "الحرة" الأميركية نشر في 6 الجاري نصاً عنونه بالقول "قبل حلول ذكرى السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تجري احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء العالم". وأرفق الموقع نصه بصور تظاهرات في شوارع مدن غربية، يظهر فيها أول التظاهرة ولا يتبين آخرها. قال الموقع بأن التظاهرات تجري على خلفية التأزم الدوري الشديد في الوضع بالشرق الأوسط. وإلى جانب المعارك المتواصلة في قطاع غزة، بدأت إسرائيل عملية برية في جنوب لبنان أيضاً، حيث تواجهها منظمة حزب الله الراديكالية الموالية لإيران. وبعد القصف الصاروخي الإيراني لإسرائيل، تستعد الأخيرة للرد على طهران.

أشار الموقع إلى كلمة نتنياهو مساء السبت المنصرم، وتأكيده على أن إسرائيل تخوض الحرب على "سبع جبهات"، ومن ضمنها إيران. كما أشار إلى انتقاد نتنياهو "الشديد" للرئيس الفرنسي لدعوته حظر إمدادات السلاح لإسرائيل، وتكراره التأكيد على أن إسرائيل "ستنتصر في كل الأحوال"، وعلى ماكرون ومن يدعمه أن "يخجلوا".

موقع الخدمة الروسية في دويتشه فيله DW نشر في 5 الجاري نصاً بعنوان "سنة بعد هجوم حماس: هل تغيرت علاقات إسرائيل بالاتحاد الأوروبي؟". استهلت كاتبة النص Lucia Schulten مقالتها المطولة بالإشارة إلى أن رد الفعل الأول للاتحاد الأوروبي على هجوم حماس على إسرائيل كان واضحاً: إدانة "بأشد العبارات الممكنة" هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل. لكن سرعان ما برزت الخلافات الأولى لدى النقاشات حول ما إن كان بوسع بلدان الاتحاد المطالبة بوقف إطلاق للنار لمدة طويلة، أم الاكتفاء بالمطالبة بهدنات متعددة قصيرة الأجل في قطاع غزة، حسب ما نقلت عن الخبير في شؤون الشرق الأوسط من المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية Hugh Lovatt. فقد كانت ألمانيا وتشيكيا تؤكدان أن الدعوة إلى وقف إطلاق النار يحرم إسرائيل من الحق بالدفاع عن النفس. ومنذ البداية تغلب هذا الرأي على رأي دول مثل إيرلندا وإسبانيا، اللتين كانتا تقولان برأي آخر. وفي خريف العام 2023 دعا زعماء الدول الأوروبية وحكوماتها إلى إقامة "ممرات إنسانية" ووقفات في القتال "لأهداف إنسانية" أيضاً.

ونقلت الكاتبة عن الخبير عينه قوله، أنه بعد مرور سنة على هجوم حماس على إسرائيل، علاقات الأخيرة مع الاتحاد الأوروبي لم يسبق أن كانت على هذا المستوى من التوتر بسبب أعمال إسرائيل في قطاع غزة.

وفي رده على تساؤل الكاتبة ما إن كان بوسع الاتحاد الضغط على السلطات الإسرائيلية، رأى الخبير أن المشكلة ليست في حيازة الاتحاد وسائل الضغط على إسرائيل، بل في غياب التوافق الداخلي في الاتحاد. ولا يساوره الشك بأن إمكانية التأثير على إسرائيل متوفرة لدى الاتحاد، حيث بوسعه فرض عقوبات عليها، أو استخدام العلاقات الاقتصادية لهذا الغرض، بما فيها اتفاقية الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي.

ونقلت الكاتبة عن Peter Stano، الناطق باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، قوله إن بلدان الاتحاد الأوروبي موحدة في أمر واحد، إذ أنها تدعو لتسوية الصراع في الشرق الأوسط على أساس مبدأ "دولتين لشعبين". وبقي هذا المبدأ ثابتاً على الرغم مما حدث بعد 7 تشرين الأول/أوكتوبر 2023. وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، هذا المبدأ هو"الحل الوحيد القابل للتحقيق". وبوسع الاتحاد العمل لتطبيقه بالتعاون مع الشركاء الدوليين في إطار الأمم المتحدة.

المجلس الروسي للعلاقات الدولية RIAC توقف في محطتين بارزتين عند السنوية الأولى لحرب إسرائيل على لبنان وغزة. فقد عقد المجلس في 3 الجاري "طاولة مستديرة" جمعت مسؤوله الأكاديمي إلى ثلاثة من خبرائه في شؤون الشرق الأوسط. وفي الرابع من الشهر نشر موقع المجلس نصاً للباحث إبراهيم إبراهيموف في "مركز دراسات الشرق الأوسط" التابع لمعهد يفغيني بريماكوف، تحدث فيه عن عواقب هجمات إسرائيل الأخيرة على لبنان وخطر إندلاع حرب شاملة في المنطقة.

بعد أن أشار إبراهيموف إلى حرب حزب الله وإسرائيل المتواصلة منذ سنة، وإلى كل ما وقع من أحداث سبقت العملية الإسرائيلية البرية في جنوب لبنان، قال إن هذه الأحداث قد أثارت مخاوف مشروعة من احتمال اندلاع حرب شاملة، ورفعت بشدة مستوى التوتر، مما يهدد ليس الأمن الداخلي في لبنان فقط، بل واستقرار المنطقة ككل.

ويقول إن إسرائيل وحزب الله بقيا لفترة طويلة يتجنبان توسيع الصراع بينهما، آخذين بالاعتبار عدم مصلحة أي من الطرفين بذلك. إلا أن المستوى المتصاعد للتوتر يطرح السؤال ما إذا كان استمرار الحرب سيؤدي إلى مفاقمة وضع لبنان الهش الموجود على حافة السقوط الاقتصادي والسياسي. ويرى أن نصرالله كان شخصية محورية في قيادة حزب الله، ورحيله قد يؤدي إلى زعزعة الوضع الداخلي في لبنان، ويفضي إلى تفاقم الصراع بين حزب الله وإسرائيل.

وبعد أن يشير إلى عملية إسرائيل البرية الحالية في جنوب لبنان، يرى الباحث أنها الرابعة على التوالي بعد العام 1978، ويفترض أنها قد تفضي إلى تعزيز دعم حزب الله كحركة مقاومة للغزو الإسرائيلي. كما يرى أن إسرائيل حققت نجاحات في توجيه ضرباتها إلى لبنان، لكن من غير الواضح، برأيه، إلى أي مدى أدى ذلك إلى تقويض قدرات الحزب. فعلى الرغم من تفوقها التكنولوجي والعسكري، إلا أنها قد تواجه صعوبات في حال تمدد مدة العملية البرية، مما يتحول إلى ميزة لحزب الله في حرب العصابات، كما أظهرت الحروب السابقة. وعلى الرغم من النكسات، يحتفظ حزب الله بقدرات عسكرية كبيرة، بما في ذلك مخزون من الصواريخ التي يمكن أن تستهدف المدن الإسرائيلية. وحسب نائب الأمين العام للتنظيم، نعيم قاسم، فإن هيكلية القيادة لا تزال فعالة، مما يضمن إمكانية مواصلة شن الهجمات على إسرائيل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب