السبت 2024/07/27

آخر تحديث: 14:41 (بيروت)

الافتتاح التاريخي...أولمبياد المطر والنهر في المدينة غير القابلة للغرق

السبت 2024/07/27
الافتتاح التاريخي...أولمبياد المطر والنهر في المدينة غير القابلة للغرق
increase حجم الخط decrease
احتفالاً بشهرتها كمهد للثورة، افتتحت باريس أول دورة ألعاب أولمبية صيفية لها منذ قرن من الزمان، الجمعة، بحفل افتتاح يخرق القواعد ومرصع بالنجوم والفانتازيا، ما يظهر قدرة المدينة على الصمود في الوقت الذي تعاملت فيه السلطات مع أعمال تخريب مشتبه بها استهدفت شبكة السكك الحديد عالية السرعة.

وأدت اضطرابات السفر واسعة النطاق نجمت عما قال مسؤولون فرنسيون أنها هجمات حرق متعمد منسقة على خطوط السكك الحديد عالية السرعة، والأمطار في باريس، إلى إضعاف الحفل بينما كانت الجماهير العالمية تتابع الافتتاح المذهل لأولمبياد 2024، حسبما نقلت وكالة "أسوشييتد برس".

لكن انطلاق حفل الافتتاح مساء الجمعة غير الحالة المزاجية إلى الأفضل بسرعة. وكانت المخاطر بالنسبة لفرنسا هائلة، فعشرات رؤساء الدول والحكومات اجتمعوا في باريس. وكان العالم يتابع تحول العاصمة إلى مسرح عملاق في الهواء الطلق.

وامتد حفل باريس على طول نهر السين، ليحول المعالم الأثرية الشهيرة في المدينة إلى مسارح للراقصين والمغنين وغيرهم من الفنانين. وسلطت الأمطار التي غمرت المتفرجين والرياضيين وفوضى السفر في محطات قطار باريس الضوء على المخاطر التي تنطوي عليها خيارات باريس الجريئة، فيما أعطى الحفل المترامي الأطراف للمنظمين حشوداً أكبر لنقلهم وتنظيمهم وحمايتهم ما كان يمكن أن يكون عليه الحال لو أنهم اتبعوا مثال المدن المضيفة الأولمبية السابقة التي افتتحت بعروض الملاعب التقليدية.

رغم ذلك، ومع بدء العرض، ارتفعت نسبة التفاؤل بأن باريس المخلصة لشعارها الذي يتحدث عن كونها غير قابلة للغرق، قد تفوز بمقامراتها. وافتتح أسطورة كرة القدم الفرنسية زين الدين زيدان حفل الافتتاح حاملا الشعلة الأولمبية بين يديه.

وفي مقطع مصور مسجل مسبقا، شوهد "زيزو" وهو يركض ويشق طريقه عبر ازدحام مروري في باريس قبل أن يسلم الشعلة لمجموعة من الأطفال في المترو والذين شقوا طريقهم بعد ذلك عبر سراديب الموتى الشهيرة إلى قارب، وعند هذه النقطة تحول البث إلى عرض مباشر لنهر السين. وبدأت القوارب التي تحمل الفرق الأولمبية العرض باختراق ستائر المياه المتساقطة من جسر أوسترليتز، بداية مسار العرض الذي يبلغ طوله 6 كيلومترات.


وكانت المياه المتدفقة بمثابة وميض للنوافير الرائعة في قصر فرساي، والذي أصبح الآن مكانا لمسابقات الفروسية الأولمبية، ثم ظهرت المطربة ليدي غاغا بشكل مفاجئ في حفل الافتتاح، حيث قدمت عرضاً باللغة الفرنسية، علماً أنها لم تكن في الدليل الرسمي الذي تم توزيعه على وسائل الإعلام مسبقاً، رغم شائعات مشاركتها التي انتشرت بشكل كبير بعد رصدها في باريس في الفترة التي سبقت الحفل.

وحرس الحفل ما يصل إلى 45 ألف من عناصر الشرطة والدرك، بالإضافة إلى10 آلاف جندي. وشاهد الحفل التاريخي 320 ألف متفرج من مدرجات بُنيت خصيصاً على ضفاف نهر السين، ونحو 200 ألف من على شرفات المباني المجاورة.

واختُتم العرض بعد أربع ساعات بإيقاد المرجل الأولمبي الذي حلق عبر منطاد فوق وسط المدينة، عبر بطلة العاب القوى السابقة ماري-جوزيه بيريك والجودو الحالي تيدي رينر، على وقع الصوت الرائع والمؤثر للفنانة الكندية سيلين ديون التي تحدّت المرض. حيث صدح صوت المغنية الغائبة عن الحفلات منذ العام 2020، بأغنية "L'hymne à l'amour" ("نشيد الحب") لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل، علماً أن النجمة الشعيرة تعاني من مرض نادر يعرف باسم "متلازمة الشخص المتيبس"، وهو أحد أمراض المناعة الذاتية لا علاج شاف له.


وأدت ليدي غاغا بالفرنسية أغنية "مون تروك أن بلوم" ("Mon truc en plumes") لزيزي جانمير، أحد الأعمال الشهيرة في المسرح الاستعراضي الفرنسي. وكتبت لاحقاً في مواقع التواصل منشوراً اعتبرت فيه مشاركتها "شرفاً كبيراً". وأكملت: "أنا متأثرة جداً لتلقي اقتراح اللجنة الأولمبية بغناء مثل هذه الأغنية الفرنسية المميزة، وهي على شرف الفرنسيين وتاريخهم الفني المذهل".

وتابعت ليدي غاغا: "رغم أنني لست فنانة فرنسية، إلا أنني شعرت دائماً بعلاقة مميزة جداً مع الفرنسيين ومع الغناء باللغة الفرنسية"، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".


من جهتها، قدمت النجمة الفرنسية آية ناكامورا، المغنية الناطقة بالفرنسية الأكثر استماعاً في العالم، عرضاً غنائياً ارتدت خلاله ملابس باللون الذهبي، بعدما أثارت أنباء هذه المشاركة التي بدأت تتردّد منذ الربيع استياء لدى أوساط اليمين المتطرّف الفرنسي.

وسلط الحفل الضوء على مجتمع المثليين من خلال قبلة رجلين أو رجال يرتدون ملابس نسائية، من ضمن 12 لوحة نفذها ألفا فنان على ضفاف النهر ومعالم بينها كاتدرائية نوتردام التي أتى حريق ضخم العام 2019 على أجزاء واسعة منها، وكان لورشة ترميمها حضور في إحدى فقرات الحفل.


وشارك في حمل الشعلة أساطير رياضة سابقون وحاليون على غرار زين الدين زيدان والإسباني رافايل نادال والأميركيان كارل لويس وسيرينا وليامز والرومانية ناديا كومانتشي، علماً أنه يشارك في الدورة 10500 رياضي بالتساوي بين الرجال والسيدات، بعد ثلاث سنوات من أولمبياد طوكيو الذي أقيم بحزن من دون جماهير، بسبب جائحة كوفيد-19.


وتريد فرنسا تعزيز صورتها من خلال هذه الألعاب، عبر استضافة نحو مئة رئيس دولة أو حكومة، لمواصلة نشاط دبلوماسي مكثّف بينما تشتعل الصراعات في أوكرانيا وغزّة، مروراً بالسودان وجمهورية الكونغو الديموقراطية، وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغائب الأكبر، علماً أن بلاده موقوفة ولن يتم عزف نشيدها بحال تتويج بعض الرياضيين المشاركين تحت علم محايد وبشروط صارمة خصوصاً عدم دعم الحرب ضد أوكرانيا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها