الخميس 2024/07/11

آخر تحديث: 21:35 (بيروت)

انفتاح إعلامي أميركي على "الحزب": رسائل التهدئة بالمباشر

الخميس 2024/07/11
انفتاح إعلامي أميركي على "الحزب": رسائل التهدئة بالمباشر
increase حجم الخط decrease
لا تُقرأ مقابلات مسؤولين في "حزب الله" مع كبرى وسائل الاعلام الاميركية، إلا من زاوية الانفتاح الاعلامي الاميركي على الحزب المدرج في لوائح الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية، في وقت يدفع الحزب برسائل سياسية إلى وسائل اعلام أميركية تحديداً، مفادها أن المشاركة في الحرب حققت أهدافها، وهو تمهيد لإنهائها بالتزامن مع إنهاء الحرب في غزة. 
على مدى أسبوعين، ظهر مسؤولان في "حزب الله" في كبرى وسائل الإعلام الاميركية بمقابلات حصرية، وذلك بعد قطيعة امتدت لسنوات. في الأسبوع الماضي، استصرحت وكالة "اسوشييتد برس" الأميركية، نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، ونقلت تصريحاته عشرات وسائل الاعلام في العالم. 

والأربعاء، استضافت قناة "سي أن أن" أحد ممثلي الحزب في البرلمان، النائب ابراهيم الموسوي، وذلك في مقابلة مع الإعلامية الشهيرة كريستيان أمانبور، حيث تحدث بالانكليزية بلغة هادئة جداً. واقتطعت القناة مقاطع فيديو للموسوي وبثتها في منصاتها الالكترونية.
 

والأهم في الظهورين، الرسالة التي أراد الحزب دفعها للولايات المتحدة. قال قاسم لـ"أسوشييتد برس" إن "الطريق الوحيد المؤكد لوقف إطلاق النار على الحدود اللبنانية هو وقف إطلاق النار الكامل في غزة". وحذّر من أنه "حتى لو كانت إسرائيل تنوي شن عملية محدودة في لبنان لا ترقى إلى حرب شاملة، فلا يجب أن تتوقع أن يبقى القتال محدوداً".

وتابع: "يمكن لإسرائيل أن تقرر ما تريد: حرب محدودة، حرب شاملة، حرب جزئية، لكن عليها أن تتوقع أنَّ ردَّنا ومقاومتنا لن تكون ضمن سقف وقواعد اشتباك تحددها اسرائيل". 

بعد أسبوع فقط، لم تتغير اللهجة لناحية وقف القتال عندما تتوقف الحرب في غزة. كان النائب إبراهيم الموسوي أكثر وضوحاً في الدفع برسائل تهدئة. قال: "تُقاس الأمور بنتائجها، كل شيء جيد إذا انتهى بشكل جيد، نحن لا نحب الحروب، نكره الحروب، لا نريد أن نرى الدمار والقتل، لكننا نريد أن نرى العدالة تأخذ مكانها". ورأى أن "ما حدث كان نوعاً من استعادة العدالة من خلال إعادة القضية الفلسطينية إلى الأضواء في عيون المجتمع الدولي".

والخطابان حملا مؤشرات على تهدئة. نقلت الرسالة مباشرة الى واشنطن، التي تضطلع بدور ترتيب أمني لمنع تدحرج الحرب الى حرب موسعة، ولتثبيت استقرار طويل الأمد في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان. فقول الموسوي "إننا نكره الحروب"، يُراد منها نقل الرسالة عبر واشنطن الى تل أبيب، لإنهاء حالة القتال في غزة، تمهيداً لإنهائها في الجنوب. وتمت مخاطبتها بما تتطلع إليه: حزب منضبط، منفتح على المبادرات، ولا يتجاوز التوازنات اللبنانية وتعهدات المسؤولين اللبنانيين لواشنطن حول مسار الحرب ومآلاتها. 

والمفاجأة في المقابلتين، أن وسائل الإعلام الأميركية تخطت الحظر المفروض على الحزب، على خلفية العقوبات الأميركية. فالشيخ قاسم، مدرج في لائحة واشنطن للعقوبات منذ سنوات، وأقفلت واشنطن مواقع الكترونية باسمه، فضلاً عن حسابات تواصل إجتماعي عائدة له، بهدف منعه من إبداء موقفه. واليوم، يظهر في كبرى وكالات الأنباء الأميركية، بالصوت نفسه، لنقل وجهة نظر الحزب تحديداً من المرحلة الثالثة من الحرب على غزة. 

والمفاجأة الأخرى تتمثل في القطيعة السياسية بين الطرفين. فالسفارة الأميركية في بيروت، لم تطلب بتاتاً أي موعد لمسؤول أميركي مع الحزب، في حين كانت سفارات دول أخرى، أوروبية تحديداً، تطلب مواعيد وتنظم لقاءات، سرية وعلنية.. كما أن الحزب في المقابل، لم يعلن أي تواصل مع أي جهة أميركية. هذا الواقع، يؤشر الى انفتاح، إعلامي في البداية، قد لا يتوقف عند هذا الإطار، وذلك للاستماع الى وجهات نظر مباشرة بدلاً من الدفع بالرسائل عبر وسائل الاعلام.  

في العُرف الإعلامي، غالباً ما يكون الإنفتاح الإعلامي صدى لانفتاح سياسي. يمهد له، طالما أن الجسم السياسي يتريث. يكسر الجليد، وينهي القطيعة، حتى لو كان الانفتاح محدوداً. كل المؤشرات تقود الى مرحلة جديدة في لبنان، قد لا يكون "حزب الله" ولا الولايات المتحدة بمنأى عنها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها