الأربعاء 2024/08/21

آخر تحديث: 20:42 (بيروت)

الإعلام اللبناني كما المصارف: لوبي وبيزنس داخل السلطة

الأربعاء 2024/08/21
الإعلام اللبناني كما المصارف: لوبي وبيزنس داخل السلطة
ما كانت قضية عقود "قناة الجديد" ستتفجر لولا انقطاع الكهرباء (أرشيف المدن)
increase حجم الخط decrease
لا يبدو هجوم قناة "ام تي في" على قناتي "الجديد" و"أل بي سي أيه"، في نشرة الاخبار مساء الثلاثاء، ومن بوابة عقود صيانة محطتين للكهرباء، ذا أهمية كبيرة، والمبدأ ينطبق بالمثل على هجوم قناة "الجديد" على "أم تي في" في ملف الانترنت غير الشرعي... وما ظهر من "ردح"، وإشارة إلى رئيس مجلس إدارة "الجديد" تحسين خياط، وقبله إشارة "الجديد" إلى رئيس مجلس ادارة "أم تي في" ميشال غبريال المر، ينطبق عليه مبدأ "الفضائح" التي لا يمكن أن تخرج من أدراج الإدارات الرسمية اللبنانية، من دون "نكايات" بين طرفين.


من المعلوم في لبنان، وفي ظل عدم التطبيق المنظم لقانون "حق الوصول للمعلومات"، يصعب على أي صحافي استقصائيّ أن يصل الى ملفات تحيط بها شبهات فساد. عادة ما تُكشف الوقائع، حين يريد طرف أن يستهدف خصمه السياسي، فيحمل الملف بأكمله الى وسيلة إعلامية تنشره، وتضيف عليه توابل الوجبة الصحافية: وثائق، تصريحات، اتصالات، مقابلات، صورة، تسريبات، مصادر... ويتحول، تالياً، الى إخبار برسم النيابة العامة، أو يتحول، افتراضاً، الى قضية رأي عام، بمعزل عما إذا كان الكشف سيوصل الى نتيجة، أم سينحصر في إثارة البلبلة وفرض الشبهات على متورطين فيه.

من هنا، جاءت التقارير ضد "ام تي في" قبل سنوات، على خلفية قضية الانترنت غير الشرعي ومحطات الزعرور.. ومن هنا، أتى التقرير الذي بثته "أم تي في" حول محطتي الجية والذوق اللتين تولت شركة عائدة لآل خياط عقد صيانتهما. وقالت "أم تي في" في تقرير نخلة عضيمي الثلاثاء، إن خزانات الجية والذوق تحوزان على كمية من الفيول لم يُستخدم لتشغيل محطات الكهرباء في الأزمة الاخيرة.

"بزنس" و"نفوذ"
وبمعزل عن الحيثيات، يكشف السجال، تحول الاعلام في اتجاه "البزنس" على الأراضي اللبنانية، بعقود من الدولة، كما في حالة خياط، أو بقفز فوق مؤسسات الدولة، في حالة انترنت الزعرور. تحوّل الاعلام الى "بيزنس" لا يمكن أن يحقق المكاسب والأرباح، الا بالتعاقد مع الدولة، أو بمنافستها، وفي الحالتين، يحتاج الى غطاء سياسي، والى غطاء قضائي، توفره العلاقات الواسعة بين الاعلام والنافذين والمسؤولين، كما توفره سلطة الاعلام باستهداف معرقلي "البزنس" أو رافضيه.. ومن هنا، تُفهم الحملات السياسية "على القطعة"، والمصالحات بعدها، حول ملفات تحمل صفة "مكافحة الفساد"، أو "عرقلة الدولة ومصالح المواطنين"، وسرعان ما تنتفي الذرائع بطيّ الصفحات من دون إيضاح للحيثيات.


لوبي المصارف
تشبه حالة الاعلام، في انخراطه في مشاريع استثمارية وأعمال داخل البلاد، حالة المصارف التي كانت قبل العام 2000، تحاول جذب نواب لتأييد اقتراحات ومشاريع قوانين لصالحها. وبعد العام 2000، تغيرت الاستراتيجية باتجاه دعم مرشحين للبرلمان لإيصال كتلة نيابية باتت تُعرف بـ"كتلة المصارف"، وتتألف من مجموعة من النواب من مختلف القوى السياسية، لا تعارض توجهاتها برفض اقتراحات القوانين. المصارف، قبل الأزمة، كانت جزءاً من منظومة تستفيد من مؤسسات الدولة، بفعل قوى الضغط التي صنعتها داخل المؤسسة التشريعية أو الحكومية، لتفرض ما يلائم مصالحها بآليات النفوذ التي تمتلكها..

أما وسائل الاعلام اليوم، فتكشّف أنها لا تختلف عن المصارف. تمتلك ذراعاً في المؤسسات والقوى السياسية، تغطي عقودها وتسهّل أعمالها، وتحمل سوطاً في وجوه منافسين ورافضين لدخولها الى عالم الاعمال في السلطة. سوط في وجه المتورطين بعقود مشابهة.. فمَن لم يتورط، لا يملك ما يخسره، وسيعارض بقوة ويتحمل قطيعة اعلامية له.


شراكة مع السلطة
أتاحت التسهيلات التي أدت الى إفلات من المحاسبة، لكل ذي سلطة ونفوذ، أن يدخل شريكاً منافساً في ريادة أعمال من قلب الدولة. وأتاحت لكل راغب في الاستثمار في مؤسسات منتجة ورابحة، أن يدخل هذا النادي. فالاعلامي، كما المصرفي والسياسي وصاحب الأموال، يتشابهون بالطموح. أما التصريحات السياسية والمصرفية والتقارير الصحافية، فهي "عدة الشغل".

يقول المثل: "الفقر يولد الشجار". لو لم تنقطع الكهرباء، ولو كان وضع البلد يسمح بتقسيم الأعمال وتحاصصها، لما شهد اللبنانيون فصولاً من الصراعات السياسية ورواد الأعمال.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها