السبت 2024/10/26

آخر تحديث: 12:22 (بيروت)

لبنان: صحافيون تحت الصدمة بعد استهداف الجيش الإسرائيلي لهم

السبت 2024/10/26
لبنان: صحافيون تحت الصدمة بعد استهداف الجيش الإسرائيلي لهم
increase حجم الخط decrease
مرة جديدة، وجد صحافيون يغطون الحرب بين "حزب الله" وإسرائيل أنفسهم تحت مرمى النيران في جنوب لبنان. ورووا، وهم تحت وقع الصدمة، المأساة التي أفاقوا عليها بعد سقوط صاروخ إسرائيلي قتل ثلاثة من زملائهم وهم نيام.

واستعادت مراسلة قناة "سكاي نيوز عربية" دارين الحلوي، لحظات ثقيلة كانت مزيجاً من الصدمة والذهول. وقالت في اتصال هاتفي: "استفقت على صفير الصاروخ، لأجد باب المنزل حيث كنت أستقر، مفتوحاً، ودخاناً كثيفاً ينبعث من الحديقة"، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

وأضافت الحلوي ووقع الصدمة مازال جلياً في صوتها: "اتصلت بأحد زملائي لأفهم ماذا حدث، فقال لي إنه تحت الركام. خرجت من البيت، وجدت سيارة بث مباشر قد طارت من مكانها، وأحد الشاليهات حيث كان زملاؤنا، ينامون، سوّي بالأرض".

واستشهد الصحافيون في غارة استهدفت منتجعاً في بلدة حاصبيا ذات الغالبية الدرزية في جنوب لبنان، بحسب مصادر رسمية لبنانية، في أول ضربة تستهدف البلدة منذ بدء التصعيد قبل عام بين "حزب الله" وإسرائيل على خلفية الحرب في قطاع غزة.

ونعت قناة "المنار" التابعة لـ"حزب الله" مصورها وسام قاسم، ونعت "الميادين"، وهي قناة عربية مقربة من إيران والحزب ويقع مقرها في بيروت، مصورها غسان نجار ومهندس البث محمد رضا. وأصيب أربعة مصورين آخرين بجروح طفيفة.

وندد مسؤولون لبنانيون، من بينهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الإعلام زياد المكاري باستهداف "متعمد" للصحافيين، معتبرين أنه "جريمة حرب". وذكرت الحلوي الذي تغطي النزاع في جنوب لبنان منذ عام: "حين شاهدنا الدمار، بدأ كل منا يتفحص جسده ويتأكد من أنه بخير"، مضيفة: "كنا نياماً في غرفنا، لا نرتدي ستراتنا الواقية ولا خوذنا لتحمينا. اعتبرنا المنطقة آمنة لأداء عملنا الصحافي".

ومنذ مطلع تشرين الأول/أكتوبر، اتخذت فرق سبع وسائل إعلام محلية وأجنبية من مجمع يضم قرابة عشرة شاليهات صغيرة بسقوف من القرميد قرب ضفاف نهر الحاصباني مقراً لها، بعدما أخلت فندقاً استقرت فيه طيلة عام تقريباً في مرجعيون الأقرب الى الحدود، في ظل تكثيف إسرائيل غاراتها الجوية ضد أهداف لـ"حزب الله" اعتباراً من 23 أيلول/سبتمبر، وبدئها عمليات برية بدءاً من 30 منه.

والمجمع بعيد نسبياً عن مناطق القصف المكثف والمعارك. وتقع حاصبيا على بُعد نحو 50 كيلومتراً جنوب بيروت، وهي قريبة من الحدود مع سوريا وإسرائيل. وقال مختار البلدة نعيم اللحام: "هذه أول مرة تُستهدف فيها حاصبيا" منذ عام، وإن كانت تعيش على وقع الغارات الإسرائيلية التي يتردد دويها في أنحاء المنطقة.

وفي رسالة عبر الهواء على قناة "الجديد" اللبنانية من مقر إقامة الصحافيين، قال مراسلها محمد فرحات أن "العدو الإسرائيلي لاحق الصحافة مرة أخرى اليوم، والآن حيث يتواجدون في منطقة بعيدة نسبياً". وظهر فرحات بداية فجر الجمعة في شريط فيديو صوره بهاتفه والرماد والغبار مازال يغطي وجهه وشعره وملابسه، وأحاط به دمار كبير وسقف منهار.

وأوضح فرحات: "كنا نائمين في منزلنا. كما ترون هذه غرفة النوم، وهذا هو السرير الذي كنت أتواجد عليه"، مشيراً الى السرير الذي غطاه الركام.

من جهتها، حملت فاطمة فتوني مراسلة قناة "الميادين" في رسالة مباشرة سترتها الواقية من الرصاص المكتوب عليها عليها "صحافة"، وهي ممزقة من آثار الضربة، إضافة لخوذة وميكروفون، وخلفها سيارة مدمرة وآثار الغارة. وقالت في رسالتها: "هذا ما تبقى من درعي وخوذتي والسلاح الذي نحمله، هذا هو الصاروخ الذي من أجله أغارت علينا الطائرات الحربية الإسرائيلية".

وتابعت فتوني بتأثر بالغ: "لا أدري لماذا نرتدي هذه السترات والخوذ اذا كان الاحتلال لا يعيرها أي اهتمام". وسألت: "ماذا فعلنا؟ قمنا بنقل جرائم الاحتلال ووثقنا لحظة بلحظة كل جرائمه بحق المدنيين وبحق البشر والحجر والشجر في جنوب لبنان؟"، حسب تعبيرها.

وهذه ليست أول مرة تتعرض فيها فرق صحافية لقصف إسرائيلي في جنوب لبنان مذ فتح "حزب الله" جبهة "إسناد" لحليفته حركة "حماس" الفلسطينية، غداة اندلاع الحرب في غزة في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي.

ففي 13 تشرين الأول/أكتوبر 2023، استهدفت ضربتان متتاليتان 7 صحافيين أثناء عملهم عند أطراف بلدة علما الشعب قرب الحدود مع إسرائيل. وأسفر ذلك عن استشهاد المصور في وكالة "رويترز" عصام عبدالله وإصابة مصوري "فرانس برس" كريستينا عاصي التي بترت ساقها اليمنى ومازالت تتلقى العلاج، وديلان كولنز، إضافة الى مصوري وكالة "رويترز" ماهر نزيه وثائر السوداني، ومراسلة قناة "الجزيرة" كارمن جوخدار وزميلها المصور إيلي براخيا الذي أصيب بجروح بالغة.

وأظهر تحقيق أجرته "فرانس برس" ونشرت نتائجه في كانون الأول/ديسمبر، أن الضربة نجمت عن قذيفة أطلقتها دبابة إسرائيلية. وخلص تحقيق مماثل أجرته "رويترز" في الشهر ذاته إلى إصابة الصحافيين بنيران دبابة إسرائيلية.

وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، استشهدت مراسلة "الميادين" فرح عمر ومصورها ربيع المعماري والمتعاون معها حسين عقيل بينما كانوا في مهمة عمل في جنوب لبنان. وقالت القناة أنهم قضوا في "استهداف إسرائيلي غادر".

وأحصت منظمات تعنى بحقوق الصحافيين في لبنان استشهاد خمسة مصورين وصحافيين يعملون لصالح منصات محلية في غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية، معقل "حزب الله". وأشارت الحلوي الى الاستهدافات الإسرائيلية السابقة للصحافيين في الميدان، معتبرة أن تعرضهم للقصف في مكان إقامتهم أثناء نومهم "سابقة، تقول عبرها إسرائيل أنها لا تريد صحافة في المنطقة وتريد أن تطفئ عدسات آلات التصوير".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها