الأحد 2024/06/09

آخر تحديث: 07:37 (بيروت)

الثقافة والدين والجسد: طاولة مستديرة في لارنكا

الأحد 2024/06/09
الثقافة والدين والجسد: طاولة مستديرة في لارنكا
طاولة مستديرة عن الثقافة والدين والجسد (٧-٨ يونيو/حزيران)
increase حجم الخط decrease
مرّةً أخرى تتلقّف جامعة «دار الكلمة» في بيت لحم موضوعاً شائكاً وتطرحه على بساط النقاش. في العادة، تدور الأسئلة المتّصلة بالجسد في فلك المسألة الجنسيّة عموماً، بما تنطوي عليه من إشكاليّات كالنظرة إلى جسد المرأة والانتساب الجنسيّ وما يمكن أن يعتريه من تأويلات وتحوّلات. لكنّ حضور الجسد يتخطّى الاعتبارات الجنسيّة. فالأحكام التي نطلقها على البشر كثيراً ما ترتبط بأجسادهم، من ديناميّات الظهور والاحتجاب على وسائل التواصل الاجتماعيّ وصولاً إلى النظريّات ذات الطابع العرقيّ والعنصريّ. ثمّة، أيضاً، منظومة اقتصاديّة مترامية تتمحور حول الجسد لعلّ أبرز مظاهرها، إلى جانب العقاقير التي تساعد على تخفيف السمنة، العمليّات التجميليّة التي ارتفعت نسبتها بشكل مضطّرد في العقود الأخيرة. وفيما يرتبط التعاطي مع الجسد بالعوامل الجغرافيّة والثقافيّة، فإنّ الحروب، وهي ظاهرة عابرة للثقافات والتموضعات الجغرافيّة، تطرح مسألة حرمة الجسد المعرّض للانتهاك من طريق العنف. 

هذه الإشكاليّات، وأخرى غيرها، طرحها القسّ متري الراهب، مؤسّس جامعة «دار الكلمة» ورئيسها، على نحو عشرين من أهل الاختصاص حضروا إلى لارنكا من أعمال جزيرة قبرص للمشاركة في طاولة مستديرة عن الثقافة والدين والجسد (٧-٨ يونيو/حزيران). إنّ لفظ «اختصاص»، هنا، يجب أن يؤخذ في معناه الواسع. فلئن كان بين المشاركات والمشاركين مَن انخرط في العمل الجامعيّ، إلّا أنّ بينهم أيضاً من يعنى بالفنّ التشكيليّ، أو يهتمّ بالأدب، أو يمتهن الصحافة. من حيث المنهجيّة، اتّصفت هذه الطاولة المستديرة بمداخلات قصيرة لا تتعدّى الدقائق العشر، وكثير من الحوار. وقد سعت حلقات العمل إلى الطلوع بخلاصات يمكن أن تتأسّس عليها توصيات يُذهب بها إلى ذوي القرار وأصحاب المبادرات المرتبطة بالإشكاليّة المبحوثة. 

الجسد بمفهومه الواسع يشمل تأويله في الأدب، تمثّلاته في الفنّ، حضوره الملتبس في العالم الافتراضيّ، ومحاولات إعادة «إنتاجه» عبر الذكاء الاصطناعيّ. هذه العناصر كلّها رافقت المداخلات وجلسات الحوار. لكن كان من «الطبيعيّ» أن تشغل القضايا المتّصلة بالمرأة عموماً، وجسدها خصوصاً، حيّزاً واسعاً من النقاش. ففضلاً عن النزعة إلى شيطنة هذا الجسد في التراثات الدينيّة وتحويله إلى ما يشبه السلعة في الأنظمة الرأسماليّة، عرّج المشاركات والمشاركون على ظاهرة الاستلاب، التي تتلخّص في أن تتبنّى النساء أفكاراً ذكوريّةً وتدافع عنها. وقد رصد المؤتمرون أنّ صمت النساء اللواتي يتعرّضن للعنف الجسديّ والاغتصاب لا يتّصل بما يشعرن به من خجل فحسب (unspeakable)، بل يرتبط أيضاً بتقصير المجتمع في الإصغاء إليهنّ حين يرغبن في الكلام على التمييز الاجتماعيّ الذي غالباً ما يلحق بهنّ بعد تعرّضهنّ للعنف (unhearable). أمّا حضور النساء الخافت عموماً في المادّة التي تنقلها الوسائل الإعلاميّة «التقليديّة»، فيمكن عزوه لا إلى الذهنيّة الذكوريّة السائدة في معظم هيئات التحرير فحسب، بل إلى تركيز هذه الوسائل أيضاً على السياسة بمعناها الضيّق، التي يصنعها الرجال بالدرجة الأولى، وإلى رغبتها في استرضاء الأحزاب التي تموّلها، حيث دور النساء غالباً ما يكون هامشيّاً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها