الثلاثاء 2024/05/14

آخر تحديث: 06:55 (بيروت)

تجمّع "فيحاؤنا" يكرّم الروائيّ رشيد الضعيف

الثلاثاء 2024/05/14
تجمّع "فيحاؤنا" يكرّم الروائيّ رشيد الضعيف
أشارت الفاروق إلى اهتمام الضعيف في رواياته بالانسان والوجود وعبثيّته
increase حجم الخط decrease
كرّم تجمّع "فيحاؤنا" في طرابلس الروائيّ رشيد الضعيف، وذلك في إطار نشاطاته بمناسبة الاحتفال بطرابلس عاصمة للثقافة العربية للعام 2024. في مركز الصفدي الثقافيّ في طرابلس، بحضور شخصيّات سياسيّة ودينيّة، وبمشاركة الدكتور جان توما، والدكتورة أماني فؤاد من مصر، والروائيّة والإعلامية فضيلة الفاروق من الجزائر.

الكاتب جان توما ألقى كلمة "فيحاؤنا"، فرحّب بالحضور، ونوّه بالسيّدتَيْن المنتديتَيْن القادمتين إلى بلاد الأرز من مصر والجزائر، ممّا "يؤكّد وحدة اللغة في الأبجديّة الإبداعيّة" ما بين المشرق والمغرب العربيّين. وإذ شكر مركز الصفدي على استضافته الاحتفال وسائر النشاطات الاجتماعية والثقافيّة، لفت إلى ما رسمه لنفسه تجمّع "فيحاؤنا" من "مشروع ثقافيّ جبَلَه الحراك الفكريّ في المنطقة (...) لتقديم روزنامة ثقافيّة متنوّعة (...) همّها تثبيت هويّة طرابلس الفيحاء، كما كانت، على خارطة الثقافة، تعاوناً وتضامناً ومشاركة فعليّة في تطوير قدرات المدينة العلميّة والفكريّة والأدبيّة".

(فضيلة الفاروق)
ثم كانت المداخلة الأولى للدكتورة أماني فؤاد أستاذة النقد الحديث في أكاديميّة الفنون في القاهرة، تناولت الدكتورة ما يميّز في نظرها أدب رشيد الضّعيف على مختلف المستويات، من الموضوعات إلى التقنيّات إلى البنى الفكريّة والأدبيّة. وقد رأت أوّلاً أن كتابة رشيد الضّعيف تتأسّس على الجرأة والتفرّد والكشف والتجريب، عبر رصد الواقع ومشاغبته، ثمّ عبر الغوص في الميتولوجيا والفانتازيا والتخييل الرحب. وربّما كان ذلك في رأيها بفعل "السأم من جمود الواقع وتكلّسه"، أو أنّ الكتّاب، كما رشيد، يريدون بذلك التأكيد أنّه يمكن تقويض الواقع السيّئ القائم وتغييره كما يمكن ذلك في عالم الخيال والأدب.

وقد رأت المتحدّثة أنّ هذه النزعة إلى التغيير تسندها في أدب رشيد الضعيف التقنيات السرديّة المتجرّئة، وهذه التقنيات عنده هي "الحامل الجوهريّ للأفكار"، وهي التي أراد بها تقويض الجمود والتكلّس متطلِّعاً إلى الحرّية وإطلاق طاقات الخيال البشريّ. وهذا ما يحمله فعلاً على الكتابة بلغة الحياة والعصر كوسيلة ينفّذ بها عمليّة التقويض هذه. وأكثر  ما تجلّى تجديده في الشكل الكتابيّ هو في روايتَيْه الأميرة والخاتم و الوجه الآخر للظلّ، مع الإشارة إلى أنّه في هاتين الروايتين على الأخص قد غرف بشكلٍ أساسيّ من الموروث العربيّ ومن القَصص الدينيّ (من قصص السيّدة مريم العذراء مثلاً). وقد رأت د. أماني أنّ الاستعانة بالميتولوجيا والأساطير غذّت عند الروائيّ نزعته إلى  تقويض تقنيتَيْ المكان والزمان في العمل الروائيّ، كما نرى في رواية الوجه الآخر للظّل مثلاً.
من ناحية أخرى لفتت الناقدة إلى أنّ في بعض أعمال الضعيف نواحيَ من سيرته الشخصيّة، كأنّما في ذلك تأكيداً على تفرّده، وهو ما قاده أحياناً إلى نوعٍ من البوح والاعتراف، سواء بالمواقف السياسيّة التي تكوّنت لديه في مختلف مراحل الحياة، أو بالنزعة العدميّة التي تبدو طاغية بشكلٍ جليّ على  بعض نصوصه. وفي هذا السياق يأتي إيلاؤه أهمّية كبرى لدور المرأة والأم على الأخصّ، ومحاولته كسر طوق التميّيز الذكوري المحكَم حولها. وكان لا بدّ في سياق السيرة الذاتيّة من ظهور مشاهد ووجوه بارزة ولافتة من جغرافيا لبنان بساحله وجبله، بمدنه وريفه.

وختمت أماني فؤاد بتسليط الضوء على السّمة الأساسيّة البارزة بدون مواربة في أدب رشيد الضعيف، وهي تقصد نزعته الإنسانيّة التي "تظل الغيمة المتعالية التي تُظَلِّل نصوصه، فهي إيمانه الحقيقيّ الذي وفقه يرى نجاة العالم والبشر معاً".
الفاروق: التجديد بعيداً عن الكلاسيكيّة
ثمّ تكلّمت الروائيّة الجزائريّة فضيلة الفاروق، لافتةً في بدء كلمتها إلى التقارب بينها وبين الدكتورة أماني في النظرة إلى أدب رشيد الضعيف، هذا الروائي والكاتب والشاعر الذي تعتبره أكثر الأدباء العرب تجديداً في ابتعاده عن النوع الروائيّ الكلاسيكيّ. وقد اعترفت في مكانٍ ما من كلمتها بأنّ أدب رشيد يجعلك أحياناً تحبّه وأحياناً أخرى تكرهه (وهذا انطباع منها وحسب)، ولذلك ربّما بدأت مداخلتها حوله باعتبارها أنّه من العبثّية ادّعاء فهم سرديّات رشيد الضّعيف المتنوعّة من أوّل قراءة، وهنا مكمن قوته.

أشارت الفاروق إلى اهتمام الضعيف في رواياته بالانسان والوجود وعبثيّته، فمعه يجوب القارئ عوالم في الزوايا المظلِمة من مجتمعاتنا، عوالم ممّا فوق الخيال، ضمن النمط الواقعيّ إنّما غير المألوف، وصولاً في إصداراته الأخيرة إلى دخول عوالم السحر لكسر الفضاءات الزمنيّة والمكانيّة، معتمداً تقنيات سرديّة تثير الدهشة والتأمل على حدّ سواء، في موضوعات إنسانيّة عميقة مثل الحبّ والموت والحلم والوجود.
(أماني فؤاد)
وقد رأت الفاروق أنّ في أدب رشيد الضعيف ثوابت ينطلق منها ويعمل على أساسها، ومنها استعماله المبتكِر للعناصر الخياليّة، ومزجه بين الفلسفي والروحاني والاستعانة بالموروث الدينيّ من دون التصريح به، ناهيك من التأثر بالأساطير العربيّة وسواها، تماشياً مع افتتانه بكلّ ما هو غير عقلانيّ. وإذ تلفت إلى "تسلّل كل ما هو خارق للطبيعة عبر أدواته الجمالية إلى نصّه" وذلك من أجل إعادة "بناء المعنى وفضاءاته الزمانيّة والمكانيّة" الخاصّة به، ترى الناقدة أنّ رشيد الضعيف يؤكّد في ذلك أنّه من العاملين على إعادة تشكيل، أو تأسيس المعايير الأدبيّة المعاصرة في نتاجه الروائيّ.

وفي كلامها على أسلوبه شدَّدت الفاروق على سعي الضّعيف إلى كسر القوالب التقليديّة عبر أساليب وتقنيات سرديّة متنوّعة، مثل السرد المتعدّد والتجزئة السرديّة واعتماد الصدمة والمفاجأة والفكاهة والسخرية، إضافة إلى سائر أشكال التجريب الأسلوبيّ.

وكما الدكتورة أماني، لفتت الكاتبة الفاروق إلى ما في أدب رشيد الضعيف من نصرة للأمومة وللأنثى عموماً إزاء المظالم التي تعرّضت لها في كلّ الأزمان والأمكنة.

بعد هاتين المداخلتين عُرِض شريط فيديو جُمعت فيه بعض اللقطات من مقابلات عديدة أجريت مع الكاتب في العالم العربيّ وفي أوروبا، ويبدو فيها مجيباً عن أسئلة تتعلّق بأدبه، موضوعات وأساليب، ومفصِّلا جوانب كثيرة من مفهومه الخاص للأدب والرواية. 
وأخيراً كانت شهادات مختصَرة في أدب رشيد الضعيف، أدلى بها كل من الرسامة خيرات الزين والإعلاميّة فاتن حموي، والدكتور فوزي يمين.
  
  
  
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها