تكثف مؤسسة وقف الديانة التركية دعمها في قطاعات الاغاثة والإسكان والتعليم في مناطق إدلب شمال غربي سوريا، ومن المفترض أن يمهد دعم الوقف لدعم حكومي تركي أوسع يشمل قطاعات خدمية أخرى، أهمها المجالس المحلية، وذلك على غرار الدعم التركي الذي تحصل عليه المجالس في مناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون" و"نبع السلام" في شمال سوريا.
وافتتح مدير مؤسسة وقف الديانة التركي، إيزاني طوران، المكتب المركزي للمؤسسة شمالي إدلب، ويضم المكتب مستودعات لتخزين المساعدات، كما افتتحت المؤسسة قرية دار السلام في منطقة سرمدا، وتضم حوالي 100 شقة سكنية، واطلع مسؤولو الوقف على مراحل العمل في المشاريع السكنية التي تقام في منطقة كفر جالس بريف إدلب.
وأهم المشاريع التي افتتحتها المؤسسة بحضور مديرها أخيراً، كانت الثانوية الشرعية الكبرى في مدينة إدلب والتي من المفترض أن تستوعب مئات الطلاب، ومن الجنسين، وهذه المرة الأولى التي تدعم فيها جهات رسمية تركية مشاريع تعليمية في مناطق تديرها حكومة الإنقاذ التابعة لـ"هيئة تحرير الشام".
وقال مدير المكتب الإعلامي في مؤسسة وقف الديانة التركي-مكتب سوريا، أبو العز الحلبي، إن الثانوية الشرعية تتألف من 20 قاعة صفية وعدد الطلاب في الشعبة الواحدة يصل تقريباً إلى ٣٥ طالب، والدوام المدرسي سيكون على فوجين، ومن المتوقع أن يصل عدد الطلاب إلى 1400 طالب وطالبة".
وأضاف لـ"المدن" أن "الثانوية ستضم خلال السنوات القادمة مساكن لمبيت الطلاب، وخصوصاً الوافدين، ويحق لخريجي الثانوية الشرعية التسجيل في جميع جامعات مناطق المعارضة، فالثانوية بإدلب يقابلها الثانوية الشرعية (الإمام والخطيب) في تركيا وهذا يجعل موضوع متابعة الطالب لدراسته في تركيا مع تعديل شهادته ممكنا". وقال الحلبي "نعمل في مؤسسة وقف الديانة بجد لدعم كافة القطاعات، ولن ندخر جهداً في توسيع عملنا في هذه المناطق، وعلى رأس الأولويات التعليم كأداة للنهوض بالمجتمع".
وتأتي الزيادة في تدفق الدعم التركي بمناطق إدلب بعدما اتخذت حكومة الإنقاذ العديد من الإجراءات التي نظمت من خلالها التعليم وبدت أكثر انفتاحاً على الدعم التركي، وخصوصاً التعليم الشرعي والذي جعلته تحت اشرافها بالكلية وأغلقت عدداً من المعاهد التي لم تلتزم بقوانين الترخيص، ولم تلتزم بالمناهج المحددة (البعيدة عن المنهج السلفي)، ويسود اعتقاد أنه في حال أبدت الإنقاذ المزيد من الانفتاح على الدعم التركي فإنه سيشمل في مراحل لاحقة القطاعات الخدمية عامة، والتعليم العام بمختلف مراحله ما قبل الثانوي والذي يعاني من تكرار انقطاع الدعم الذي تقدمه المنظمات عادة.
وقال الباحث في "مركز جسور للدراسات"، وائل علوان لـ"المدن" إن "هناك اختلافاً جوهرياً بين مناطق سيطرة حكومتي الإنقاذ والمؤقتة شمال سوريا، فالمناطق التي تديرها الإنقاذ هي مناطق خفض تصعيد وليست مناطق وقف إطلاق نار كما هو الحال في المناطق التي تنتشر فيها فصائل الجيش الوطني وتديرها المؤقتة، وجميعها مدعومة من تركيا بشكل مباشر، أما في إدلب فما تزال المؤسسات جميعها تحت سلطة تحرير الشام، ويبدو أن الدعم التركي المحدود في إدلب قد حددته اتفاقية خفض التصعيد بين روسيا وتركيا، وفي حال تم التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار كما حصل في مناطق الفصائل قد نشهد زيادة وتنوع في أشكال الدعم التركي بما فيها المجالس المحلية".
وقال مصدر في حكومة الإنقاذ لـ"المدن"، إن "تحرير الشام" ليست مستعدة للتنازل عن هيمنتها وتحكمها في الإدارة المدنية، وهذا هو السبب الرئيسي في تأخر الدعم التركي الذي من المفترض أن يشمل كافة القطاعات، واتفاقية خفض التصعيد لم تحدد أصلاً سقفاً للدعم التركي في مناطق نفوذها، فالدعم المفترض مشروط ربما بالتنازل عن الإدارة لصالح مشرفين ومنسقين أتراك كما هو الحال في مناطق سيطرة الفصائل، وهذا ما لا ترغب تحرير الشام بتطبيقه، بل تطمح لأن تخطو خطوة إلى الأمام من خلال السيطرة على مناطق سيطرة الفصائل ودمج الحكومة المؤقتة في حكومتها، وإنهاء حالة الاشراف التركي المباشر على مختلف القطاعات والتي لطالما كانت تنتقدها.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها