يعاني العناصر في قوات النظام والميليشيات الموالية لها من الانهاك بسبب العمل لساعات طويلة في بساتين النازحين التي استولى عليها قادتهم في مناطق جنوب وشرق محافظة إدلب، وفي منطقة سهل الغاب شمال غربي محافظة حماة، وهو ما أثر سلباً على جاهزيتهم القتالية في خطوط الرباط مع الفصائل المعارضة، والتي شهدت عدداً من الهجمات البرية خلال الأسابيع القليلة الماضية، متسببة بوقوع خسائر كبيرة في صفوف قوات النظام.
وتصاعدت شكاوى العناصر بسبب إجبارهم من قبل قادتهم على العمل "سخرة" في البساتين والأراضي الزراعية مع بداية موسم قطاف محاصيل اللوز والجوز والفستق والتين، ومحاصيل الخضروات الصيفية، وهي محاصيل تشتهر بها مناطق تمركزهم التي تتميز بجودة تربتها وبوفرة مياهها الجوفية. وعادة ما تباع المحاصيل التي يرجع ريعها للقادة في قوات النظام بأسواق حماة، وأسواق ناشئة أخرى في ريف حماة.
وقال مرصد الحكم ل"المدن" إن "المجموعات التابعة لقوات النظام والمجموعات التابعة للفرقة 25 مهام خاصة (قوات النمر)، والفيلق الخامس، المنتشرة في مناطق جنوب وشرق إدلب، وتتمركز تحديداً في كفر موس ومعرة حرمة وكفر سجنة والشيخ مصطفى وحزارين ومعر زيتا وجبالا وكفر رومة وكفر نبل وحيش والعميقة وخان السبل وكفر بطيخ وجوباس وغيرها من البلدات القريبة من خطوط التماس، جرى تسخير أكثر من 70 بالمئة من أعدادهم لقطاف المحاصيل من أراضي وبساتين النازحين، وذلك بأمر قادتهم، ومن يرفض العمل في (السخرة) تتم معاقبته".
وأضاف: "تسخير عناصر قوات النظام والميليشيات للعمل لحساب قادتهم في مناطق إدلب التي سيطر عليها النظام أواخر العام 2019 ليس جديداً، وفي الغالب لم يكن العناصر يتذمرون، حينها كانت المجموعات منهمكة في تفكيك الحديد من الأسقف، والأبواب ويسرقون محتويات منازل النازحين، وكانوا يحصلون على حصص معتبرة، أما اليوم فالوضع مختلف".
وقال: "في الوقت الحالي، عمل العناصر لحساب قادتهم قسراً ومن دون مقابل، كما أن الأعمال اليومية المكلفين بها متعبة بالفعل بسبب العمل لساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة، وهم مجبرون على تأدية واجباتهم العسكرية أيضاَ، والرباط في نقاط انتشارهم إلى جانب عملهم في الأراضي، ولعل مقتل أعداد كبيرة منهم خلال الهجمات التي نفذتها الفصائل في محاور الملاجة والصراف وغيرها كان سبباً في تصاعد الشكاوى والمطالبة بالتفرغ للرباط في الجبهات".
وكانت غرفة عمليات "الفتح المبين" التي تتزعمها "هيئة تحرير الشام" إلى جانب عدة تشكيلات عسكرية أخرى قد نفذت خلال 3 أسابيع، هجمات برية محدودة تسببت بمقتل العشرات، وأهم العمليات كانت في محور النبي يونس والصراف بريف اللاذقية، والملاجة جنوبي إدلب، والعملية التي استهدفت محور كفر تعال بريف حلب الغربي، وكانت حصيلة قتلى عملية الصراف الأكبر، إذ خسر فيها النظام أكثر من 17 عنصراً بينهم ضباط.
وقال المحلل العسكري العقيد مصطفى بكور لـ"المدن" إن "هذا النوع من السخرة معتاد لدى قوات النظام، حتى من قبل الثورة، حيث يقوم المجندون بتقديم خدمات مجانية للضباط في مزارعهم وبيوتهم ومشاريعهم الاقتصادية وقطاف مواسمهم، وخلال الحرب زادت هذه الظاهرة بسبب تهجير أعداد كبيرة من السوريين واغتصاب القادة لمساحات واسعة من الأراضي والبساتين وخاصة كروم الزيتون والفستق الحلبي والتين".
وأضاف: "فرضية انهاك العناصر في أعمال أخرى لحساب قادتهم خارج نطاق عملهم العسكري، يمكن بالفعل أن تكون سبباً في حصول اختراقات في جبهات القتال، ووقوعهم بسهولة في كمائن تنصبها لهم الفصائل، وهي فرضية منطقية، فالعنصر عندما يشعر بالظلم فلن يكون جدياً في الدفاع عن قائده ولا عن الموقع الذي يتمركز فيه، وعندما يستنفذ قائده أو زعيم المليشيات التي يتبع لها طاقة العنصر في السخرة فلن يكون قادراً على أداء ما كلف به في جبهات القتال".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها