انتشر عناصر من "الفرقة الرابعة" و"الفرقة 15"، بشكل مفاجئ ليل الخميس/الجمعة، في منطقة دوار العنقود في مدخل مدينة السويداء الشمالي، مزودين برشاشات 23 و14.7، وقاموا بتوقيف المارة وتفتيش بطاقاتهم الشخصية. ودفع ذلك فصيل "بيرق عتيل الكرامة" للتوجه إلى عناصر النظام، والاستفسار منهم عن سبب الانتشار، لكن عميداً من "الفرقة الرابعة" استفز أفراد الفصيل وهددهم بالقتل، ليتطور الأمر الى إطلاق نار كثيف بين الطرفين، لم يسفر عن وقوع إصابات.
ووصلت بعد ذلك مؤازرات لـ"بيرق عتيل الكرامة"، وهو ينتمي لفصائل "الشريان الواحد"، وقامت بنصب حاجزين على دوار الباسل وفي بلدة عتيل. واحتجزت الفصائل رقيباً أول وملازماً من فرع "أمن الدولة"، ونقيباً من "الفرقة الرابعة"، مهددين بالتصعيد، ومطالبين بانسحاب عناصر النظام من موقعهم الجديد في مدخل المدينة، وتقديم اعتذار لـ"بيرق عتيل"، مقابل الإفراج عن الضباط المحتجزين.
مندوب روسيا في المنطقة الجنوبية، ومبعوثين من مشايخ العقل وقادة من الفصائل المحلية والموالية، تدخلوا لاحتواء الموقف، وحاولوا التوسط مع "بيرق عتيل" للإفراج عن المختطفين. وبعد ساعتين، انسحب عناصر النظام من دوار العنقود مسافة 300 متر شرقاً، إلى فرع "المخابرات الجوية"، ثم أرسل فرع "المخابرات العسكرية" ضابطاً برتبة عميد إلى بلدة عتيل، قدم اعتذاراً لعناصر الفصيل، وتسلم الضباط الثلاثة الذين تم الإفراج عنهم.
مصدر خاص أكد لـ"المدن"، أن مجهولين كانوا قد استهدفوا قبل ساعات من التوتر، مبنى فرع "حزب البعث" في مدخل السويداء، بقذيفة هاون عيار 60، أصابت الشرفة الشرقية للمبنى، وأدت أضرار مادية. الإعلام الموالي للنظام تكتم على الخبر، وزعم أن صوت الانفجار ناجم عن الرعود والأحوال الجوية. وعُقد مباشرة بعد ذلك اجتماع أمني ضم قيادات "البعث" وفروع الأجهزة الأمنية، في مبنى فرع الحزب، تزامناً مع نصب الحاجز على دوار العنقود.
وبرر المصدر نصب الحاجز بـ"صدور أوامر من القيادة العليا للجيش، تنص على نشر حاجز مؤقت في مدخل المدينة، بهدف تقصي شخصين متهمين باغتيال ضابط أمن الفرقة 15 العميد جمال الأحمد". وكان الأحمد قد قُتل بنيران مسلحين مجهولين، قبل أيام، غربي المحافظة. كما نصب النظام حاجزاً جديداً على طريق الحج، في المنطقة التي استهدف فيها العميد.
وبحسب معلومات "المدن"، يعتبر العميد الأحمد، من أبرز ضباط "الفرقة 15"، وكان يشرف على مقر "أمن الفرقة 15" في منطقة القلعة بمدينة السويداء، منذ سنوات. وكان الأحمد يقوم بجولات دورية في اوقات غير منتظمة، على الأفواج التابعة لـ"الفرقة 15"، ومنها "الفوج 404"، حيث تم اغتياله بعد خروجه منه.
وكشف مصدر أمني لـ"المدن"، عن التفاصيل التي وردت في محضر التحقيق بمقتل الأحمد، وتفيد بأن مجموعة مسلحين يستقلون 3 سيارات إحداها "كيا سيراتو" سوداء، كانت بانتظار العميد عند مفرق قرية ريمة اللحف الغربي، الذي يشكل تقاطعاً بين طريق الحج وطريق الفوج. وقبل وصول سيارة العميد إلى مكان الكمين بأمتار قليلة، بادر المسلحون بإطلاق النار على السيارة من الجهة الأمامية،مما أدى لمقتل العميد وإصابة سائقه بجروح. وفر المسلحون باتجاه بلدة عريقة. وتدل التفاصيل التي توصل لها التحقيق، أن الجهة المنفذة كانت على علم مسبق بتحركات الضابط، مرجحاً فرضية "الخيانة" الداخلية من قوات النظام.
لكن ضباط النظام في المنطقة، وجهوا أصابع الاتهام لعصابة مسلحة تنشط في بلدة عريقة، وتعتبر من أخطر المجموعات في المحافظة، كونها مسؤولة عن عشرات حوادث الخطف والقتل في المنطقة منذ سنوات، ومنها خطف ضباط وعناصر للنظام لمقايضتهم على أفراد المجموعة عند اعتقال احدهم، وهجمات مسلحة متكررة على مخفر البلدة. مصدر محلي من عريقة، أكد لـ"المدن"، أن بعض المزارعين شاهدوا سيارات المسلحين، وأكدوا أنها لم تدخل بلدتهم، كما أن طريق الحج الذي كان مسرحاً لعملية الاغتيال، يعتبر من ابرز الطرقات العسكرية في السويداء، حيث تنتشر على جانبيه مواقع للنظام، إضافة لـ3 حواجز ضمن مسافة لا تتجاوز 20 كيلومتراً.
وتأتي هذه الأحداث ضمن سياق من التطورات المتسارعة على المشهد الأمني في السويداء. إذ استُهدف قبل يومين فرع "المخابرات العسكرية" بقذيفة "آر بي جي". وبحسب ما قاله مصدر أمني لـ"المدن"، إن شخصين كانا يستقلان دراجة نارية، استهدف أحدهما مبنى الفرع، ما أدى لأضرار مادية محدودة. وقد اتهم النظام أفراداً من فصائل "الشريان الواحد" بالحادثة، التي تزامنت مع إلقاء مجهولين قنبلة يدوية على سيارة قيادي من الفصائل المحلية، كانت مركونة أمام منزله، فضلاً عن قيام مجهولين بالتجول في شوارع المدينة ليلاً، ورمي قنابل صوتية وإطلاق نار عشوائي.
كما استهدف مجهولون، مجموعة عناصر من قوات فصيل "قوات شيخ الكرامة" في صلخد، بقنبلة يدوية، أدت الى وقوع إصابات بين عناصر الفصيل. ما يزيد من المؤشرات التي توحي بأن السويداء تتقلب على صفيح ساخن، منذ بداية مسلسل الاغتيالات في الأسابيع الماضية.
وفي بيان منشور على صفحة "مجموعات الشريان الواحد" في "فيسبوك"، قبل ساعات، حذرت فيه الأجهزة الأمنية و"من لف لفيفها" من "اللعب بالنار"، ومحاولة إثارة "الفتن والقلاقل". واعتبرت أن تحذيرها هو "الأخير من نوعه، وأن صبرها قد بدأ ينفد، في ظل استمرار تجاوزات النظام"، وأضاف البيان: "لقد أعلنا موقفنا الرافض لاقامة الحواجز في المدن والقرى، لأننا نعلم فسادكم مسبقاً ونيتكم المبيتة تجاه جبلنا وأهله. لذا فإننا وهنا لا نحذركم، وستكون أهدافنا مختلف الفروع الامنية في القرى والنواحي والمدن". وتابع: "لن يكون الحاجز الا نقطة عبور لن نتهاون بعدها بالتعامل وبحزم تجاه تجاوزته، ولن نسمح باعتقال او توقيف اي انسان بشكل تعسفي، أو على خلفية مواقفه المشرفة الرافضة للظلم والفساد".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها