وتزامن ذلك مع استقدام النظام لتعزيزات كبيرة، الخميس، تمركزت على حاجز الكوم في مدخل مدينة السويداء الجنوبي. ونصبت قوات النظام حاجزاً جديداً، بين قريتي الطيبة ومفعلة، مؤلف من 7 سيارات دوشكا، وسيارة 23، ودبابتين و300 عنصر.
وبدأت قوات النظام تعزيز تواجدها في السويداء، ليل الأربعاء/الخميس، بمئات العناصر. وأعطيت تعليمات جديدة، لتلك القوات، بالرد الفوري على أي "اعتداء" تتعرض له، وذلك بغرض إعادة "هيبة" النظام. في الأيام السابقة، كانت قوات النظام قد
رضخت لمطلب إحدى عصابات الخطف في السويداء، وأطلقت سراح موقوف لديها.
التعزيزات التي وصلت إلى مناطق متفرقة تألفت من مئات العناصر من "الفرقة الخامسة" و"الفرقة التاسعة"، مزودين بعربات مصفحة وسيارات تحمل رشاشات متوسطة. وانتشرت التعزيزات على الحواجز الأمنية، بعد بناء كرفانات لإقامة العناصر فيها. وشمل ذلك حواجز النقل وشهبا وأم ضبيب وطريق الجبل ومفرق صلاخد، بأعداد تتراوح بين 50 و75 عنصراً لكل حاجز. كما شهدت فروع الأجهزة الأمنية استنفاراً مع وصول تعزيزات أمنية لها أيضاً، وسيّرت دوريات أمنية ضمن أرتال في بعض أرجاء المدينة المجاورة لفروع الأجهزة الأمنية.
مصادر محلية أكدت لـ"المدن" أن عناصر الحواجز المعززة تُدقق في بطاقات الهوية الشخصية للمارين، وتفتش السيارات، في مشهد غاب منذ سنوات عن السويداء. إذ كان تواجد الحواجز شكلياً، ويقتصر تدقيقها على النازحين من المحافظات الأخرى. الحواجز وحتى اللحظة لم تحاول اعتقال أي شخص من السويداء، رغم مرور مطلوبين للخدمة العسكرية عبرها.
وعقب وصول التعزيزات إلى حاجز شهبا توجه عناصر فصيل محلي إليه وحذروا العناصر من أي خطوات استفزازية. لكن عناصر النظام ردوا بالتهديد والوعيد، وقالوا لأفراد الفصيل: "هذه المرة اعتبرناكم ضيوف، لكن في المرة القادمة سيكون الرصاص بيننا وبينكم". المشادة الكلامية بين الطرفين انتهت بانسحاب الفصيل إلى شهبا. وتنتشر في مدينة شهبا مليشيات محلية مسلحة، وكذلك بعض عصابات الخطف والتهريب.
مصدر أمني، قال لـ"المدن"، إن سبب إرسال التعزيزات هو خطف "عصابات مسلحة" لعناصر من قوات النظام لمبادلتهم بموقوف لدى "الأمن العسكري". المصدر أشار إلى أن الهدف من تحركات قوات النظام هو فرض "هيبة الدولة" وحماية الحواجز والفروع الأمنية والمنشآت الحكومية ومراكز التدريب، ومكافحة "الخلايا النائمة"، ولديهم تعليمات من "القيادة العليا" بالتعامل الفوري مع أي اعتداء من "المجموعات المسلحة". وأضاف أنه سيتم تفعيل حواجز جديدة على مداخل مدينة السويداء، بعد إرسال تعزيزات إضافية في الأيام القادمة.
وأوضح المصدر الأمني عدم وجود أوامر في الوقت الحالي لاعتقال المطلوبين للخدمة العسكرية أو اعتراض عناصر الفصائل المحلية، "لكن الرد سيكون حازماً هذه المرة على أي اعتداء يتعرض له" عناصر النظام.
مصادر "المدن" أكدت أن مليشيا "حزب الله" تقف وراء التعجيل باتخاذ قرار الانتشار العسكري في السويداء، بعد فقدان أحد عناصرها، اللبناني علي السايس، مع سيارته الجيب بيضاء اللون، في ظروف غامضة. وسبقت ذلك حالة توتر، الاثنين، بعد اختطاف عصابة محلية لعناصر من النظام. مصادر "المدن" أكدت تشديد قوات النظام المراقبة على كافة الطرق المؤدية إلى قرية الطيبة، مسقط رأس قائد العصابة، وتقصيها عن المتهمين بإخفاء السايس.
فصائل السويداء المحلية استنفرت فور انتشار التعزيزات، ورفعت من جاهزية أفرادها، في ظل ترقب حذر لتحركات النظام. واعتبر قيادي من فصائل "شريان الكرامة"، في حديثه لـ"المدن"، أن تحركات النظام تعتبر تصعيداً خطيراً للأوضاع في المحافظة، مرجحاً اندلاع مواجهات في حال حدوث تجاوزات من الحواجز. وقال المصدر إنهم أرسلوا تحذيرات لمسؤولي النظام في السويداء بضرورة التزام حدودهم، وعدم تنفيذ أي اعتقالات أو مداهمات ضد عناصر الفصائل أو الشبان المطلوبين للخدمة العسكرية. كما أخطروا الوجهاء باستعدادهم للرد على التجاوزات إذا حدثت. المصدر شكك بنية النظام في محاربة العصابات التي "لا تحتاج لردعها كل هذا الجيش العرمرم"، بحسب وصفه.
"قوات شيخ الكرامة" كانت قد احتجزت سيارة لـ"الأمن العسكري" في مدينة صلخد، الأربعاء، على خلفية استنجاد عائلة من قرية برد بها، لمساعدتها على استرجاع منزلها الذي سبق واستولت عليه مليشيات النظام منذ سنوات بتهمة انتماء بعض أفرادها للمعارضة المسلحة. "قوات شيخ الكرامة" هددت باحتجاز عناصر وسيارات إضافية لـ"الأمن العسكري" إن لم تُعِد المنزل لأصحابه. الأمن العسكري" تعهد بإخلاء المنزل، الخميس، بعد تدخل وجهاء المنطقة.
ويتذرع النظام بـ"مطالب شعبية" تسأله الانتشار لإنهاء حالة الفلتان الأمني في السويداء. ويُذكّر مسؤولو النظام بمنحهم غطاء وتفويضاً من الهيئات الروحية والاجتماعية لمحاربة العصابات والحد من انتشارها. مصدر مقرب من "مشيخة العقل"، قال لـ"المدن"، بوجود "موافقة ضمنية" من مشايخ الطائفة في السويداء على انتشار قوات النظام، "شريطة التعامل بليونة مع المواطنين وعدم ملاحقة المطلوبين للخدمة العسكرية في الوقت الراهن". والسؤال الذي يطرحه العديد من أبناء المحافظة بعد وصول التعزيزات الأمنية والعسكرية: "هل جلبتم الغاز والمازوت والكهرباء معكم؟".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها