استعادت "جبهة تحرير سوريا" السيطرة على نقاط استراتيجية في ريفي إدلب الجنوبي وحلب الغربي، وتقدمت في جبل الزاوية بعد معارك مع "هيئة تحرير الشام"، وذلك بعدما فشلت لجنة الوساطة بين الطرفين. "تحرير الشام" استعانت بالتركستان في الجولة الجديدة من المعركة، التي تختلف عن سابقاتها بمشاركة فصائل جديدة، واتساع نطاق محرقة الاقتتال الداخلي.
وصدّت "جبهة تحرير سوريا" هجوماً، الأربعاء، على مواقع سيطرتها في كرسعة وترملا في ريف إدلب الجنوبي، وسيطرت على بلدة كفرسجنة بعد دخول قوات "تحرير الشام" إلى البلدة التي اعتزلت القتال. وسيطر "صقور الشام" على تلال في جبل الزاوية بالقرب من بلدة احسم الاستراتيجية في جبل الزاوية وبلدة مرعيان. وفي ريف حلب الغربي بسطت "تحرير سوريا" سيطرتها على قرية عاجل، وجمعية السعدية، وتلتي النعمان والضبعة، وجمعية الفرسان، بعد صد أرتال "الهيئة" على بلدات مختلفة أهمها تقاد.
وقال القائد العسكري في "صقور الشام" أبو همام صقور، لـ"المدن": "بعد هجوم تحرير الشام على مواقعنا في ريف إدلب الجنوبي، اتبعنا تكتيكاً عسكرياً لتشتيت قواتهم، خاصة بعدما دمرنا رتلين زجت بهما هيئة تحرير الشام للبغي على مناطق سيطرتنا في ريف إدلب الجنوبي وسهل الغاب. خلال سيطرتنا على قرى ترملا وكفرسجنة وكرسعة في ريف إدلب الجنوبي، وأجزاء من الأوتوستراد الدولي حلب-دمشق لتأمين مدينة معرة النعمان بعد هجوم الهيئة عليها، شنت قواتنا هجوماً مباغتاً على معسكر الفوارس في بلدة إحسم؛ وهو معسكر مخصص لمقاتلين دون سن 18 عام، يتم تحضير المقاتلين لإطاعة أمر قادتهم حتى الموت وإعدادهم عقائدياً لمحاربة الثوار على اعتبارنا مفسدين ومرتدين".
وأوضح أبو همام: "هجومنا على بلدة احسم وقرية مرعيان المحاذية لها من الجهة الشمالية أوقع قتلى في صفوف تحرير الشام، وسيطرنا على تلال استراتيجية، رغم إصابة أبو البشر، القائد العسكري للعملية ونجل قائد صقور الشام، وتم أسر أبو عبد الكريم أمير الهيئة في بلدة حاس بعد كمين محكم".
وقال مصدر عسكري من "هيئة تحرير الشام" لـ"المدن": "الآن بدأت مرحلة جدية، وانتقلت المعركة إلى معاقل تحرير سوريا، وهو دليل على قرب نهايتهم، فقد حاولوا استغلال هجومنا على قوات النظام في ريفي حمص وحماة لطعننا من الخلف خلال تصدينا للمليشيات الإيرانية".
وتشهد المعارك بين الطرفين، دخول "الحزب الإسلامي التركستاني" على خط المواجهات إلى جانب قوات الجولاني، من جديد، بعدما كان التركستان قد أصدروا بياناً منذ بدء الاقتتال أعلنوا فيه وقوفهم على الحياد وعدم توجيه سلاحهم إلا ضد نظام الأسد.
وقال القائد العسكري لـ"لواء مصعب بن عمير" التابع لـ"صقور الشام" أبو طالب ابلين، لـ"المدن": "بعد مؤازرة التركستان لتحرير الشام والسيطرة على مدينة معرتمصرين شمال إدلب، أعلنوا وقوفهم على الحياد من الاقتتال الدائر، رغم استمرار مشاركتهم في العمليات القتالية بريف حلب الشمالي وجبل الزاوية، ويشارك الحزب التركستاني في معارك جبل الزاوية وخاصة سرية القناصين المنتشرة على خطوط المواجهات في حاجز البياضة الفاصل بين بلدتي الرامي ومرعيان في جبل الزاوية، وتوجد مجموعات منتشرة في بعض القرى الخاضعة لسيطرة الهيئة تتولى المؤازرات كما حصل في معسكر الفوارس وفي بلدة مرعيان".
ومع المشاركة العلنية للتركستان في المعركة بين كبرى الفصائل شمالي سوريا، يبدو أن "جيش الأحرار" بقيادة أبو صالح طحان، المنشق عن "الهيئة" لن يقف مكتوف الأيدي. فقد أعلن في وقت سابق أنه سيتدخل عسكرياً في حال شارك "الحزب الإسلامي التركستاني" في المعارك إلى جانب "الهيئة"، خاصة بعد الاشتباكات بين "جيش الأحرار" وبين "هيئة تحرير الشام" في ريفي إدلب وحلب الجنوبي على نقاط سيطرة.
مصدر عسكري في "جيش الأحرار"، قال لـ"المدن"، إن "هيئة تحرير الشام تحاول اقتحام بلدة تفتناز؛ مقر جيش الأحرار، ومطارها العسكري لاستعادة آلياتها التي سيطر عليها جيش الأحرار باعتبارها آليات خاصة به سلبتها الهيئة منه بعد انشقاقه عنها، لكن الفصيل المنشق عنها تصدى لمحاولات الاقتحام، وتشهد العلاقات بينهما توتراً كبيراً يمكن أن يضع جيش الأحرار في التحالف الذي تشارك فيه أحرار الشام؛ الفصيل الذي انشق عنه طحان وانضم لتحرير الشام برفقة أبو جابر الشيخ".
وقال المصدر: "جعلت هيئة تحرير الشام مطار تفتناز العسكري رحبة عسكرية لإصلاح الآليات، وهي تعتمد في معاركها مع تحرير سوريا على الآليات الثقيلة، وخسرت عشرات منها في عمليات الاقتحام، وتوجد في المطار 15 ناقلة جنود، و30 دبابة، بعض من هذه الآليات جاهزة للاستخدام، لكن جيش الأحرار فرض سيطرته على المطار بما فيه، واعتبره جزءاً من حقوقه التي سلبتها الهيئة، ما دفعها لإرسال وسطاء خلال الهدنة، محاولات الهيئة قوبلت بالرفض، ما دفعها للهجوم على المطار أكثر من مرة دون إحراز أي تقدم نتيجة مقاومة جيش الأحرار".
ويرى المصدر أن تحفظ الطحان على العربات الثقيلة داخل مطار تفتناز سيضعف القدرات الهجومية لـ"تحرير الشام"، بعد هزائم منيت بها في ريفي حلب وإدلب خلال الساعات الماضية، وفي حال استمرت حالة الهجوم على المطار لن يقف "جيش الأحرار" مكتوف الأيدي، وسيحارب "الهيئة" باعتبارها لم تستجب لمطالب الصلح.
ومع دخول الاقتتال شهره الثالث، قالت مصادر محلية إن عدد القتلى بين الطرفين وصل إلى 975 عنصراً، منهم 750 من "هيئة تحرير الشام"، وتخطى عدد الجرحى 3 آلاف، وبلغ عدد الأسرى قرابة 500، في حين تم تدمير 11 دبابة، و13 عربة مدرعة، و15 رشاش، فضلاً عن قطع الطرقات وتجميد الحياة العامة، وخسارة لم تشهدها الفصائل خلال 7 سنوات من قتال النظام.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها