تعرضت مدن وبلدات إدلب وحماة في جبل الزاوية والغاب، لقصف جوي هو الأعنف والأكثر وحشية، منذ 15 شهراً، ما تسبب بموجة نزوح واسعة للمدنيين. وعادت المروحيات لإلقاء البراميل والألغام البحرية، بعد فترة طويلة من الغياب. وأعلنت فصائل معارضة استهدافها مراكز حيوية لروسيا والنظام في الساحل، بالتزامن مع استقدام النظام تعزيزات عسكرية إضافية من "الفيلق الخامس" و"الحرس الجمهوري".
"المدن" رصدت تعرض 36 بلدة لغارات جوية وقصف مدفعي وبراميل متفجرة وألغام بحرية في ريف إدلب، وأكثر من 40 غارة جوية على ريف حماة الشمالي وسهل الغاب وجبل شحشبو وكفرنبودة. وأدى القصف لمقتل 7 مدنيين ونزوح المدنيين من حماة باتجاه إدلب، وإخلاء قرى جبل الزاوية من سكانها واتجاههم للحقول الزراعية والكهوف القديمة للاحتماء من الصواريخ العنقودية وطائرات الاستطلاع.
وتركز القصف الجوي على قريتي ابديتا وابلين وسط جبل الزاوية جنوب غربي مدينة أريحا، وعلى الأطراف الشمالية لمدينة كفرنبل. وأدى القصف الجوي إلى دمار واسع وسط قرية ابديتا وسقوط مباني في ساحة القرية بعد تعرضها لغارات بالصواريخ الارتجاجية. وتناوبت مروحيات النظام على إلقاء البراميل المتفجرة على ابلين واحسم في محيط ابديتا، أصغر قرى جبل الزاوية.
واستهدف القصف المناطق المدنية في البلدات، وأدى الى خروج فرن بلدة ابلين عن الخدمة، وهو الفرن الرسمي الوحيد الذي يغطي احتياج قرى جبل الزاوية بالخبز. كما استهدفت مخيمات النازحين في بلدة البارة جنوبي إدلب بالبراميل المتفجرة. وقصفت مروحيات النظام والطائرات الروسية الطرقات الرئيسية والمراكز الحيوية والمدارس واستهدفت مراكز الدفاع المدني ومتطوعي الخوذ البيضاء خلال عمليات إخلاء المصابين.
وازدادت كثافة القصف وتوسعت رقعته الجغرافية، صباح الجمعة، لتشمل قرى القسم الشرقي من جبل الزاوية وأطراف معرة النعمان ومعرشورين، وبلدة محمبل وأطراف بسنقول غربي أريحا. وحذّرت مراصد الطيران المدنيين في أريحا ومعرة النعمان وجنوبي إدلب من وجود أهداف محتملة للطيران المروحي قد يقصفها بالبراميل المتفجرة.
وتزامن قصف النظام مع إعلان "هيئة تحرير الشام" و"الجبهة الوطنية للتحرير" قصف معاقل النظام في القرداحة و"مطار حميميم" بصواريخ غراد. وبثت "وكالة إباء" التابعة لـ"هيئة تحرير الشام" مقطعاً مصوراً لقصف راجمة صواريخ قالت إنه استهدف "مطار حميميم العسكري" الروسي رداً على استهداف المناطق المدنية في ريف حماة وإدلب. فيما قالت "الجبهة الوطنية للتحرير" إنها استهدفت مواقع قوات النظام في القرداحة براجمات الصواريخ رداً على قصف المدنيين في حماة. ونقلت مواقع إعلامية موالية للنظام عن مصادر روسية تصدي الدفاعات في "قاعدة حميميم" لهجمات صاروخية وطائرات مسيرة عن بعد، كما استهدف القصف أطراف مدينة جبلة.
ولليوم الثالث على التوالي توسع الطائرات الروسية ومروحيات النظام قاعدة أهدافها لتشمل مناطق جديدة في ريفي إدلب وحماة، مع استقدام تعزيزات عسكرية من "الفيلق الخامس" و"الحرس الجمهوري" إلى كزناز ومعسكرات النظام في ريف حماة الشمالي.
وأعلنت "الجبهة الوطنية للتحرير" تصديها لمحاولة تسلل عناصر من قوات النظام إلى بلدة كفرنبودة في ريف حماة الشمالي، وقالت إنها قتلت 4 عناصر خلال تسللهم إلى حاجز السبعة بريف حماة الغربي. وأعلنت الفصائل العسكرية تسيير أرتال إلى ريف حماة الشمالي استعداداً للمعركة.
ونشر "جيش العزة" مقطعاُ مصوراً لأرتال عسكرية قال إنها متوجهة إلى جبهات القتال على أطراف ريف حماة الشمالي تجهيزاً لمعركة محتملة قد تقوم بها قوات النظام.
وأصدرت "هيئة تحرير الشام" بياناً أعلنت فيه رفع الجاهزية وتجنيد من هم فوق سن 18 عاماً استعداداً للمعركة. وأعلنت "الهيئة" أنها انتهت من إعداد جنودها في معسكرات التدريب لاقتحام المدن وحرب العصابات.
وقال قائد عسكري في "هيئة تحرير الشام" لـ"المدن": "نفذت مجموعة من الانغماسيين خلف خطوط العدو هجوماً خاطفاً على نقاط النظام في جبل التركمان صباح الجمعة، أدت لقتل 4 من عناصر النظام التابعين للفوج 11 حرس حدود".
وأكد القائد العسكري: "فصائل إدلب لن تقف مكتوفة الأيدي بعد سياسة الأرض المحروقة التي يتبعها الروس والنظام في قصف المدنيين"، مشيراً لتشكيل غرفة عمليات عسكرية ومشاورات لتوزيع نقاط الرباط فيما بين الفصائل العسكرية على خطوط التماس".
ونفى المصدر العسكري ما أشيع حول توحد "تحرير الشام" و"الجبهة الوطنية للتحرير"، مؤكداً وجود "تقارب وتنسيق عسكري وتلاقٍ للمصالح في محاربة النظام بعد إعلان الروس وقوات النظام الحرب غير المعلنة على المدنيين".
وتسود حالة استياء بين المدنيين ضد الفصائل العسكرية لوقف المجازر التي يرتكبها الطيران الحربي والمروحي بحقهم، وعدم تفعيل المضادات الأرضية في وجه الطيران لتعيقه وتمنعه من قصف القرى والبلدات. الناشط الإعلامي محمد الإدلبي، قال لـ"المدن": "جميع الفصائل العسكرية تملك رشاشات ثقيلة يمكنها إعاقة حركة الطيران الحربي والمروحي، ويصل مدى هذه الرشاشات حتى 4 كيلومترات، ويمكنها إسقاط الطائرات المروحية، وإعاقة حركة الطيران الحربي أثناء التنفيذ، أين تذهب هذه المضادات الأرضية وقت القصف؟ ولماذا لا تظهر إلا عند الاعتداءات والمعارك بين الفصائل؟".
وأضاف الإدلبي: "على الفصائل العسكرية التخفيف عن المدنيين وضرب المناطق العسكرية للنظام لإجبار قواته وحليفه الروسي على التراجع عن قصفنا".
ويرى الإدلبي أن القرى والبلدات التي تعرضت للقصف أصبحت منكوبة بسبب نزوح أهلها ودمار مبانيها ووجود عدد كبير من المهجرين والنازحين في كل قرية، ولم تعد باقي القرى في إدلب قادرة على استقبال المزيد من النازحين، بالتزامن مع دخول شهر رمضان.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها