"الحياة تسير بشكل طبيعي، ودورة الاقتصاد تمشي وفق الخطط المرسومة لها، والسوريين في الداخل شعباً وحكومة، غير آبهين بالتهديدات الأميركية والهجوم المرتقب"، هكذا هي الحياة التي تنقلها عدسات كاميرات إعلام النظام التي تستعرض شهادات المارة في الشوارع، وهو يرددون خطاب النظام في الممانعة والقومية.
الحركة في العاصمة دمشق لم تتغير، إذ يمارس الناس حياتهم الطبيعية، مع ترقب الأنباء في وسائل الإعلام العربية والدولية ووسائل التواصل الاجتماعي، حول موعد ضربة أميركية مفترضة ضد نظام الأسد رداً على مجزرة الكيماوي في دوما من الغوطة الشرقية. هنالك اجماع بين الناس على أن الضربة لن تستهدف المدنيين في بيوتهم. العديد من شركات نقل البضائع والشحن في مرفأ طرطوس، بررت لتجار الجملة، إن توقف النقل الحاصل حالياً لا علاقة له بالضربة الأميركية، وانما "لاجراء تدقيق جمركي". في حين قالت مصادر في دمشق إن البضائع في المرفأ لن يفرج عنها قبل منتصف الأسبوع المقبل، ريثما يتبين حجم الضربة الأميركية، إن وقعت.
الليرة السورية تهاوت أمام الدولار، عقب التصريحات الأميركية عن الضربة، وتراجعت قيمة الصرف في السوق السوداء بنسبة 10 في المئة من 430 ليرة إلى 492 ليرة للدولار الواحد، مع توقع انهيار أكبر بعيد الضربة. ومنعت مصارف حكومية المودعين من سحب أكثر من 3 ملايين ليرة، بحجة "عدم توفر السيولة"، واستثني من هذا الاجراء بعض رجال الاعمال والتجار.
في الغوطة الشرقية أخلت مليشيا "حزب الله" مواقعها في بلدة دير العصافير، والتي كانت قد تمركزت فيها منذ سيطرة النظام على القطاع الجنوبي منذ حوالي عامين. سائقون على خط بيروت-دمشق، أكدوا لـ"المدن"، انسحاب العديد من القوافل العسكرية المحملة بالجنود إلى البقاع اللبناني عن طريق نقطة المصنع الحدودية، في حين أوقفت شركات النقل وفود الحجاج الشيعة من لبنان والعراق إلى مرقدي السيدة زينب والست رقية في العاصمة دمشق.
وقد لاحظ العديد من الأهالي قيام قوات النظام بنقل سيارات وناقلات جند من مطار خلخلة العسكري الواقع على طريق دمشق-السويداء، إلى قطع تابعة لـ"جيش التحرير الفلسطيني" في ريف السويداء الشمالي.
القطع العسكرية في محيط دمشق منعت عناصر قوات النظام، من مجندين وصف ضباط، من "المبيت" خارج قطعهم، والزمتهم بالبقاء فيها. وارتفعت تسعيرة الرشوى المقدمة للضباط المسؤولين عن إجازات العناصر الأفراد من 2000 ليرة إلى 25 ألف ليرة، مقابل "المبيت" ليوم واحد خارج قطعهم العسكرية.
أقبية السكن الجامعي في حي مساكن برزة، بحسب شهادات من الطلاب، أفرغت من محتوياتها، وتم نقل صناديق محكمة الاغلاق إليها، في حافلات تابعة لـ"البحوث العلمية". عملية النقل تمت منتصف ليل الأربعاء/الخميس، بعدما أغلقت أبواب الوحدات السكنية التي يقطنها الطلاب، ومنعوا من الدخول والخروج، لمدة ساعة حتى انتهت عملية التفريغ.
العملية التي حدثت في المدينة الجامعية في مساكن برزة، تكررت بين مبنى قيادة هيئة الأركان في ساحة الأمويين و"مكتبة الأسد" المُجاورة، أضخم مكتبة عامة في سوريا. وبحسب مصادر "المدن" فقد تم نقل العديد من الصناديق محكمة الإغلاق إلى أقبية "مكتبة الأسد"، وقال عناصر من "الأركان" إنها تعود لأرشيف أسماء ضباط كانت موجودة في الأركان. في حين شهد طريق الصبورة نقل معدات عسكرية مؤلفة من دبابات وناقلات جند مصفحة وتركسات باتجاه الساحل السوري، رجح البعض نقلها إلى قاعدة حميميم العسكرية الروسية في الساحل السوري.
وبحسب قرار داخلي تم تعميمه على مديري الإدارات في المؤسسات الحكومية، فقد مُنِعَت الاجازات اليومية والساعية في الحالات المرضية، منذ الأربعاء. وأوقفت كافة المنظمات الدولية العاملة في سوريا نشاطاتها الخارجية، وألزمت موظفيها بالعمل داخل المكاتب. كذلك أوقفت الجمعيات الأهلية المرخصة نشاطاتها في مراكز الأيواء، بناءً على قرار من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، المشرفة على عمل الجمعيات وترخيصها. وطالب القرار الجمعيات بالتريث والتوقف عن القيام ببرامجها حالياً، حتى بداية الأسبوع المقبل.
ويسعى النظام إلى اخفاء أي نشاط له في مواجهة الضربة الغربية المرتقبة، وتبدو الحركة طبيعية في دمشق، رغم تشبث العيون بوسائل الاعلام والترقب لما سيحدث.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها