يعد ساعات قليلة على نشوبه، الجمعة، توقف الاقتتال بين "حركة نور الدين الزنكي" و"هيئة تحرير الشام" في بلدة كفرحلب بريف حلب الغربي. انهاء الاقتتال بسرعة جاء تطبيقاً لاتفاق اتخذ قبل أسبوع في اجتماع سري ضم قادة الصف الأول من "هيئة تحرير الشام" و"الجبهة الوطنية للتحرير".
مصدر مقرب من "جبهة تحرير سوريا"، قال لـ"المدن"، إن قادة الفصائل العسكرية المكونة لـ"الجبهة الوطنية للتحرير"، ومنها "أحرار الشام" و"نور الدين زنكي" و"صقور الشام" و"جيش الأحرار" بالإضافة لـ"فيلق الشام" و"جيش إدلب الحر"، اجتمعوا قبل أسبوع، بقائد "هيئة تحرير الشام" الجولاني، وقياديين من الصف الأول في "الهيئة"، في مدينة بنش شرقي إدلب، لبحث القضايا العالقة بين الفصائل وإيجاد سبل لحل الخلافات بين الفصائل.
وقال المصدر: "ضم الاجتماع كلاً من الشيخ توفيق (الزنكي) وأبو عيسى الشيخ (صقور) وأبو صالح طحان (جيش الأحرار) ونائب قائد فيلق الشام والمقدم صهيب ليوش (جيش إدلب) والعقيد فضل الله الحجي وأبو محمد الجولاني في مدينة بنش، برعاية قائد أحرار الشام جابر علي باشا، للوصول إلى حل شامل للقضايا الخلافية بين الفصائل العسكرية المتصارعة منذ أكثر من عام، حين بدأت المعارك بين أحرار الشام وهيئة تحرير الشام وانتهت بسيطرة الأخيرة على معبر باب الهوى".
وبحسب المصدر، فقد وضعت الفصائل العسكرية خريطة طريق لعملها خلال الفترة المقبلة، ومنها توزع مناطق السيطرة الحالية، وتصفية قضية سلاح الفصائل، وإعادة الحقوق لكل فصيل سلبته "هيئة تحرير الشام" سلاحه، مع بقاء معبر باب الهوى بيد "الهيئة" على أن يحصل كل فصيل على نصيب من واردات المعبر بحسب الحجم وعدد العناصر. ويشكل الاتفاق خطوة أولية للتوحد بين الفصائل، لحماية طرقات حلب–اللاذقية، وحلب–دمشق، ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة وفق اتفاق سوتشي.
وأضاف المصدر: "أجمع قادة الفصائل على تحييد فصيل
حراس الدين وإخراجه من إدلب بالتفاوض، وفي حال الرفض ستتوحد الفصائل العسكرية المجتمعة لقتاله باعتباره يهدد أمن المدنيين بعد وصول الدول الضامنة لحل يجنب المدنيين في إدلب ويلات المعارك والقصف"، وتابع: "لم يتطرق المجتمعون لمصير الحزب الإسلامي التركستاني، لكن المرجح أن ينقل عناصره من ريف إدلب إلى مناطق شرق الفرات لقتال قوات سوريا الديموقراطية بالاشتراك مع ألوية من هيئة تحرير الشام تحت القيادة التركية مع قوات درع الفرات المدعومة من تركيا".
القائد السابق لـ"حركة أحرار الشام" حسن صوفان، عضو مجلس قيادة "الجبهة الوطنية للتحرير"، أكد في
مقال نشره بعد اجتماع قادة الفصائل، بأن المحافظة على الشمال السوري منوطة بعوامل، منها "إيجاد صيغة مستقرة ومنظمة للتعاون العسكري بين القوى الموجودة في الشمال دون استثناء، وصولاً إلى تشكيل الجيش الوطني الموحد".
قائد عسكري من "صقور الشام"، قال لـ"المدن": "أعطى قائد صقور الشام أحمد عيسى الشيخ، تعليمات لقادة كتائب عسكرية تابعة له، بالتنسيق مع فصائل عسكرية تابعة لهيئة تحرير الشام في حال اقتضى الأمر"، مشيراً إلى إنهاء حالة الخلاف مع "الهيئة". وعُرِفَ عن الشيخ خصومته الكبيرة مع "تحرير الشام" وتحريضه على قتالها، وخسارته لآخر أبنائه في معاركه الأخيرة ضدها.
تهدئة الشيخ وصوفان مع "تحرير الشام"، تبعتها تهدئة من "الزنكي"، الجمعة، بعد اقتحام "تحرير الشام" لبلدة كفرحلب بريف حلب الغربي بحجة إلقاء القبض على "مروجي مصالحات" ومداهمتها منازل لعناصر "الزنكي"، جرت على إثرها اشتباكات قُتل فيها مدنيون. وسرعان ما تم التوصل لصيغة حل، بانسحاب الفصيلين إلى مواقعهما قبل الاشتباكات.
سعي "الأحرار" و"الصقور" و"الزنكي" للتهدئة والتعاون مع "تحرير الشام"، انعكس في تصريحات قيادات الصف الأول فيها، وقد نشهد الانتقال من غرفة العمليات الصورية لـ"جيش الفتح" التي أعلن عنها قبل شهور لترى النور مجدداً برعاية تركية. ويبدو أن "جيش إدلب الحر" المؤلف من "الفرقة 13" و"الفرقة الشمالية" و"صقور الجبل"، ما زال يرى في "تحرير الشام" عدواً، خاصة بعد العمليات العسكرية التي أنهت وجود "الفرقة 13" في إدلب.
المجلس العسكري لـ"جيش إدلب الحر" أعلن عزل قائد الجيش العسكري المقدم صهيب ليوش، ووقف التعامل بأي قرار يصدر عنه، وتعيين النقيب دمر قناطري، قائداً جديداً له. قرار العزل صدر بعد اسبوع على اجتماع بنّش السري الذي حضره ليوش، ووافق على نتائجه.
ولعل العقبة الأبرز التي ستواجه الفصائل خلال الفترة القادمة هي التخلص من تنظيم "حراس الدين" المؤلف من فصائل موالية لتنظيم "القاعدة"، وخلافه المتصاعد مع "هيئة تحرير الشام"، بعدما
أوقفت له عملأ عسكرياً ضد النظام في ريف اللاذقية قبل أيام. عملية "حراس الدين" في ريف اللاذقية، إن تمت، كانت ستعني نسفاً لمقررات مؤتمر سوتشي. ويترافق ذلك مع ما قيل عن مُهلة روسية، ممنوحة لتركيا، للتخلص من الفصائل المتشددة في إدلب، خلال فترة وجيزة. "حراس الدين" أوّل التنظيمات الموضوعة على لائحة التصفية التركية، بمساعدة الفصائل العسكرية في الشمال. وسيؤدي ذلك لنسف اتفاق الصلح الذي تم التوصل إليه مطلع العام الجاري بين "تحرير الشام" و"حراس الدين"، بعد
اعتقال "الهيئة" عدداً من قادة "الحراس" ومنظري التيار الجهادي، وأبرزهم سامي العريدي، وأبو جليبيب الأردني.
اتفاق الفصائل في الشمال برعاية تركية يساهم في تفرغ "الضامن" التركي لملف منبج للوصول إلى ضفاف نهر الفرات الغربية، وذلك بنقل الفصائل العسكرية غير المرغوب بتواجدها في إدلب، ومنها كتائب تابعة لـ"هيئة تحرير الشام" و"الحزب الإسلامي التركستاني"، بالإكراه إن اقتضى الأمر، لقتال "قوات سوريا الديموقراطية".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها