وبدأ التنظيم معركته عند الساعة الواحدة بعد منتصف ليل الخميس/الجمعة، وأشعل أكثر من عشرين جبهة، واستعانت قواته المقتحمة بخلايا أمنية تابعة له في بلدتي كفر كلبين وجبرين. ومهّد لدخول سراياه بقصف مكثف بالهاون والدبابات وصواريخ غراد ومدافع جهنم، كما سيّر عدداً من السيارات المفخخة التي ضربت الخطوط الأولى للمعارضة التي انسحبت تباعاً من نقاطها بعدما اخترقت صفوفها في المؤخرة.
وتمكن التنظيم عبر اشغال كافة جبهاته مع المعارضة إلى الشمال من مارع، من تشتيت كامل جهد المعارضة، التي انقسمت إلى نصفين بعدما قطع الطريق بشكل كامل بين مدينتي مارع وأعزاز. وحوصر عدد كبير من مقاتلي المعارضة في مبنى بلدية جبرين وبعض المقار التي حوصرت بشكل مفاجئ، من قبل المتسللين الذين أرسلهم التنظيم عبر البساتين والبراري، ليتغلغلوا خلال ساعات في كل البلدات المستهدفة.
ومع ساعات نهار الجمعة، شنت المعارضة هجمات معاكسة ضد التنظيم، وتمكنت من استعاد السيطرة على قرى وبلدات نيارة وندة وطاطية إلى الشرق من أعزاز، وفي الوقت ذاته تقدم مقاتلوا المعارضة المتمركزين في مارع باتجاه بلدة سندف وتمكنوا من استعادتها، لكنهم فشلوا في استعادة بلدة جبرين لإعادة فتح الطريق بين مارع وأعزاز.
وخسرت المعارضة أكثر من عشرين مقاتلاً وكميات كبيرة من الذخائر في بلدة جبرين، وقتل خلال الهجوم الليلي الذي شنه التنظيم أكثر من عشرين مدنياً بينهم أطفال ونساء، وذلك بسبب الرشقات العشوائية التي نفذها مقاتلو التنظيم من أسلحتهم الرشاشة الثقيلة.
ولم تشهد ليلة الخميس/الجمعة، تحليقاً جوياً لطيران التحالف أو ضربات جوية ضد التنظيم، بالتزامن مع تقدم التنظيم شمالي حلب، والذي كاد أن يقضي على كامل المنطقة التي بقيت للمعارضة بالقرب من الحدود السورية التركية. الأمر ذاته ينطبق على المدفعية التركية كما كانت تفعل في العادة ضد أي هدف للتنظيم في ريف حلب الشمالي .
قائد "فرقة السلطان مراد" العقيد أحمد العثمان، أكد لـ"المدن"، أن طيران "التحالف الدولي" كان يرى أرتال "داعش" تتحرك خلال الأيام الماضية ولم يوجه أي من الضربات ضدها، ولم يكن الطيران متواجداً خلال الهجوم الذي شنه التنظيم فجر الجمعة، الأمر الذي لم نجد له تفسيراً إلى الآن، وليس له جواب مقنع.
وأوضح العقيد العثمان بأن الولايات المتحدة الأميركية التي تقود "التحالف الدولي" ضد التنظيم باتت تطبق خطتها بشكل واضح على الأرض عبر تسهيل دخول التنظيم إلى مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الشمالي بالقرب من الحدود التركية، لتسهل في ما بعد دخول "قوات سوريا الديموقراطية" التي تتزعمها "وحدات حماية الشعب"، الذراع العسكرية لحزب "الاتحاد الديموقراطي" الكردي.
وأشار العقيد العثمان إلى أن المعارضة تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية في الخسارات المتلاحقة التي تتعرض لها في ريف حلب الشمالي على يد التنظيم. فهي وعلى الرغم من كل التعزيزات التي دفعت بها إلى هناك، تبدو غير قادرة على فعل شيء، ويعود ذلك إلى أسباب أبرزها نوعية المقاتلين الذين لا يبدون أي مقاومة في وجه هجمات التنظيم، وينسحبون عند أقل خطر يتعرضون له.
وحاول تنظيم "الدولة"، فجر السبت، التقدم نحو مدينة مارع التي حاصرها قبل ساعات. وسيّر من أجل السيطرة على المدينة أربع سيارات مفخخة، تمكنت المعارضة من استهدافهم قبل أن الوصول إلى أهدافهم. وتسلل أكثر من 200 مقاتل من "داعش" إلى أطراف مارع مع الساعات الأولى للهجوم، وتصدت المعارضة للمتسللين الذين قاوموا لساعات، وبعدما حوصروا، فجّر بعضهم أحزمته الناسفة، بينما فرّ الباقون باتجاه النقاط الخارجية التي تسللوا منها.
وعندما فشل التنظيم في تشتيت المعارضة واختراق صفوفها داخل المدينة، بدأ بقصفها بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة من الهاون والمدفعية والصواريخ ومدافع جهنم، وسيّر المدرعات لتتمركز في المحيط القريب من المدينة والتي بدأت بقصف مكثف للخطوط الدفاعية الأولى للمعارضة، وتلى التمهيد الكثيف اقتحام أكثر من 500 مقاتل للتنظيم اشتبكوا مع المعارضة من جديد في الجبهات الشرقية والشمالية والجنوبية.
وتمكنت المعارضة خلال معاركها ضد التنظيم، والتي استمرت حتى ظهيرة السبت من قتل أكثر من أربعين عنصراً من "داعش"، وأسرت اثنين، ودمرت أربع سيارات مفخخة وتركس ومدافع رشاشة ثقيلة وأعطبت ثلاث سيارات رباعية الدفع واغتنمت مدرعتين ناقليتين للجند.
وخسرت المعارضة في مارع أكثر من 15 عنصراً من صفوفها خلال الساعات القليلة الماضية، وجرح عدد آخر بسبب تفجيرين انتحاريين أثناء الاشتباكات القريبة في محيط المدينة.
مدير المكتب الإعلامي في "لواء المعتصم" حسن ناصر، أكد لـ"المدن"، أن هجوم "الدولة الإسلامية" على مارع كان الأعنف هذه المرة، واستخدمت فيه المدرعات والدبابات بشكل كبير، وزجّ بأكثر من ألف مقاتل على محاور القتال الثلاثة التي حاول الدخول منها إلى المدينة.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها