دخلت المعارضة المسلحة، مرحلة حرب الشوارع، ضمن أحياء مدينة إدلب، بعد سيطرة غرفة عمليات "جيش الفتح" على خطوط الدفاع الأولى التابعة لقوات النظام في محيط المدينة، والتي تتسم بقوة تحصيناتها. وكانت السيارات المفخخة قد بثت الرعب في صفوف قوات النظام والميلشيات المساندة لها، ما دفعها للانسحاب إلى قلب المدينة.
ويشهد الحي الشمالي "حي الجامعة" والمدينة الصناعية ومكتب الدور، معارك عنيفة بين المعارضة وقوات النظام المدعومة بمليشيا "الدفاع الوطني"، ما أسفر عن سيطرة المعارضة على المدينة الصناعية ومكتب الدور. كما أحكمت المعارضة سيطرتها على مبنى مديرية التربية وكلية التربية. وأكدت "غرفة العمليات" مقتل أكثر من 200 عنصر من قوات النظام والمليشيات، وأسر العشرات خلال المعارك الأخيرة.
المعارضة لم تحكم الطوق على المدينة، لأنها تركت طريقاً واحداً لمن يرغب بمغادرتها. فإدلب تضم قرابة المليون من السكان المحليين والقادمين إليها من المحافظات الأخرى.
وأشار مراسل "شبكة شام" أبو مجاهد، إلى استخدام النظام للمدنيين كدروع بشرية خلال المعارك، بعد أن انتقلت الاشتباكات إلى داخل الأحياء السكنية. وأكد أبو مجاهد، أن عائلات بأكملها وُجدت مقتولة، في المواقع التي سيطرت عليها المعارضة حديثاً. وهذا ما يدفع المعارضة للتفكير ملياً بخطواتها العسكرية القادمة، خوفاً على حياة المدنيين.
وفي السياق، أعلنت غرفة عمليات "جيش الفتح"، في بيان لها، أن الوصايا التي يلتزم بها عناصر المعارضة خلال معارك السيطرة على المدينة المأهولة بالسكان، تتضمن "تحري الدقة في قصف الأهداف، والرفق بالمدنيين، وفتح باب التوبة لمن كان يتعامل بشكل مباشر مع النظام".
المرحلة القادمة من معركة إدلب ستكون صعبة جداً، ولن تكون بذات وتيرة المعارك خلال الأيام الأولى. يقول مدير موقع "شهبا برس الإخباري" مأمون أبو عمر، لـ"المدن"، إن فصائل المعارضة ستواجه مقاومة شرسة، لوجود أعداد كبيرة من مليشيات الدفاع الوطني من أهالي إدلب، والمتحصنين في كل أرجاء المدينة. ويُرجّح أبو عمر أن تخوض هذه المليشيات معاركها بضراوة، وخاصة "بعد أن تخلى عنها النظام والميليشيات الشيعية في كفريا والفوعة، بريف إدلب. ولم تُرسل المؤازرات إلى مليشيا الدفاع الوطني، على الرغم من النداءات المتكررة التي وجهتها".
وتعتبر إدلب من المدن السورية صغيرة الحجم، ويبدو صمود ميليشيات الدفاع الوطني فيها لفترة طويلة، بالغ الصعوبة. ويؤكد القائد في الجيش السوري الحر العقيد فايز الأسمر، أن المعارضة إذا ما سيطرت على المدينة، ستصبح السيطرة على المناطق المجاورة التي لا تزال في قبضة النظام، كأريحا وجسر الشغور، تحصيل حاصل مع مرور الوقت لأنها ستفقد شريان إمدادها".
ويضيف العقيد فايز الأسمر، في حديثه لـ"المدن" أن "حلم المعارضة لو تحقق، سيضمن قطع طرق الإمداد اللوجستي للنظام، ما بين خزان النظام البشري في الساحل، والشمال في حلب. وبالتالي لن يبقَى للنظام سوى منفذ واحد إلى حلب، وهو طريق البادية الذي يمر من خناصر، المهدد دوماً بالإغلاق".
وكعادته، لجأ النظام في اليومين الماضيين، إلى ضرب مواقع المعارضة الخلفية للضغط عليها، في حواضنها الشعبية، فقد شن طيران النظام بنوعيه الحربي والمروحي، أكثر من 35 غارة جوية بالصواريخ والبراميل المتفجرة، حوى بعضها غاز الكلور، واستهدفت خطوط الاشتباك، ومدن سرمين ومعرة مصرين وقميناس وكورين وفيلون وبنش، وعدداً من المواقع في محيط مدينة إدلب، ما أودى بحياة عدد من المدنيين والعشرات من الجرحى.
وكانت عشرات الحواجز والثكنات والمنشآت الخدمية والصناعية، المتناثرة على أطراف المدينة، وعلى الكورنيش، والتي حولتها قوات النظام إلى ثكنات عسكرية، قد سقطت بيد المعارضة، بعد إعلان المعركة، صباح الثلاثاء. واندحرت قوات النظام بشكل متتالٍ، أمام ضربات المعارضة التي بدت في وئام مع بعضها، تجمعها غرفة عمليات واحدة ضمت "أحرار الشام" و"جبهة النصرة" و"جند الأقصى" و"جيش السنة فيلق الشام" و"لواء الحق" و"أجناد الشام". ويبلغ عدد المقاتلين المنضوين تحت لواء غرفة العمليات أكثر من عشرة ألاف مقاتل.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها