الواقع الممتد XR: بوابة العالم المادي إلى العوالم الإفتراضية

نافع سعد
الأحد   2023/09/17
يتفاعل الإنسان مع قوة الحوسبة والبيئة المحيطة بسلاسة (Getty)

قفزت تكنولوجيا الواقع الممتد XR من أفلام الخيال العلمي إلى الواقع في غضون عقدين من الزمن. لم يسبق للبشرية أن كانت أكثر حباً للاكتشاف والتطلع للمستقبل وتحقيق الإبتكارات كما تفعل اليوم. تستمر التكنولوجيا الرقمية في تغيير حياتنا في القرن الحادي والعشرين، حيث تتمازج فيه العوالم الإفتراضية مع العالم المادي بطرق تستمر في إبهارنا يوماً بعد يوم.

تشهد تقنيات الواقع الممتد (Extended Reality)، تطبيقات متنوعة في العديد من المجالات حيث يتفاعل الإنسان مع قوة الحوسبة والبيئة المحيطة بسلاسة تتلاشى فيها الحدود.

ماذا تعني XR؟
يعتبر الواقع الممتد مظلة تتضمن حالياً تقنيات الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR) والواقع المختلط (MR)، بالإضافة إلى أي تقنية جديدة تمزج بين العالمين المادي والرقمي يمكن إدراجها تحت مظلة XR. حرف الـX في عبارة "XR" لا يرمز إلى كلمة Extended بقدر ما هو حرف مجهول يفتح الباب لانضمام تقنيات جديدة تنتقي حروفها من الابجدية إلى جانب VR وAR وMR.

حتى الآن لا يوجد جهاز شامل يمكن استخدامه لجميع التقنيات المنضوية تحت XR، لكن لدينا أجهزة مختلفة لكل من هذه تقنيات، مثل برامج الكمبيوتر وسماعات الرأس والنظارات والمستشعرات التي يتم ارتداؤها أو تثبيتها في البيئة المحيطة.

تقنيات الواقع الممتد XR
لمعرفة إمكانيات الواقع الممتد ومستقبله، يجب أولاً التعرّف على التقنيات الثلاث وأبرز تطبيقاتها التي تشكل XR حالياً:

- الواقع الافتراضي (VR): ربما هي التقنية الأقدم بين نظيراتها والأكثر شيوعاً. هي ببساطة استخدام الكمبيوتر لإنشاء تجربة محاكاة قد تكون مشابهة أو مختلفة تماماً عن العالم الحقيقي. ويمكن مشاهدتها على شاشة كومبيوتر تقليدية أو استعمال نظارات الـVR للهاتف الذكي أو الكمبيوتر، تقدم هذه التقنية تجربة ثلاثية الأبعاد تضع المستخدم في وسط البيئة الإفتراضية. الألعاب والميتافيرس هي الصناعات الرئيسية التي تدفع الواقع الإفتراضي إلى الأمام، لكن هناك مجالات عديدة بدأت باعتماد تقنيات VR.

- الواقع المعزز (AR): هو مزيج من العالم الحقيقي والعالم الافتراضي، حيث يتفاعل المستخدم مع طبقة من الغرافيكس تظهر فوق بيئته المادية في الوقت الحقيقي. يمكن في الواقع المعزز إضافة أشياء وكائنات افتراضية فوق البيئة المادية كما يمكن تبديل أشياء واقعية عبر حجبها واستبدالها بأخرى افتراضية. أبرز الأمثلة على الواقع المعزز هي استديوهات التحليل الرياضي حيث يتم عرض غرافيكس ثلاثي الأبعاد في الاستوديو، عادةً يتم عرض النتائج وصور اللاعبين في التشكيلة، نشاهدها من كاميرا البث غير أن الاشخاص داخل الاستوديو قد لا يرونها بالزاوية أو الوضوح نفسه.

- الواقع المختلط (MR): يشبه الواقع المختلط الواقع المعزز، لكن هناك فارقاً أساسياً وهو أن المستخدم يتفاعل مع الأشياء الافتراضية (الرقمية) التي بدورها تتفاعل مع الأشياء المادية. تبرز أهمية الواقع المختلط حالياً بخلق بيئات واقعية للتدريب والتعليم والصيانة. تستخدم حالياً شركة فورد برنامج MR لمساعدة مهندسيها على رؤية السيارة مفككة بالكامل بصورة تفاعلية مفصلة، ثلاثية الأبعاد، تظهر أصغر برغي في السيارة.

إمكانيات الواقع الممتد
فيما يلي أبرز المجالات التي يتم فيها حالياً استخدام تقنيات XR:

الألعاب: تغيّر XR بالفعل صناعة الألعاب، مع زيادة الألعاب المتوافقة مع تقنيات VR وAR والتي تؤمن للاعبين تجربة أكثر تفاعلية. لا بد هنا من الإشارة إلى أبرز محرك تشغيل للألعاب والذي يستعمل أيضاً في الاستديوهات التفاعلية هو برنامج Unreal Engine الذي تم طرح الجيل الخامس منه قبل أيام.

التعليم: لا حدود لتقنيات XR عندما يتعلق الأمر بإنشاء أدوات تعليمية أكثر جاذبية وفعالية. يمكن للطلاب استخدام VR لتعلم مفاهيم علمية معقدة (البيولوجيا والفيزياء) واستكشاف المواقع التاريخية. مثال على ذلك، تطبيق Google Expeditions الذي يتيح التجول في مواقع تاريخية وطبيعية حول العالم.

الرعاية الصحية: يتم استخدام XR لتطوير أدوات تشخيصية وعلاجية جديدة. يمكن استخدام تقنية الواقع الإفتراضي لمساعدة المرضى الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، أو حالات فوبيا محددة، وكذلك تدريب أطباء الجراحة على كيفية تنفيذ العمليات الجراحية المعقدة.

التصنيع: يمكن استخدام XR لتحسين عملية التصنيع من خلال توفير ملاحظات وتعليمات في الوقت الفعلي للعمال. تطبيق HoloLens من Microsoft، وهو تطبيق واقع مختلط يستخدمه العمال في مصانع السيارات لتركيب قطع السيارة بدقة أكبر.

التسوق: يمكن استخدام XR لإنشاء تجربة تسوق عن بعد ولكن أكثر تفاعلية. أبرز مثال على ذلك هو تطبيق IKEA Place، وهو تطبيق واقع معزز يتيح للزبائن وضع قطع الأثاث الإفتراضية من IKEA في منازلهم ورؤية كيف ستبدو مع بقية قطع الأثاث الموجودة. كذلك طورت Nike تطبيق واقع معزز يمكّن المستخدم من رؤية الحذاء فوق قدمه بواسطة كاميرا الهاتف الذكي مع إمكانية تبديل الألوان.

العقارات: يمكن استخدام XR لتقديم جولات افتراضية للعقارات من دون حاجة العملاء المحتملين إلى زيارة المكان شخصياً. أحد التطبيقات Matterport، وهو بتقنية الواقع المعزز الذي يتيح للعملاء التجول في العقارات وحتى المنتجعات السياحية افتراضياً.

التدريب العسكري: يتم استخدام XR لتدريب الجنود في مجموعة متنوعة من البيئات والسيناريوهات. مثل برنامج Virtual Battlespace من Lockheed Martin، وهو برنامج تدريب واقع افتراضي يستخدمه الجيش الأميركي لتدريب الجنود على القتال في البيئات الحضرية.

الإغاثة من الكوارث: يمكن استخدام XR لمساعدة فرق الإسعاف على تقييم الأضرار والتخطيط لعمليات الإنقاذ. تعتمد إدارة الطوارئ الفيدرالية الأميركية تطبيق FEMA AR، وهو تطبيق واقع معزز يستخدمه المسعفون لتحديد المناطق المتضررة من الكوارث.

الترفيه والأعمال الفنية: يتم استخدام XR لإنشاء أشكال جديدة ومبتكرة من الترفيه، مثل الحفلات الموسيقية والأفلام عبر تقديم تجربة غامرة للجمهور.

يمكن مشاهدة الستريمر CodeMiko كيف صنعت شخصيتها المستوحاة من مسلسلات الأنيمي، والتي تستبدل صورتها الفعلية بالوقت الحقيقي خلال البث.

هدية إضافية: قامت شركة Audi هذا العام بإصدار نموذج سيارة يدعى Sphere مع نظام تحكم بتقنية AR، حيث يمكن للمستخدم التفاعل اليدوي وعرض بيانات السيارة من دون لمس (لا تفوت مشاهدة الفيديو).

مستقبل الواقع الممتد
مع استمرار تطوير تقنيات XR، يمكننا توقّع رؤية المزيد من التطبيقات المبتكرة التي تحوّل جذرياً الصناعات واجتماعات العمل والخدمات في السنوات المقبلة. فبعيداً عن النظرة التشاؤمية حول هذه التقنيات التي تنظر إليها بوصفها هروباً من الواقع المادي، وبعيداً عن التكلفة باهظة الثمن حالياً لشراء أدوات الـVR والـAR إن لناحية إنتاج التجربة أو لناحية مشاهدتها والتفاعل معها، يبدو أن هناك عوالم بلا حدود قابلة للخلق والاكتشاف والـXR بوابتها.