نسخة "كيوت" من "داعش" لبنان.. سيدفع ثمنها السوريون
نور الهاشم
الأربعاء 2024/06/05
لن ينتظر اللبنانيون طويلاً قبل سماع عبارة: "داعش متغلغلة بين السوريين في لبنان، وبات هؤلاء يشكلون خطراً على أمن اللبنانيين والأجانب"، وذلك بعد حادثة اطلاق سوري النار من سلاح حربي على مبنى السفارة الاميركية في بيروت، صباح الأربعاء، وتوقيف المعتدي بعد اطلاق النار عليه.
والمتورط في الاعتداء، هو سوري الجنسية، قالت وسائل إعلام لبنانية وعربية إنه وَشَمَ شعار "داعش" على جسده. وظهر بالصور يرتدي قفازات بيديه، وينتعل حذاءً رياضياً، ويعتمر خوذة شبيهة بتلك التي يعتمرها سائق الدراجة النارية، وكان يتجول في محيط السفارة ويحاول الهرب من حراسها ومن الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية، حسبما وثقت مقاطع الفيديو.
يقولون: كيف عرفتها انها كذبة ردوا: ايه من كبرها
فبمتابعتي لتنظيم #داعش منذ سنوات وبعد تاكدي من مختصين بملف مكافحة الإرهاب:
— ROLA ALKHATIB رولا الخطيب (@RALOUL82) June 5, 2024
يبدو المعتدي النسخة الأحدث من عناصر "داعش" الارهابي. نسخة أكثر تمدناً. "داعش كيوت"، كما وصفه مغردون. يقدم صورة مختلفة عن الهمجية التي أطل بها على العالم في 2014، بالذبح والسكين والزي الإسلامي. احتاج التنظيم عشر سنوات لكي يتغير، شكلاً على الأقل، بالـ"جينز" والحذاء الرياضي.. وأكثر مرونة في التعامل مع الفرائض الدينية، وأهمها تجاوز "حرمة" الوشم على الجسد، وتشذيب اللحية وترتيبها...
لكن مهلاً! قد تكون الصورة "الكيوت" نفسها، دليلاً على أن المعتدي، ينتحل صفة "داعش".. فالتنظيم "جسمه لبّيس"، يمكن أن يستخدمه اي طرف، في أي مناسبة، ولأي هدف، في توجيه الرسائل. الإيرانيون يتهمون خصومهم بصناعته وتوظيفه.. والأميركيون والعرب يتهمون الإيرانيين برعايته واستخدامه.. و"حزب الله" يتهم خصومه بذلك، كذلك يفعل خصومه في اتهامه برعاية "داعش" وتوظيفه وإدخاله الى الساحة اللبنانية.
نذكّر أن حزب الله هو من هرّب داعش من #لبنان حينما كان الجيش اللبناني يحاصرهم في البقاع، وكان بصدد توقيف أو تصفية كل خلاياهم بعد معارك ضارية في معركة فجر الجرود، لكن حزب الله عقد الصفقة مع #داعش وأنقذهم.
هل قال شارل جبور أنه مع "داعش" ؟ نعم. هل شارل مع الولايات المتحدة الأمريكية؟ نعم. هل هاجمت داعش السفارة الأمريكية اليوم ؟ نعم. إذاً مشاكل داخلية، وفخار يكسر بعضو ! pic.twitter.com/JcGubSNX7E
"داعش" غبّ الطلب. "داعش" للخدمات الأمنية. "داعش" للرسائل السياسية. "داعش" صندوق البريد الإقليمي.. ولا ريب إذا اجتمعت كل تلك الأوصاف والوظائف، فالرواية الأمنية الأولية فتحت باب التكهن، مرة بالجزم بأنه من التنظيم، ومرة أخرى بالقول إنه أطلق النار على السفارة، "نصرة لغزة"! غزة نفسها التي لم يتبنّ التنظيم أي موقف لنصرتها قبل هذا الوقت، لا في القطاع، ولا سيناء، ولا حتى في جنوب سوريا على حدود فلسطين!
هل فعلاً "داعش" مسؤول عن العملية؟ ينتظر اللبنانيون التحقيقات الأمنية والقضائية التي يجب أن تتوصل الى حقيقة دامغة في أسرع وقت، منعاً لتدهور العلاقة مع واشنطن التي لم تكف، منذ العام 2006 على أقل تقدير، عن توفير المعدات والدعم اللامحدود للأجهزة الرسمية والجيش اللبناني.. ولأن حادثاً من هذا النوع، ينطوي على خطورة بالغة، ليس لجهة التأكيد بأن التنظيم المتطرف ناشط في البلاد، ويمتلك خلايا قادرة على الاخلال بالأمن فحسب، بل لكون التنظيم (أو من يقف وراءه) قادراً على استهداف البعثات الدبلوماسية، وتشريع البلاد على الفوضى، بموازاة الحرب في الجنوب، وتعثر التسوية الشاملة في غزة، والتسوية النهائية في الجنوب، وفي لحظة تصعيد لبناني ضد الوجود السوري غير الشرعي في البلاد، والمخاوف المترتبة عليه.
ما حدث في #لبنان من إطلاق نار على السفارة الأميركية ليس هجوم، وإنما رسالة لأطراف عدة. رسالة ضد السوريين هناك. ورسالة للاميركيين مفادها ان اي حرب في لبنان على #حزب_الله لن تؤدي للدمار وحسب، وستعيد سطوة #داعش وكما حدث في #العراق و #سوريا . نفس تكتيك #إيران وحزب الله المعتاد.
— Tariq Alhomayed طارق الحميّد (@tariqalhomayed) June 5, 2024
وفي انتظار التحقيقات، لتفكيك الرسائل ومرسليها، بدا السوريون هم الحلقة الأضعف. ما يتسرب في الاعلام، وخصوصاً لجهة القول إن المعتدي المتورط "يحمل بطاقة من مفوضية اللاجئين"، وإن هناك متورطين آخرين من بلدة مجدل عنجر (شرقي لبنان) التي تستضيف أعضاء من شبكة تنتمي إلى التنظيم، يرفع المخاوف من أن تتفجر الحادثة ضد السوريين، وتكون الرسالة أوسع الى داعمي بقاء النازحين، لتشمل تحذيرات من أعباء أمنية تترتب على الوجود السوري في البلاد.
من يطالع التغريدات في "اكس" اليوم، يستطيع بسهولة تلمس هذا الجو، وتلك التوظيفات. لن يكون التصعيد ضد السوريين، على المستوى الشعبي على الأقل، مستبعداً، وتليه ضغوط لتنظيم الوجود السوري في مخيمات أو ضمن إطار قانوني، للتخفيف من فرضيات استغلال "داعش" أو من وراء التنظيم، لهذا الامتداد البشري، بغرض تهديد الساحة اللبنانية وعلاقات البلد الدبلوماسية مع أبرز داعمي الاستقرار فيه. سيكون اللبنانيون أمام مشهد سياسي جديد، عنوانه الوجود السوري في لبنان.