تساهل الحلبي مع المدارس: استغلال الحرب للتعليم من بعد
قرار ملتبس بوقف الدروس
عوضاً عن اتخاذ قرار واضح وصريح بتأجيل العام الدراسي لمدة عشرة أيام، إلى حين جلاء الأمور ومدى تفاقم الظروف الأمنية في لبنان، وإلزام جميع المدارس الخاصة بهذا القرار، لم يصدر عن الحلبي إلا قرار وقف الدروس، أي عدم حضور الطلاب إلى المدارس. وهو قرار ملتبس أتى نتيجة رفض العديد من المدارس الخاصة فكرة تأجيل العام الدراسي ولو لأيام معدودة رغم أن الغارات الإسرائيلية في يومها الأول، يوم أمس الإثنين، طالت غالبية المناطق اللبنانية وأدت إلى مقتل ما يزيد عن 500 مواطن وجرح أكثر من 1600. لكن عدم حزم وزارة التربية أمرها وإبقاء الأمور متروكة لتصرف المدارس الخاصة على هواها، والتي قرأت القرار بأنه مجرد وقف للذهاب إلى المدرسة وليس وقف التعليم، أدى إلى بدء العديد من المدارس ولا سيما في بيروت (لم تصنف في دائرة الخطر بعد) إلى إبلاغ الأهالي ضرورة الاستعداد للانتقال للتعليم من بعد.
الأمر غير محسوم في انتظار انتهاء الأسبوع الحالي، إذ يتركز البحث في وزارة التربية بالتشاور مع الأسرة التربوية على كيفية مقاربة بدء العام الدراسي. علماً أنه لا قرار رسمياً بالسماح للمدارس باستخدام تقنية التعليم من بعد، خصوصاً أن هذا التعليم بحاجة لقانون لتغطيته. ورغم ذلك بدأت المدارس تستغل الظرف لإبلاغ الأهالي بإمكانية الانتقال للتعليم من بعد، وذلك بهدف جني المزيد من الأرباح، التي توفرها من المصاريف التشغيلية، هذا فيما سبق وسارعت المدارس إلى زيادة أقساطها بنسب تجاوزت المئة بالمئة.
أسباب مادية وغير إنسانية
الانتقال إلى التعليم من بعد ينعكس على الأهل، الذين سيكونون ملزمين بترك وظائفهم للبقاء إلى جانب أطفالهم في البيوت للتعليم من بعد. هذا فضلاً عن تزامن إبلاغ الأهالي للبدء بهذه الاستعدادات مع موعد دفع الأقساط، ما يثقل كاهل الأهل بدفع أموال طائلة لشراء تلك التجهيزات، وخصوصاً للعائلات التي لديها أكثر من ولد أو إثنين. وتقول رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة لما الطويل لـ"المدن": نتأسف لما ورد إلى مسامعنا عن طلب بعض ادارات المدارس من الأهالي تأمين كمبيوترات لأطفالهم للبدء بالتعليم من بعد، في ظل الأزمة التي يعاني منها كل بيت لبناني. ولكن لا نستغرب أداء هذه الإدارات التي هي نفسها قد سبق واعتبرت أن الوضع الاقتصادي والأمني بخير ورفعت اقساطها بطرق عشوائية، وتخطت حدود القانون والدين والإنسانية. للأسف تأجيل العام الدراسي لمدة اسبوع كي تلملم الناس جراحها، وإلى حين جلاء الوضع في لبنان لا يدمر التعليم، إلا إذا كانت الاعتبارات التي تندفع نحوها هذه المدارس هي مادية ولا علاقة لها بالوضع النفسي والاجتماعي والتربوي.
الأمين العام للمدارس الكاثوليكية ومنسق اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الأب يوسف نصر لفت إلى أنه من المبكر الحديث عن خطط بديلة للتعليم الحضوري. وقال لـ"المدن": نحن ما زلنا أمام الخطة الأولى أي العودة إلى التعليم بالإمكانيات المتوفرة. أن نقفل مدارسنا ونذهب فوراً للتعليم من بعد، غير صحي وسليم، وليس لخير البلد ولا يعبّر عن الشعور بالقوة والعزة. أعتقد أنه يجب أن يكون هناك تقييم يومي لمستجدات الأمور. وأول ما تسمح الفرصة للعودة للتعليم الحضوري يجب أن نعود إليه.
التعليم الجدي هو التعليم الحضوري
وأضاف، في المناطق التي لا يوجد فيها إمكانات للتعليم الحضوري نبحث إمكانية التعليم من بعد، وعلينا أن نرى إذا كانت مراكز الاستجابة توفر إمكانية للنازحين للتعليم. ويجب عدم التسرع في الذهاب للتعليم من بعد، فهو ليس الجواب الناجح لإطلاق العام الدراسي ولاستمرارية التعليم في لبنان.
ورداً على سؤال عن إبلاغ مدارس كاثوليكية أهالي الطلاب الاستعداد للتعليم من بعد، قال نصر: أشدد من خلال "المدن" على أن البحث الحالي والجدي هو متى يمكن العودة للتعليم الحضوري، أي غدا أو بعده، وكيف سيتطور الوضع الأمني. التعليم من بعد غير مطروح. وإذا كانت الظروف الأمنية تسمح للتعليم الحضوري علينا المضي به في أقرب وقت.
المخاوف الحالية تكمن في تكرار تجربة الامتحانات الرسمية السابقة لكن ليس في الامتحانات، بل بكيفية إطلاق العام الدراسي هذه المرة. حينها فرضت حركة أمل على وزير التربية "الروزنامة الجنوبية" وكانت الامتحانات شكلية وبأقل من ربع المناهج. وحالياً، في حال استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان، وفي حال واصلت وزارة التربية اتخاذ القرارات اليومية في وقف الدروس، ستلجأ المدارس إلى إلزام الأهل بالتعليم من بعد، ولا تتدخل وزارة التربية لوقف هذه المهزلة.