Skype و Zoom...كل التطبيقات المستخدمة أصولها إسرائيلية!

نافع سعد
الأحد   2024/11/10
التقنيات التي نستخدمها يومياً، قد تم تبنيها وإعادة تطويرها من قبل العديد من الشركات العالمية
قد يُفاجأ البعض بأن العديد من التقنيات المستخدمة بشكل واسع في مجال تكنولوجيا المعلومات تعود أصولها إلى شركات إسرائيلية. على سبيل المثال، تقنية الصوت عبر بروتوكول الإنترنت (VoIP) التي تستخدم اليوم في Zoom و Skype وعشرات التطبيقات المشابهة، كانت قد أطلقتها شركة VocalTec الإسرائيلية في عام 1995. كذلك، براءة اختراع جهاز التخزين المحمول USB Drive تعود إلى دوف موران من شركة M Systems الإسرائيلية، قبل أن يطرح المنتج في الأسواق لأول مرة من قبل شركة SanDisk الأميركية، حيث أن أحد مؤسسي SanDisk، هو إيلي هراري المولود في تل أبيب.

وفي مجال أمن المعلومات، كانت شركة Check Point الإسرائيلية وراء تطوير أول جدار حماية (Firewall) تجاري في عام 1993.

هذه التقنيات التي نستخدمها يومياً، قد تم تبنيها وإعادة تطويرها من قبل العديد من الشركات العالمية على مر السنين، لذا فهي تبدو اليوم آمنة، وتُظهر جانباً من قدرة إسرائيل على الابتكار التكنولوجي. لكن يبقى السؤال حول الابتكارات والتطبيقات الحديثة، وإلى أي مدى يمكن استغلال إسرائيل لهذه التقنيات بغرض التجسس؟ وما طبيعة العلاقة بين الشركات التكنولوجية الناشئة والموساد؟

قطاع التكنولوجيا
يشكّل قطاع التكنولوجيا في إسرائيل نحو 20% من الاقتصاد وفقًا لتقرير من رويترز صدر في حزيران الماضي. وأفاد التقرير، نقلًا عن هيئة الابتكار الإسرائيلية (IIA)، بأن 600 شركة جديدة تأسست في عام 2023. وعلى الرغم من تأثر هذا القطاع بشدة جراء أحداث السابع من أكتوبر، وتداعيات الحرب على غزة، والتي دفعت بعض الشركات العالمية للانسحاب أو تعديل خططها المستقبلية في تل أبيب، لكن يجري الاحتفاء في السنوات الاخيرة ببيئة الشركات الناشئة ونموها بفضل دعم الحكومة والجيش. العديد من الشركات الناشئة تستفيد من الخبرات والتقنيات التي تُطوّر داخل الوحدات العسكرية والاستخباراتية، مثل الوحدة 8200 التي تُعتبر حاضنة للمواهب التكنولوجية التي تتوجه لاحقًا إلى القطاع الخاص. 

بهدف التبسيط، يمكن تقسيم القطاع التكنولوجي في إسرائيل إلى أربعة مكونات أساسية:

1- الشركات الكبرى التي تنضوي تحت جمعية الصناعات التكنولوجية المتقدمة (IATI)، والتي تعمل بدورها على تعزيز نمو القطاع واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.

2- الشركات الناشئة المدعومة من هيئة الابتكار الإسرائيلية (IIA)، وهي الذراع الحكومية المعنية بدعم الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا.

3- الجيش ووحداته الاستخباراتية، التي تُعنى بتطوير التقنيات العسكرية وبرمجيات التجسس.

4- الجامعات ومراكز الأبحاث، أبرزها في مجال علوم الكمبيوتر والرياضيات جامعة بن غوريون في بئر السبع، وفي الهندسة معهد إسرائيل للتكنولوجيا (التخنيون) في حيفا، وفي الحوسبة والمعلومات مركز "ممرام" (MAMRAM ) البحثي التابع للجيش الإسرائيلي.

تتداخل مكونات القطاع التكنولوجي أعلاه بشكل وثيق؛ إذ تستفيد الشركات الناشئة على وجه الخصوص من تقنيات وخبرات الوحدات العسكرية والاستخباراتية، فيما قد يستفيد الموساد من بعض خدمات وبرمجيات هذه الشركات عندما تنطلق نحو "سيليكون فالي"، بمساعدة Startup Nation Central الذي يصف نفسه بأنه بوابة الشركات الناشئة نحو العالمية.

"سيليكون وادي"
على غرار وادي السيليكون في كاليفورنيا، أطلقت إسرائيل اسم "سيليكون وادي" على المنطقة الساحلية الممتدة من حيفا إلى تل أبيب، حيث تتركز فيها شركات التكنولوجيا. ولم يكن انتقال شركات التكنولوجيا من "الوادي" الإسرائيلي إلى نظيره الأميركي ظاهرة جديدة، إذ يتم ذلك بطرق متعددة، مثل الاندماج والاستحواذ، أو حتى تأسيس شركات جديدة في الولايات المتحدة بفضل ازدواجية الجنسية التي يتمتع بها بعض رواد الأعمال.

في عام 1998، وبعد عامين من تطوير شركة Mirabilis الإسرائيلية لبرنامج ICQ، أول برنامج محادثة في العالم، قامت شركة AOL الأميركية بشرائه مقابل أكثر من 400 مليون دولار. وفي مثال آخر، استحوذت شركة Google في عام 2013 على شركة Waze الإسرائيلية، التي طورت تطبيقًا لحركة المرور في الوقت الفعلي والذي يُستخدم الآن ضمن خرائط جوجل. كذلك، قامت شركة Nvidia الشهيرة عام 2019 بالاستحواذ على شركة Mellanox الإسرائيلية، المتخصصة في بناء الخوادم، في صفقة بلغت قيمتها 6.9 مليار دولار.

في السنوات الأخيرة، تسلطت الأضواء على برمجية "بيغاسوس" التجسسية التي طورتها شركة NSO Group الإسرائيلية، مما أثار مخاوف عالمية بشأن الخصوصية. لكن هناك ما هو أشد خطورة، يتمثل في احتمالية استغلال التطبيقات التي تبدو مسالمة كمنفذ للحصول على معلومات بهدف التجسس، مثل تطبيق المحادثة (Viber) وتقنية قراءة العين (Mobileye)  المستخدمة في أنظمة القيادة الآمنة، والتي يعتمد عليها ملايين المستخدمين حول العالم. ونظرًا للعلاقة الوثيقة بين قطاع التكنولوجيا وأجهزة الاستخبارات في إسرائيل، قد توفر هذه التطبيقات للاستخبارات الإسرائيلية وصولاً إلى بيانات المستخدمين، حتى بعد انتقال بعض هذه الشركات إلى "وادي السيليكون" الأميركي، بما في ذلك المعلومات التي قد لا ترتبط مباشرة بالأمن الإسرائيلي. حيث تستخدم إسرائيل بعض هذه البيانات للتبادل مع أجهزة استخبارات دولية، كما تجلى في فضيحة الموساد في إيطاليا الشهر الماضي.

سلاسل التوريد
لإسرائيل وجيشها باع طويل في تكنولوجيا الاتصالات، مما يجعل من المنطقي أن تتوجه الأنظار إلى احتمالية قيام إسرائيل باختراق حزب الله ومؤسساته عبر أجهزة وشبكات الاتصالات، وقد كان هذا قبل حادثة "البايجر". ففي هذا السياق، نفى الأمين العام الراحل للحزب السيد حسن نصرالله بشكل قاطع وجود اختراقات إسرائيلية للهيكلية التنظيمية للحزب، وأطلق في نيسان الماضي حملة لتوجيه أعضاء الحزب ومقاتليه وعائلاتهم لتجنب استعمال الهواتف الخلوية.

ورغم تأخر الدعوة لتجنب الهواتف الخلوية، فإن السيد كان مصيباً في تحذيره من مخاطرها. غير أن حصر الخطر في هذا الجانب لم يكن كافياً، إذ كشف اختراق أجهزة "البايجر" عن احتمالات أوسع، وفتح المجال للتكهن بإمكانية اختراق إسرائيل لأجهزة أخرى لا تحصى، مثل تركيب وسائل تجسسية في مكيفات الهواء. ويعزز ذلك قيام الأمين العام الراحل في وقت سابق بشكر فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني على اكتشاف عميل إسرائيلي، قيل أنه كان يعمل لدى الحزب كفني مكيفات.

رسائل من الطابق 14 تحت الارض
من بين الشركات التكنولوجية الملفتة، برزت مؤخراً شركة Exodigo الإسرائيلية-الأمريكية، التي تعمل على تطوير تكنولوجيا رسم خرائط تحت-أرضية باستخدام الطائرات المسيرة. وعلى الرغم من أن الشركة تعرض في موقعها مشاريع مدنية، إلا أن الجانب العسكري لهذه التكنولوجيا يستحق الاهتمام. وقد أشارت تقارير إلى أن الولايات المتحدة زوّدت إسرائيل بعد السابع من أكتوبر بطائرات مسيرة قادرة على رسم خرائط للمنشآت والفجوات الطبيعية تحت سطح الأرض.

منذ اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله وخليفته السيد هاشم صفي الدين، وإيحاء الجيش الإسرائيلي بمعرفته بما يجري داخل هذه الاجتماعات، أثيرت تساؤلات صعبة لدى المهتمين بشأن تكنولوجيا الاتصالات، وأهمها: كيف يمكن أن تُنقل بيانات الاتصال، مثل الصوت والصورة، من غرفة تقع على عمق 14 طابقًا تحت الأرض؟ فمن البديهي أن هكذا اتصال لا يتم بطريقة لاسلكية.
في هذا السياق، تخيلت السيناريو التالي: جهاز تنصت صوتي مخفي داخل المصباح الكهربائي أو وحدة التكييف في الغرفة، يقوم بنقل البيانات عبر الأسلاك الكهربائية إلى السطح بواسطة تقنية PLC، حيث يُستخلص الصوت بواسطة جهاز آخر ثم يُرسل إلى جيش العدو عبر الأقمار الصناعية.

وخلال البحث حول إمكانية التجسس أو التهكير عبر الأسلاك الكهربائية ذات الجهد 220 فولت، وجدت بالفعل دراسة "إثبات مفهوم  (Proof of Concept)من جامعة بن غوريون، تثبت إمكانية التجسس باستخدام خطوط الكهرباء!