الخميس 2016/06/23

آخر تحديث: 08:55 (بيروت)

الصحافيّون.. يكتبون آراءهم أو آراء من يمثّلون؟

الخميس 2016/06/23
الصحافيّون.. يكتبون آراءهم أو آراء من يمثّلون؟
أليست الكتابة فعلاً ضرورياً في أوقات الحروب الصغرى والكبرى في منطقة مشتعلة؟ (Getty)
increase حجم الخط decrease

كيف تأتي الفكرة وسط ازدحام الأفكار، ومن أين تبدأ الكتابة وأين تنتهي؟ يكاد يكون ذلك الموضوع دائم الحضور في جلسات بعض كتّاب الرأي والمثقفين والصحافين.

في إحدى جلسات المناقشات التي تُخلَق بالعادة عشوائياً تركز الحديث على الكتابة في الصحف وبعض وسائل الإعلام  في الظروف الراهنة التي تعيشها المنطقة.. وبرزت من البعض تساؤلات: ماذا نكتب وأصبح كل حدث موضوعاً يومياً للكتابة عنه، الفكرة الواحدة تتكرر مرات ومن زوايا مختلفة ولكنها فكرة واحدة. ماذا نكتب ونحن وسط محاذير تحاصرنا وتضعنا داخل حقل ألغام، إلى أي مدى نستطيع المجاهرة بمواقفنا بينما الأشباح تحوم فوق رؤوسنا، وأكثر من ذلك هل نحن نكتب ما نريد او ما يراد لنا أن نكتبه، وبالتالي هل نحن مقتنعون بما نكتب وهل يمكننا في هذه الحالة إقناع الآخرين بما نكتب؟

يتوسع النقاش ويتداخل الحديث ويدلي كل كاتب بدلوه، حتى يتولد شبه إتفاق: نحن في أزمة عميقة ومتشعبة، أزمة فكرة وموضوع، أزمة كتابة حقيقية.

ويكاد الحديث ينحصر في واقع الإعلام والرأي، في بلد يجمع تناقضات المنطقة وما يجري فيها من أحداث. ويكاد النقاش يتشظى مع تشظي المنطقة: وتتعارك الأفكار حول الكتابة والرأي والموقف من كل شيء: الإرهاب و"داعش" والطوائف والمذاهب والحروب.. الثورات والأنظمة والمعارضات.. بلد يتخبط في أزماته ونظامه المهترئ ومذاهبه المتناحرة وأحزابه المهلهلة.

لكن، أليست الكتابة فعلاً ضرورياً في أوقات الحروب الصغرى والكبرى في منطقة مشتعلة من أقصاها إلى أقصاها ومنها تنبت آلاف الأفكار؟

يرى البعض أن الكتّاب أصبحوا ينقسمون إلى فريقين: فريق أبو تمام وفريق المتنبي.. فريق أبو تمام الذي يعتبر أن بعض الحروب لا بد منها ومن المسؤولية دعمها بالكتابة  في هذه الظروف والإرهاب يستخدم آلة القتل ولا يمكن هزيمته إلا باستخدام السلاح نفسه ومواجهة السلاح بالسلاح.. أي دعم لمقولة ابي تمام : السيف أصدق إنباء من الكتب  في حده الحد بين الجد واللعب.. بيض الصفائح لا سود الصحائف في متونهن جلاء الشك والريب.

أما الكتّاب من فريق المتنبي، فهم يدعون إلى رفض الحروب من أي جهة كانت ولا بد من دعم فكرة الوعي والنقاش وخلق بيئة للحوار وأنه لا بد من التركيز على هذه الفكرة في الكتابة.. أي دعم لمقولة المتنبي: الرأي قبل شجاعة الشجعان، هو أول وهي المحل الثاني، فإذا هما اجتمعا لنفس حرةٍ  بلغت من العلياء كل مكان.

يعكس النقاش حالة تطرف مستغربة ببن بعض الكتّاب، قسم يجنح في اتجاه دعم أنظمة تبالغ في استخدام آلتها الحربية تحت مسمى مكافحة الإرهاب وقسم يبالغ في رومانسيته السياسية والدعوة إلى الحوار، كأن المنطقة مترفة بالهدوء وتعيش مجرد أزمات طبيعية لا تحتاج الا الى الحوار.

يصعد من بين متاهة النقاش أصوات تقول: من الإجحاف تقسيمنا بين فئتين لفكرتين: المتنبي أو أبو تمام. ويمكن للكاتب أن يكتب بموقف لا هو مروج للحرب ولا هو أسير دعوة غير واقعية لحوار بلا سقف أو جدوى. يمكن للكاتب أن ينحاز إلى الحقيقة والنَّاس والمعاناة. الحقيقة التي يحاول البعض تضييعها بين منطقين: منطق المتنبي ومنطق ابو تمام.

أما الفكرة فهي مخزنة في زوايا المنطق ومع كل حدث يمكن استحضارها بأشكال مختلفة. ويطرح كل كاتب من زاويته حتى ولو كانت تتمحور حول موضوع واحد.

يقول الكتّاب والمثقفون كثيراً، ويعود كل منهم من هذه الجلسات إلى موقفه ورأيه أو رأي من يمثله أو يمتثل له.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب