الأربعاء 2016/05/11

آخر تحديث: 18:20 (بيروت)

انتخابات بلدية مهمة .. ولكن

الأربعاء 2016/05/11
انتخابات بلدية مهمة .. ولكن
increase حجم الخط decrease
مر الأسبوع الأول من الانتخابات البلدية بسلام ولم تحصل "ضربة كف" بالمفهوم الواسع .. أسبوع انتخابي ناقص في الشكل وغير مكتمل في المضمون لكنه أعطى مؤشرات إيجابية سواء في اجراء العملية الانتخابية أو في النتائج ، وأهم ما في هذا الأسبوع أن الانتخابات تجاوزت كل المخاوف التي تتذرع بها قوى السلطة لعدم إجراء انتخابات مهما كان نوعها .. كان يجب أن تُجرى الانتخابات حتى لو كانت في بعض مظاهرها فولكلوراً طائفياً وسلطوياً اعتاد عليه اللبنانيون.

وبعد اجراء هذه الانتخابات في بيروت والبقاع يمكن التوقف عند بعض المحطات التي تلخص الصورة الانتخابية وينتظر اكتمالها في في الأسابيع المقبلة ومنها:

- من النفاق السياسي وصف بعض أركان السلطة  ما جرى بأنه "عرس ديمقراطي ".. لا هو ليس عرساً ديمقراطياً ولم تُزف فيه الديمقراطية الحقيقية التي تتطلب قوانين انتخابية حديثة بعيداً عن الاصطفاف الطائفي والمذهبي الذي اختزل كل القوانين تحت شعار التوافق الطائفي ، ورغم أهمية إجراء الانتخابات تحت أي ظرف الا اننا لانزال نعاني من سطوة النظام السياسي الطائفي الذي أنتج ولا يزال سلسلة أزمات كبرى ، أزمات تلف حبلها على عنق الديمقراطية بمفهومها الشامل والتي تخشاها القوى المتحكمة بالسلطة بمختلف أوجهها الطائفية والحزبية وتعمل على خنقها بمختلف الوسائل .. فمتى كانت الديمقراطية تتعايش مع الأنظمة الطائفية والمستبدة؟

- اللعبة الديمقراطية ليست في أن يفوز عشرون بالمائة على ثمانين بالمائة الذين أحجموا عن المشاركة في الانتخابات بفعل اليأس من إمكانية التغيير أو الكفر بهذه السلطة مع أن المشاركة كانت مطلوبة حتى ولو بالأوراق البيضاء لاعادة الاعتبار الى العملية الانتخابية وللتعبير عن السخط وحالة الرفض للدجل السياسي الذي يعيق اجراء أي انتخابات ولاثبات ان اللبنانيين تواقون لاجراء انتخابات سواء كانت بلدية او نيابية او رئاسية.

- المال السياسي غاب عموماً هذه المرة عن الانتخابات أو على الأقل تقلص بنسبة ملحوظة إذا ما قيس بالاموال التي كانت تصرف في السنوات الماضية على الانتخابات وهذا يؤشر الى امرين أساسيين وهما : ان بعض القوى السياسية لم تعد تملك المال الكافي لضخه في الانتخابات والثاني ان أصحاب هذه الأموال كانوا ينامون على ثقة زائدة بان نتائج الانتخابات محسومة سلفاً وبالتالي لا حاجة لضخ الأموال وهو الامر الذي دحضته نسبة المشاركة الضئيلة ونتائج الانتخابات التي لو أحسن التحضير لها من قبل المجتمع المدني الذي خاضها لأول مرة لكانت النتائج صادمة فعلا ولو ان النتائج الحالية نتج عنها صدمة لقوى السلطة والتحالف الحزبي الطائفي السلطوي.

- لوحظ أيضاً انخفاض اعداد الماكينات الانتخابية قياساً بالانتخابات العديدة السابقة ، ففي جولة على مراكز الاقتراع في بيروت مثلاً لوحظ غياب الماكينات الانتخابية عن الكثير من هذه المراكز واكتفى المرشحون ببعض الافراد الذين لم يتعد دورهم توزيع اللوائح على الناخبين وهذا يدل على ضعف الاعداد والترتيب اللوجستي لهذه الانتخابات.

- كان الأبرز دخول الحراك المدني هذه الانتخابات ترشيحا وانتخابا لتأكيد شعارات رفعت قبل الانتخابات وحتى في الحراك المدني في الشارع تفيد بان الانتخابات أمر ملح وضروري وانه لا بد من اجراء انتخابات تحت أي ظرف من الظروف . ورغم النتيجة الباهرة التي حققها الحراك المدني ولم يتعد الفارق فيها بين "بيروت مدينتي" ولائحة البيارتة السبعة الاف صوت الا انه لا بد من ان يشكل ذلك حافزاً ودرساً يستفيد منه الحراك المدني مستقبلاً من حيث زيادة الخبرة في التحضير للانتخابات وتأمين الحشد الشعبي للمشاركة فيها.

- كان من المفترض ان يشارك مؤيدو الحراك المدني بقوة اكبر في الانتخابات وعدم الاكتفاء بتحركات الشارع ولو حصل ذلك لكانت النتائج مختلفة بالتأكيد . ولم يتولد شعور بأن قوى الحراك المدني على اختلافها جيشت الحراك ومؤيديه وحثه على المشاركة وهي التي ركزت اهتمامها على الشارع فقط ، وكان عليها حث الشباب بشكل خاص على المشاركة وإعطاء حافز على تحويل الانتخابات مستقبلاً الى فعل جاد وحيوي من شأنه ان يؤثر في أي انتخابات مقبلة.

- اتسمت الانتخابات بعامل مهم وهو عودة تحدي العائلات للتحالفات الحزبية وهو ما جرى بشكل واضح في البقاع حيث جاهرت بعض العائلات في تحديها لقوى السلطة والأحزاب وفضلت خوض الانتخابات منفردة . ومع ان ذلك لا ينطبق بالمفهوم العام على الانتخابات النيابية التي لها ظروفها المختلفة سياسيا وطائفيا الا انه مؤشر على تنامي رفض العائلات للسطوة الطائفية والحزبية على الوضع العام وبالتالي تنامي الحالة الشعبية الرافضة لهذه السطوة والهيمنة وإلغاء الحالة الاستقلالية.

- على ضوء المشاركة المتدنية والنتائج بدأ يُسمع همس بأن قوى السلطة والهيمنة الطائفية غير متحمسة لاجراء انتخابات نيابية مستندة الى تفسيرات بان نسبة المشاركة والنتائج أعطت انطباعاً عن حالة التململ والنقمة والرفض الشعبي للواقع السياسي الراهن  ولا يُستبعد بعد هذا الهمس ان نسمع نفس الحجج والمبررات عن الحالة الأمنية ومخاطر أوضاع المنطقة لتبرير عدم اجراء انتخابات نيابية في المدى المنظور . أمام ذلك لا بد من تنامي حالة الرفض لهذا الواقع واستثمار اجراء الانتخابات البلدية لمزيد من الدعوات لاجراء الانتخابات النيابية في الظروف نفسها التي جرت فيها الانتخابات البلدية وتضييق مساحة المناورة التي تلعبها قوى السلطة والأحزاب في افشال اجراء انتخابات نيابية وحتى رئاسية.

- يبقى ضرورة اكتمال المشهد الانتخابي في جبل لبنان والجنوب والشمال لاجراء تقييم شامل وموضوعي قياساً بنسب المشاركة والنتائج والتحالفات ولإعطاء جرعة إضافية لكل من يؤمن بضرورة اجراء الانتخابات، ولخلق حالة شعبية تدعو الى إقرار قانون انتخابي حديث يؤمن اجراء الانتخابات النيابية المقبلة دون تأخير او مماطلة وللحؤول دون تمديد جديد لمجلس اصبح ساقطا قانونيا ووواقعيا، قانون يؤمن تمثيل اقرب الى المنطق والواقع لمختلف شرائح الشعب اللبناني.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها