من خلال المتابعة والبحث، تكشف المصادر، أن النتائج أظهرت احتمالاً يتعلق باستثمار "راوتر" الإنترنت داخل المنزل لمعرفة العديد من المعلومات المتعلقة بالأشخاص مستخدمي الجهاز. وحسب مدير برنامج الإعلام في منصة "سميكس"، عبد قطايا، فإن جهاز "الراوتر" ليس جهازاً لتقديم خدمة الإنترنت وحسب، بل هو قادر على معرفة كل ما يقوم به المستخدم على الشبكة، وصولاً إلى نوع الهاتف والأجهزة الإلكترونية، وحركة الدخول والخروج، تجميع الميتا داتا.. أي أنه قادر على معرفة وقت إجراء اتصالات عبر الواتساب، والجهة المتلقية للاتصال ونوعية الاتصالات، والحركة المالية والكثير من الأمور الإضافية.
ليس هذا وحسب، فوفق تحقيق نشره موقع "العهد" الإخباري، ويستند فيه إلى معطيات علمية أساسها ثلاثة باحثين في جامعة كارنيجي ميلون في أميركا، يقول إن بإمكان جهاز الراوتر، بفضل التطورات الحديثة في مجال الذكاء الاصطناعي، العمل كأداة تجسس خفية قادرة على تحديد مواقع الأشخاص داخل المنزل بدقة ثلاثية الأبعاد، ورسم المنزل من الداخل، متفوقة بذلك على كاميرات المراقبة التقليدية. وهذا ما لا يؤكد قطايا استخدامه من قبل العدو الاسرائيلي ولا ينفيه أيضاً. إذ يقول في حديث لـ"المدن": "هذه التقنيات قيد التجارب في العالم، ولا يوجد أي جيش قد أعلن استخدامها حتى اليوم، ولكن لا يمكن القول إن العدو الاسرائيلي لا يستخدمها، خصوصاً أنه أظهر خلال هذه الحرب استخدام تقنيات لم تكن معروفة سابقاً، إلى جانب ما ضُبط بحوزة العملاء بمحيط عين التينة. وهو ما يُشير إلى أن استخدام العدو لهذه التقنيات قد يكون صحيحاً، ولو كنا غير قادرين على الجزم".
هل من وسيلة للحماية؟
قد لا يكون واضحاً بعد حجم الاستفادة من اختراق أجهزة الراوتر في تحديد ورسم الخرائط للمنازل بدقة. ولكن من المؤكد أن علامات الاستفهام كثيرة حول هذه الأمور، خصوصاً بظل بروز وسائل تكنولوجية ضخمة جداً استخدمها الجيش الاسرائيلي في هذه الحرب. فهل من سبيل للحماية والوقاية؟
يُشير الخبير في مجال السلامة الرقمية والإعلام والتواصل، عبد قطايا، إلى أن الأكثرية من المواطنين لا يعلمون بسهولة اختراق الراوتر الخاصة بهم، وخطورة ما قد ينتج عن هذا الاختراق. مشدداً على أن هناك قدرة لمن يخترق الراوتر أن يزرع فيها "الفيروسات". وهناك سهولة لذلك، نظراً لنقص معرفة المواطنين بحجم الحماية التي يمكن أن يوفرها الراوتر لهم لو عرفوا كيفية تفعيلها.
ويضيف: "من المهم بداية أن تكون أجهزة الراوتر حديثة ومن ماركات شهيرة، لأن هذه الأجهزة فيها تقنيات تحمي من أي هجوم خارجي، ولأن القديمة والرخيصة هي تلك التي لم تعد تُعتمد بالخارج، فتُجلب إلى لبنان لبيعها بأسعار زهيدة. وهذه تكون أكثر عرضة للاختراق. كذلك هناك وسائل لجعل الداتا المتداولة عبر الراوتر غير معلومة للأطراف الراغبة بالاختراق، مع العلم أن هذه الوسائل تتطلب تقنيين معنيين بهذا العمل". مشيراً إلى أنه في لبنان لا يوجد أي اهتمام لتأمين الحماية الرقمية للمواطنين. فهل حصل سابقاً أن فُحصت الأجهزة المستوردة إلى لبنان لمعرفة ما فيها، علماً أن بعض الهواتف التي تدخل لبنان تكون "الفيروسات" مزروعة فيها سلفاً، حيث تظهر الإعلانات للمستخدم حتى لو فعل ما يلزم لعدم ظهورها؟
نصيحة أخيرة يقدمها قطايا إلى اللبنانيين، عندما تكونون في مكان عام وأردتم ربط أجهزتكم بماكينات راوتر غريبة، فاستخدموا "VPN"، لأن عدم القيام بذلك سيجعل أي طرف مهتم قادراً على الدخول إلى أجهزتكم.
صعبة للغاية هذه الحرب التكنولوجية، خصوصاً عندما لا تكون الدولة حاضرة وقادرة على خوض مواجهات من هذا النوع، التي هي بطبيعة الحال مسؤولية الدولة لا المواطن، وعندما تبقى استراتيجيات الدفاع الرقمي مجرد حبر على ورق، وعندما يكون في لبنان 900 ألف مشترك خارج الشبكة الرسمية، علماً أن بعض الإجراءات الأمنية التي تُعتمد لتجنب هذه المخاطر باتت تشكل بحد ذاتها ثغرات أمنية يستغلها العدو.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها