التخوف من ملف التفرغ
وتبين أن التعيينات الأخيرة التي قام بها بدران أتت على حساب الطائفة السنّيّة، كما حصل في المعهد العالي للدكتوراه في العلوم والتكنولوجيا. فقد أصدر بدران قراراً أعفى بموجبه الدكتور نزيه المبيض من مهامه كعميد لمعهد الدكتوراه في العلوم والتكنولوجيا، وكلفه بمهام عمادة كلية الهندسة، وكلف مكانه الدكتور قاسم حمزة. وخرق بدران العرف الطائفي القاضي بتولي معاهد الدكتوراه الثلاثة في لبنان من واحد شيعي وآخر سني وآخر ماروني. وقد أدى قرار بدران إلى إخراج السنّة من معادلة معاهد الدكتوراه. وأتت هذه القرارات بموافقة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي سبق وزكّى شندب والمبيض لتولي المنصبين سابقاً.
الخوف السنّي من قرارات بدران يمتد إلى ملف التفرغ. فالملف سيقر في مجلس الوزراء ولا ضمانة وسط هذه الأجواء، بعدم إقدام رئيس الحكومة على إقرار ملف غير متوازن طائفياً، في ظل الاستضعاف الحالي للطائفة السنّية. فملف التفرغ الذي يدرسه حالياً وزير التربية عباس الحلبي يقوم على
خلل كبير لصالح الطائفة الشيعية. ما استدعى "دق النفير" بعد القرارات التي اتخذها بدران.
التخلي عن المواقع السنّيّة
الإشكالية السنّيّة مع بدران تمثلت في تعيين شيعي في منصب مكرس عرفاً للسنّة في المعهد العالي للدكتوراه. ولم تعد الإشكالية محصورة ببدران، بل برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي أعطاه الضوء الأخضر. ويقول النائب بلال الحشيمي لـ"المدن": من غير المقبول أن يقبل الرئيس ميقاتي باستهداف المواقع السنية. لا يجوز إن يكون الاستهداف للسنة بمعيته. ولا يجوز منه التخلي عن الأعراف بهذه البساطة".
وأكد الحشيمي أن هذا الموقف سيعبر عنه النواب السنة المستقلين للمطالبة بإعادة الأمور إلى نصابها في المعهد العالي للدكتوراه، في رد الاعتبار لشندب وإعادتها إلى عمادة كلية الآداب. فمن المعروف أن شندب والمبيض عينا في المنصبين بمعية ميقاتي، وكان عليه أن يشعر بالإهانة عندما أقدم بدران على عزلهما.
أما الإشكالية السنّية مع بدران حول عزل شندب، فتتعلق بالطريقة المهينة التي أخرجت فيها. فهي -كما جاء في التعليقات- مشهود لها كفاءتها ونظافة كفها، وجرى محاربتها منذ تعيينها برفض أي طلب ترفعه الكلية إلى الإدارة المركزية. وفضل بدران التعامل مع الكلية من خلال العميد المتقاعد أحمد رباح، مستثنياً العميد الأصيل. والسبب بسيط هو أن رباح مستشار للرئيس وينفذ طلباته، بينما شندب لم تكن طيّعة. وصحيح أن منتقدي شندب يشيرون إلى أنها لا تصلح للإدارة، لأنها لا تجيد تدوير الزوايا وصعبة المراس، إلا أن المدافعين عنها يتمسكون بها لهذه الخالص قبل أي شيء. فلا يجوز أن يكون العميد أو مدير الفرع "باش كاتب" عند رئيس الجامعة، ينفذ الأوامر مثل العسكر.
تصرّفات مهينة بحقها
منتقدو شندب يشيرون إلى أنها سكتت عن تجاوزات كان يقوم بها مدراء الفروع. فمديرة الفرع الخامس كانت تحابي أساتذة مسافرين وتسجل لهم الحضور، فيما ترفض تسجيل أسماء أساتذة مسافرين آخرين لأسباب سياسية. وشندب لم تتدخل لوضع حد لهذه المديرة.
وتضيف المصادر، لقد نصب بدران لشندب أفخاخاً ووقعت فيها بسرعة لأن شخصيتها انفعالية. فقد جرى احتفال في يوم اللغة العربية، في الإدارة المركزية، من دون علمها ودعوتها، فأقدمت هي على عزل منسقة الماجستير، ثم قررت تنظيم مؤتمر ثقافي في طرابلس من دون علم بدران. كما أنها شاركت في انتخابات ممثلي الأساتذة ولاحقاً في انتخاب المدراء وأخذت طرفاً، فيما كان يفترض بها أن تكون على الحياد. ما أدى إلى تعمق الصراع السنّي المسيحي في الفرع الثالث. واستفاد بدران من هذه الوقائع.
عميد ظل في الكليةلكن المنتقدين يعترفون أن بدران تحامل على شندب لأنها لم تكن طيّعة. فعندما تسلمت العمادة لاحظت فقدان لمادة مازوت وفقدان معدات من المستودع. وحملت المسؤولية إلى موظفتين. لكن بدران أقدم على تعيين هاتين الموظفتين في الإدارة المركزية متجاهلاً رأي شندب.
ووفق المنتقدين، كان الأساتذة الذين يريدون تقديم أبحاث أو يريدون تسريع معاملاتهم في الإدارة المركزية يذهبون إلى العميد السابق رباح. فستير أمورهم بسرعة، فيما طلباتها توضع في الدرج. فامتعضت هي من وجود عميد ظل متقاعد من فريق بدران يقرر ماذا يحصل في الكلية التي ترأسها. ولطالما كانت تطلب موعد من بدران حول الكلية، فيبقيها منتظرة لساعات عدة خارج مكتبه، ثم يعتذر في آخر لحظة ولا يستقبلها. فنشب صراع غير معلن ولم تكن تستجيب لطلباته. فقد طلب بدران إقفال دبلوم التاريخ في الفرع الثالث في طرابلس إذا لم يسجل فيه عشرة طلاب. فأقدم أساتذة على تسجيل عشرة طلاب لإبقاء القسم وشعر بدران بالإهانة. ثم طلب إقفال مسارات الماجستير فرفض طلبه. وتسرب خبر كيفية تصرف بدران شفهياً معها إلى الإعلام، وكان مصيرها العزل.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها