لم تكن منظمة "العمل ضد الجوع" العالمية (Action Against Hunger) مدركة لحساسية الوضع في لبنان، عندما استقدمت شاحنتي أكياس رمل إلى مهنية الدكوانة التي تستقبل النازحين، لوضع صهاريج مياه الشرب عليها. لم تدرك المنظمة الفرنسية أن تجميع هذه الأكياس في صرح أكاديمي محسوب على حركة أمل بالعرف اللبناني، ويقع في منطقة مسيحية، سيُقرأ على أنه وضع دشم استعداداً للحرب. كان هدف المنظمة الدولية تسهيل وصول مياه الشرب للنازحين فحسب. فوضع صهاريج المياه على أرض منخفضة يعاكس الجاذبية. لذا قررت وضع أكياس رمل لوضع الصهاريج عليها.
تحويل مراكز الإيواء إلى تحصينات؟
سكان المنطقة قامت قائمتهم عندما رأوا أكياس الرمل. استحضروا صورة بناء الدشم من الحرب الأهلية. ظنوا أن شيئاً ما يعد لمنطقتهم. وصل الخبر إلى نائب المتن رازي الحاج الذي غرّد قائلاً: "ما يحصل في مهنية الدكوانة خطير ... في الأمس تم ادخال شاحنة تحمل اكياس من "الترابة الجاهزة" واليوم عند الخامسة والنصف فجراً شاحنة اخرى تحمل مئة طن من نفس نوع الأكياس، بحجج واهية كوضعها تحت خزانات المياه لرفعها عن الأرض! هل المطلوب تحويل مركز لإيواء في الدكوانة إلى تحصينات؟ وما الحاجة إلى مواد بناء فيها؟ المطلوب فوراً من الأجهزة الامنية وضع حد لكافة التجاوزات التي تحصل في مهنية الدكوانة وفي ثانوية الدكوانة ايضاً حيث حصل إطلاق نار منذ بضعة أيام!".
سريعاً وصلت الاعتراضات إلى مديرية التعليم المهني. استنفرت المديرية سريعاً، استفسرت من "المنظمة" عن سبب الاعتراضات. وصل الجواب أن الهدف من هذه الأكياس رفع الصهاريج عن مستوى الأرض، فهي من شأنها حمل أوزان وبكلفة قليلة. فأبلغت "المنظمة" أن هذه الأكياس قد تؤدي إلى حرب أهلية، وطلبت منها سحب تلك الأكياس وإيجاد حلول بديلة.
سوء النوايا
وتقول مصادر مديرية التعليم المهني لـ"المدن" إن الإدارة لم تحسب حساب سوء نوايا البعض. وتحسباً لأي مشاكل أهلية قد تعرض أمن النازحين للخطر، طلبت من المنظمة الدولية معالجة الموضوع سريعاً. اجتمع مهندسو "المنظمة" مع الإدارة، وقرروا بناء قواعد حديدية تحمل على أربعة أعمدة مكشوفة. واستقدموا حدادين كي يشيدوا تلك القواعد. وبعد الانتهاء من هذه الأعمال توضع صهاريج المياه عليها لتنساب المياه وتصبح في متناول النازحين.
وتضيف المصادر أن المديرية بادرت قبل أي جهة أخرى ووضعت كل مهنياتها الرسمية بتصرف لجنة الطوارئ الحكومية لإيواء النازحين. افتتحت المهنيات المجهزة بمعهد فندقي كي تخدم النازحين على أكمل وجه من خلال تقديم وجبات ساخنة. وتم إعداد مهنيات مجمعات بئر حسن والدكوانة وزغرتا وطرابلس لاستقبال النازحين ليكونوا في أمان وسلام وبكرامة. فهل يعقل أن تقدم على أي أمر قد يعرض سلامة النازحين للخطر؟
المنظمة الدولية توضح
البلبلة التي حصلت في لبنان حول هذه القضية دفعت المنظمة الدولية إلى إصدار بيان توضيحي قالت فيه: "يهمنا أن نوضح أن منظمة العمل ضد الجوع (ACF) كانت مؤخرًا في طور تركيب نقاط مياه طارئة في المجمع المهني في الدكوانة لتوفير مياه شرب نظيفة وآمنة للعائلات النازحة التي تعيش في الملاجئ. ويهمنا أن نلفت بأن تصميم البنية التحتية لهذه النقاط المائية يتطلب تركيب خزان ماء على سطح مرتفع ومستوٍ للسماح بتدفق المياه بفعل الجاذبية نحو الأنابيب. ويمكن أن تكون المنصة المرتفعة للخزان من التراب أو الخرسانة أو أكياس الرمل، لكن تم الاتفاق على استخدام أكياس الرمل كحل مؤقت وسهل الإزالة بدلاً من الخرسانة، وذلك تجنبًا لأي تصور بأن التركيب دائم. ويهدف هذا الحل إلى تلبية الاحتياجات العاجلة للمجتمع مع الالتزام بمتطلبات المرونة في بيئة الملاجئ.
وأضاف البيان: "هدفت ACF، ومن خلال إنشاء هذه النقاط المائية، إلى تقليل الاعتماد على زجاجات المياه والتأكد من توفر المياه النظيفة والآمنة للمقيمين في الملاجئ بسهولة. وقد تم وضع نقاط المياه الطارئة خارج المجمع الرئيسي للملاجئ نظرًا إلى ضيق المساحة، ولكن تم تحديد موقعها بعناية لضمان سهولة الوصول إليها من قبل المجتمع".
وأوضح البيان: "قبل المباشرة في عمليات التركيب، طلبت ACF موافقة وزارة التربية والتعليم العالي والنقاط البؤرية المحلية في الموقع. كما أجرت المنظمة مشاورات مع المجتمع المقيم في الملاجئ لضمان مراعاة كل وجهات النظر في عملية التخطيط وتنفيذ بنية تحتية أساسية للوصول إلى المياه. علمًا إننا نتفهم أن مظهر التركيب قد تسبب بإزعاج لبعض أعضاء المجتمع والسلطات، وقد أخذنا ذلك في الاعتبار فوراً وراجعنا نهجنا بالتنسيق مع السلطات المحلية.
وتؤكد ACF أن أكياس الرمل لم يكن لها أي غرض أو نية أخرى سوى تركيب نقاط مياه طارئة لتوفير مياه نظيفة وآمنة للعائلات النازحة بأكثر الطرق كفاءة".
وشددت المنظمة على "أن توفير المياه الآمنة للأشخاص النازحين في الملاجئ الجماعية يبقى أحد أولوياتها، ولا ينبغي أن تعيقه المعلومات المضللة والتقارير الكاذبة، وتؤكد التزامها الثابت بالمبادئ الإنسانية وبالعمل بشفافية مع السلطات المسؤولة والمجتمعات المحلية، مع إعطاء الأولوية للسلامة ورفاهية وكرامة جميع الأفراد".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها