غش في منصة التلقيح.. وغموض حول ماراتون فايزر السبت

سألني القريب عن هذا الإجراء ومدى نجاعته، بعدما سمع أن أشخاصاً كثراً تلقوا اللقاح عن طريق هذا الغش والاحتيال، مستخدمين أرقام هواتف مختلفة عن التسجيل الأول. فهو فاقد الثقة بالدولة ومؤسساتها، وبكل ما يقال عن تسريع حملة التلقيح، وما يلغو به السياسيون يومياً. وقرر المضي بهذا التزوير.

"التذاكي" اللبناني
أبلغته أن هذا الأمر مجرد غش وتزوير، ويؤدي إلى حرمان أشخاص من اللقاح هم أكثر حاجة منه إليه. وهذا ما كنت قد أبلغته لإحدى الزميلات قبل يوم من هذا الاتصال، أسوة بأكثر من شخص أتصل بي مستفسراً عن هذا "التذاكي" اللبناني في تخطي الأولويات التي وضعتها اللجنة الوطنية لتلقي اللقاح.

وكانت الزميلة قد أتصلت محتجة على هذا التلاعب الحاصل في حملة التلقيح، خصوصاً أن صديقة لها أقدمت على هذا الغش، ووصلتها رسالة حددت موعد تلقيحها، وتلقت اللقاح.

وكانت حوادث مماثلة قد حصلت أخيراً، كما تبين لي من اتصالات عدة تلقيتها في هذا الشأن. ففي معرض النقاشات التي تجريها اللجنة التنفيذية للقاحات مع التفتيش المركزي (القيّم على منصة التسجيل) حول إيجاد حلول للأشخاص الذين تخلفوا عن موعد تلقي لقاح أسترازينيكا، وكيفية إعادة إرسال رسائل جديدة لهم، طرح أحدهم حلاً لتخطي المشاكل التقنية لمنصة التسجيل، من خلال إعادة الشخص تسجيل بياناته من رقم هاتف جديد. فالمنصة غير معدة لإعادة توجيه رسائل بشكل آلي لهؤلاء الأشخاص. لكن ذلك كان مجرد رأي، لأن من شأنه خلق حسابات مزدوجة، وقد تستخدم للغش والتزوير.

حجة الأمراض المزمنة
ويبدو أن أحدهم سرب أمر هذا الخلل التقني في المنصة، ما أدى إلى مسارعة أشخاص كثيرين إلى تسجيل بيانتهم من رقم هاتف مختلف عن الرقم الذي استخدموه في تسجيل بياناتهم في المرة الأولى. وضمنوا بياناتهم معاناتهم أمراضاً مزمنة، متخطين أولويات الفئات العمرية، بعدما تقرر تلقيح كل الذين يزيد أعمارهم عن 40 عاماً ويعانون من أمراض مثل الضغط والسكري وغيرها.

وكنت قد تلقيت اتصالاً من سيدة تبلغ من العمر 63 عاماً، وتعاني فعلاً من أمراض مزمنة، ولم تصلها رسالة لتحديد موعدها. وحاولت مراراً الاتصال بالأرقام الساخنة لمعرفة ما إذا ما كان هناك خطأ ما يحول دون تلقيها رسالة. وبدوري حاولت مراراً معرفة السبب، لكن من دون جدوى. ففي وقت سابق حصلت أمور مماثلة مع عاملين في القطاع الصحي تلقى زملاؤهم اللقاح، فيما هم لم يتلقوا أي رسالة. وتبين أن هناك خللاً ما في المنصة، يحول دون إرسالها الرسائل. فتواصلوا مع الوزارة لتأكيد تسجيل بياناتهم، ووصلتهم الرسائل، لاحقاً كما أبلغت.

خلل في المنصة
هناك ضغوط كبيرة على المنصة. وهذا ربما يكون السبب في عدم وصول الرسائل لأشخاص كثر ضمن الأولية، كما تقول مصادر وزارة الصحة لـ"المدن". إذ من المفترض أن تكون السيدة التي اتصلت بي، وسواها ممن هم ضمن هذه فئتها العمرية، قد تلقوا رسائل لتحديد مواعيدهم. لكن ربما هناك خلل ما يحصل في المنصة يحول دون توجيه الرسائل.

وقد حصلت أمور مماثلة سابقاً. وهذا ما دفع وزارة الصحة إلى إجراء ماراثون فايزر الذي خصص للفئة العمرية التي تزيد عن ستين عاماً، لضمان وصول اللقاح لهم. فالماراتون يحل معضلة المشاكل التقنية في المنصة من ناحية، ويفتح المجال لغير المسجلين على المنصة لتلقي اللقاح وتسجيل بياناتهم أثناء حضورهم تلقي اللقاح. ويسمح كذلك لجميع كبار السن الذين لا يجدون استخدام المنصة بتلقي اللقاح. 

تضارب بين اللجان
وتكشف المصادر أن الماراتون سيجرى كل يوم سبت، بدءاً من يوم السبت المقبل في 5 حزيران. وسيبدأ بالفئة العمرية التي تزيد عن ستين عاماً (أو 62 عاماً. لم يحسم الأمر بعد)، ثم ينزل تدريجياً لباقي الفئات، مع وصول المزيد من اللقاحات لاحقاً. ولم يحسم ما إذا كان الماراتون سيجري هذا السبت في كل المراكز. ومن المرجح تخصيص بعض المراكز، سيعلن عنها في اليومين المقبلين.  

لكن خلافاً لهذه المعلومات، يبدو أن ثمة تضارباً بين اللجان الكثيرة في وزارة الصحة حول حملة التلقيح وكيفية إجراء الماراثون. وأكدت مصادر مطلعة لـ"المدن" أنه من الصعب إجراء ماراثون فايزر لجميع الفئات العمرية ما فوق الستين في الوقت الحالي. وثمة مشاكل تقنية عدة قد تحول دون إجرائه السبت المقبل. وحتى لو سارت الوزارة به سيكون المواطن ملزماً بالحصول على قسيمة حجز أونلاين قبل ذهابه إلى مركز التلقيح.

وأضافت المصادر أن هناك أفكاراً تطرح لجعل الماراثون أقرب إلى "الووك أن" (تلقي اللقاح من دون موعد مسبق)، أي تحديد مواليد سنة معينه يمكنهم تلقي اللقاح، وليس ماراثوناً مفتوحاً لكل الأعمار التي تزيد عن الستين. فحالياً بدأوا باستقبال مواليد العام 1958 وما دون لتلقي اللقاح من خلال الووك إن، وسينزلون بالأعمار تباعاً كل أسبوع.  

مسؤولية التفتيش
هذه الحلول الموقتة لمشكلة عدم الوصول إلى الفئات العمرية المستهدفة ومشكلة الغش في البيانات، لا تلغي مشكلة ازدواجية البيانات التي تحصل حالياً. فقد فتح الباب "للذكاء اللبناني"، في ظل ضعف الذكاء الاصطناعي للمنصة.

وهنا تكشف مصادر مطلعة أن مسؤولية التفتيش المركزي، الذي يدير المنصة، هي العمل على إصلاح الخلل فيها، وتزويدها ببرمجيات جديدة، وإعادة مراجعة بيانات المسجلين لإلغاء كل الحسابات التي تسجلت من أرقام هاتف مغايرة. وخلافاً لذلك، ستصل لقاحات كثيرة لغير المستحقين في الفترة الحالية، وحرمان فئات عمرية معرضة أكثر لمخاطر الإصابة بكورونا.