بعد أكثر من ثلاث أسابيع على احتجاز الموقوفين في قضية حرق وتخريب استراحة صور السياحية، والكثير من المماطلات في بت الملف، حدث تطور إيجابي تمثّل بالإفراج عن ثمانية موقوفين، بكفالة مالية قدرها 500 ألف ليرة وسند إقامة. فيما ينتظر الموقوفون العشرة الباقين اللحاق بمن سبقهم.
كفالة باهظة
قضية استراحة صور السياحية لم تنته بعد. وإخلاءات السبيل هي المرحلة الأولى ضمن مسار قانوني طويل، إلا في حال قامت الجهة المدعية بإسقاط الدعوى. إخلاءات السبيل تمّت بعد مماطلات عدة في الملف، لأسباب معلومة ومجهولة. وقد كان من الممكن اليوم عدم الإفراج عن الموقوفين المخلى سبيلهم، بسبب رفض المدعي العام رهيف رمضان. إلا أن قاضي التحقيق مارسيل حداد وقّع إخلاء السبيل بعد سوق الموقوفين الثمانية من مخفر صور إلى صيدا.
وحسب بيان لجنة المحامين المدافعين عن المتظاهرين، قرر يوم الثلاثاء قاضي التحقيق الأول في الجنوب القاضي مرسال الحداد إخلاء سبيل ثمانية من الموقوفين في قضية استراحة صور بكفالة 500 الف ل.ل. بعد عدم اعتراض الشركة المالكة للاستراحة. وقرر رفض إخلاء سبيل الباقين. من ضمنهم قاصران اثنان. وعليه، تقدم المحامون بطلبات اخلاء سبيل جديدة للموقوفين الآخرين.
وذكر البيان أن " القاضي حداد استجوب 11 موقوفًا الثلاثاء بحضور المحامين المتطوعين جاد طعمة وحسن بزي وهلا حمزة وفاروق المغربي وملاك حمية وهاني الأحمدية وغيدة فرنجية وباسل عباس وهبة فرحات ولمى الأمين وعبد البديع عاكوم، علمًا أنه كان قد استجوب ثمانية موقوفين في الجلسة السابقة بتاريخ 14 تشرين الثاني.
المستغرب هو حجم الكفالة المالية التي تم تحديدها لإخلاء السبيل. وقد اعتبرها المحامون مبلغًا عاليًا، يفوق قدرة الأهالي على تسديده. وهو ما جعل المحامين يقومون بالتبرع لتسديد مبلغ الـ4 مليون ليرة.
وحده الشاب إبن الثمانية عشر عاماً هادي عطية خرج من دون كفالة مالية، بعد إسقاط الدعوى الموجهة ضده من رندة بري بجرم القدح والذم. فقضية هادي تختلف عن الموقوفين الآخرين. إذ أن اعتقاله جاء بعد انتشار فيديو يظهر فيه عطية يشتم رندة بري. وحسب أحد المقرّبين من عطية، فإن توقيف هادي جاء بالاسم من السيدة برّي بعد مشاهدتها الفيديو. وذكر المصدر، أن سلسلة اتصالات جرت بين ذوي الشاب هادي عطية والمحامي علي رحال من أجل التوصل إلى اسقاط الدعوى بحقه. ومع سقوط الحق الشخصي يسقط الحق العام، حسب المحامي علي عباس، أحد محامي الحراك.
ظروف الاعتقال
من أصل 150 شخصًا تم استدعاؤهم للتحقيق معهم، تم توقيف 51 مطلوبًا. الجزء الأكبر منهم تم تركهم بإشارة من النيابة العامة التمييزية، أما الثمانية عشر موقوفًا فقد جرى حبسهم لأكثر من 25 يومًا. الخطوة الثانية بعد إخلاءات السبيل، هو انتظار القرار الظني بحق المتهمين، وفيه يحدّد إذا ما كانوا متهمين بالجريمة، ويتم تحويلهم إلى محكمة الجنايات أو منع محاكمتهم وصدور قرار براءتهم.
منذ لحظة تنفيذ الاعتقالات في قضية حرق الاستراحة خلال الأيام الأولى لاندلاع الانتفاضة، أجمع أهل منطقة صور على عشوائية واضحة في استدعاء الأسماء. أشخاص تم القاء القبض عليهم من منازلهم بطريقة بوليسية، وآخرون تم استدعاءهم وتسليم أنفسهم طوعًا لمخفر صور. ويُجمع الموقوفون المتروكون أنهم بريئون من التهمة التي نٌسبت إليهم، ولا دليل يُثبت إدانتهم. أما الموقوفون الثمانية عشر فيُعانون الأمر نفسه، فقد مضى على توقيفهم أسابيع من دون وجود دليل يُدينهم. إلا أن إجراءات توقيفهم استمرت. أحد سكان بلدة معركة، وهو موقوف سابق يقول في حديث لـ "المدن" أن "اسمه جاء نتيجة إخبارية تقدّم بها مخبرون محليون، وقوى الأمن تأكدت من براءتي، علمًا أنها تعلم جيدًا من هم الأشخاص المتورطون في قضية حرق استراحة صور. لكن وساطات وشخصيات نافذة قامت بالتغطية عليهم".
في المخفر، حيث يُسجن الموقوفون قيد التحقيق، عاشوا في غرفة صغيرة تسع لـ 8 أشخاص كحد أقصى، حيث وُضع فيها أكثر من 20 سجينًا من دون وجود متنفس. وحسب أحد المفرج عنهم، لم يكن بإمكان السجناء النوم، وكانوا يتناوبون على النوم في الحمام.
إذًا، ينتظر عشرة أشخاص، بينهم قاصرون، يوم الخميس المقبل للحصول على إخلاءات السبيل إسوةً بالآخرين المفرج عنهم. هذا الأمر أزعج عبد العزيز مسلماني من بلدة الشعيتية قضاء صور، والد أحد الموقوفين. وهو أكّد في حديث لـ "المدن" براءة ابنه من الجرم المنسوب إليه، وأن "جرمه الوحيد هو المشاركة في التظاهرات"، متسائلاً: "لماذا يتم إخلاء سبيل البعض فيما يُبقى على الأخرين قيد الاحتجاز؟".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها