الخميس 2024/07/11

آخر تحديث: 10:50 (بيروت)

سقوط المبادرات: انتخاب الرئيس لا يجري في "قصر وستمنستر"

الخميس 2024/07/11
سقوط المبادرات: انتخاب الرئيس لا يجري في "قصر وستمنستر"
سيتوالى سقوط المبادرات غداة إعلانها، بانتظار "ظروف أفضل" (علي فواز)
increase حجم الخط decrease
تتراكم الاستعصاءات الوطنية مبررّة السؤال عمّا بقي من مفهوم الوطن ومقوماته. استعصاء على إجراء أي انتخابات، من رئاسة الجمهورية إلى البلدية؛ استعصاء التلاقي والحوار، تحت كل المسميّات؛ استعصاء التفاهم حول آليات الحكم وتفسير الدستور والقوانين؛ استعصاء في إنجاح أي من السياسات الاقتصادية والنقدية والتربوية، وقد يكون الأصعب الاستعصاء على تغيير أو تجديد كل القيّمين على تلك السياسات، وفي مقدمهم، الطبقة السياسية.

وفي سياق كل هذه الاستعصاءات، جاءت "مبادرة المعارضة" ولقاؤها سفراء "الدول الخمس". يعرف "المبادرون" أن زمن الحل لم ينضج بعد، كما يعرف ذلك السفراء. سبقهم إلى المبادرات، المتوقعة النتائج سلفاً، تكتل الاعتدال والحزب التقدمي الإشتراكي والتيار الوطني الحر. المشترك في كل تلك المبادرات غض الطرف عن "فيل" السلاح الناشط في الغرفة، والتعاطي مع انتخاب رئيس الجمهورية وكأنه يجري في "قصر وستمنستر".

سقوط عهد وشروط آخر
يحاول الجميع الإيحاء بامكانية فصل انتخاب الرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية عن الحرب في غزّة والجنوب. وهو فصل يعرف المروّجون له استحالة حصوله من دون "تدخل" خارجي حاسم، لا يبدو متوافراً إلى اليوم.

وإلى أن تحين تلك الساعة، تضيق الغرفة على "الفيل" ويكاد يقضي على كل فسيفسائها؛ ومع ذلك لا يرى حزب الله ضرورة في استعجال انتخاب رئيس؛ فعلى المحك الكثير من الحسابات الراهنة والمستقبلية وتوازنات القوة والتحكّم.

لن يجد الحزب رئيساً بقوة تمثيل ميشال عون لحظة انتخابه، ولا بحجم الإجماع المسيحي والوطني حوله. كان، في كتابه، "الرئيس القوي" بكل المعايير، وكان هو في تحالف "إلهي" معه، بـ"شفاعة" وضمانة مار مخايل. ومع ذلك، انتهى العهد بوضع لبنان على سكة جهنم، ولم ينجح الحزب في تجنب سلوكها.

بالتالي، لا تشكّل رئاسة الجمهورية أولوية اليوم عند حزب الله، إلاّ إذا عُقد لواؤها لسليمان فرنجية، بضمانات غربية وعربية، وبتعهد واضح بإنجاح "عهده"، الضامن للمقاومة ورافع رايتها.

الجمهورية المخطوفة
ومع ذلك، تدافع المعارضة عن خطوتها وترى وجوب مواصلة التفكير بخطوات ومبادرات. حجتها أنه "لا بدّ من حراك ما، علّه يثمر إذا تقاطعت الظروف"، على ما يقول أحد النواب الذين شاركوا في لقاء المعارضة الأخير. مؤكداً "إننا ندرك أن رئاسة الجمهورية، كما الجمهورية، مخطوفة، وإن توازنات القوى اليوم ترجّح كفّة الفريق المسلّح القادر على التعطيل، سواء بسلاحه أو بإحكام قبضته على مؤسسات الدولة، ومجلس النواب في طليعتها. لكننا سنواصل طرح الأفكار والإصرار على قناعاتنا والتمسك برؤيتنا للبنان، لأن البديل هو الاستسلام لمشروع يُنهي فكرة لبنان ويكرّس انحيازه بالكامل، لا بل اختطافه، إلى محور الحروب الدائمة والدمار المتواصل. لذا، المطلوب مواصلة المحاولة في انتظار أن تنضج الظروف ويتعقلن المغامرون".

لكن آجال الظروف غير محددة، وفي كلّ مرة تضرب لها مواعيد جديدة، من انتهاء الحرب على غزّة إلى الانتخابات الأميركية، وليس انتهاء بمفاوضات ما مأمولة.

أما "العقلنة"، فليست من الصفات التي يشتهر بها اللبنانيون أو يجمعون على دلالاتها؛ لا بل يجتهد كل فريق في ترجمتها، تماماً كاجتهادهم في تعريف مفاهيم كثيرة من "الإسناد" و"الانتصار" وصولاً إلى معنى لبنان ودوره وحقوق أبنائه في عيش بسيط كريم.

وبالانتظار، سيتوالى سقوط المبادرات غداة إعلانها، بانتظار "ظروف أفضل".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها