الثلاثاء 2024/10/15

آخر تحديث: 14:09 (بيروت)

القمة الروحية في بكركي: احتضان "الإبن الضال"

الثلاثاء 2024/10/15
القمة الروحية في بكركي: احتضان "الإبن الضال"
تستضيف بكركي القمة الروحية مصرّة على التحدي الذي يزداد صعوبة بالتمسك بالوحدة الوطنية (Getty)
increase حجم الخط decrease
تأتي القمة الروحية في بكركي غداً الأربعاء، لتكرّس صورة كلاسيكية معهودة في المشهد اللبناني.

عند الأزمات الوطنية الكبرى يلتقي رؤساء الطوائف الاسلامية والمسيحية، ليخرجوا ببيان "يترفع" عن خلافاتهم الجوهرية، ويذهب إلى ما يجمعهم.

الجنوب والرئيس
لن يبحث المجتمعون في "الحياد الإيجابي" الذي ينادي به البطريرك بشارة الراعي منذ سنوات. لن يتطرقوا إلى موقفه من الحرب الدائرة ومن مسؤولية حزب الله وتفرده بقرار الانخراط فيها. سيخرجون ببيان يطالب بتطبيق الـ1701. لن يسألوا البطريرك، ولن يكرر أمامهم ما قاله في شهر حزيران الماضي. يومها من على منبر كنيسته في بكركي، قال في معرض مطالبته بانتخاب رئيس إنه "رئيس يفاوض بملء الصلاحيّات الدستوريّة، ويطالب مجلس الأمن تطبيق قراراته لا سيما القرار 1559 المختصّ بنزع السلاح، والقرار 1680 الخاص بترسيم الحدود مع سوريا، والقرار 1701 الذي يعني تحييد الجنوب. وبعد ذلك يُعنى هذا الرئيس بألّا يعود لبنان منطلقًا لأعمال إرهابيّة تزعزع أمن المنطقة واستقرارها، وبالتالي بدخول لبنان نظام الحياد، وتحويله من واقع سياسيّ وأمنيّ إلى واقع دستوريّ يعطيه صفة الثبات والديمومة من خلال رعاية دوليّة".

يمكن الجزم أن البطريرك لم يغيّر قناعاته، لا بل زادتها الحرب رسوخاً، وهو ما ينقله عنه أكثر من شخصية ووفد زاروه.

وعلى الأرجح لم يغيّر لا الشيخ علي الخطيب ولا المفتي أحمد قبلان رأيهما من مواقف بكركي. لكنها "الظروف" والحسابات تحكم هذه الصورة الجامعة.

أم الصبي والإبن الضال
يقصد الأئمة والمشايخ بكركي، وكثر من أبنائهم موزعون على "بيئة" الكنيسة، التي مهما بلغ حجم انتقادها وشكواها من سلوكيات الأحزاب اللبنانية، وتحديداً حزب الله و"الممانعة"، تُغلّب، في الأزمات، حسّها الإنساني والإيماني. وفي موقف بكركي ما هو أعمق من ذلك ويقيم في لاوعيها الجماعي ككنيسة وطائفة؛ فهي تعتبر نفسها "أم الصبي"، حتى لو كان "ابناً ضالاً"، لا بل خصوصاً حين يكون كذلك. ولذا، هي "مسؤولة" عن رعايته واحتضانه، حتى وهو يصرّ على أذية نفسه وأحياناً أذيتها.

وبكركي غداً، حين تستضيف القمة الروحية تريد التأكيد على كل ذلك، والتمسك بثوابتها وأهمها هوية لبنان الجامعة، والتحدي الذي يزداد صعوبة بالتمسك بالشراكة والوحدة الوطنية، وهي تسمع تبرم كثيرين من أبنائها بعبء هذه الشراكة والوحدة.

إلى الفاتيكان
ولن يحتاج المفتي قبلان بعد القمة إلى توجيه رسالة إلى الفاتيكان، كما فعل حين وجه رسالة إلى أمين سرها بيترو بارولين، يبرر فيها مقاطعته لقائه شاكياً الراعي من دون أن يسميه، كاتباً: "بعض الرؤساء الروحيين في بلدي يرون ما تقوم به طائفة الفداء الأكبر وجماعة مقاوميها إرهاباً ممقوتاً لا بد من ردعه ومنعه، ولا يفتأ هذا الصوت يطالب بتطبيق قرارات دولية، عملياً تلزم لبنان دون إسرائيل بقرارات أممية مطبوخة بسمّ الظروف...".

فبعد القمة الروحية، سيتوجه البطريرك الراعي، شخصياً، إلى الفاتيكان للمشاركة في إعلان تطويب "الإخوة المسابكيين" في 20 تشرين الأول. وسينقل للبابا هموم لبنان ومعاناة كل أبنائه. وسيذكّره بأن في الجنوب قرى مسيحية سيكون صمود أهلها عنوان الحفاظ، ليس فقط على جزء من هوية لبنان والشرق المسيحية، إنما على الهوية اللبنانية ولبنان، الذي يحرص الفاتيكان على "رسالته" الممتدة على 10452 كلم مربع.

الشرق المثقل بالدماء
وحين تُرفع الصلاة لتطويب "الإخوة المسابكيين" عبد المعطي، فرانسيس وروفائيل، وهم إخوة موارنة دمشقيّون قُتلوا أثناء صلاتهم في كنيسة الفرانسيسكان بدمشق خلال مجازر عام 1860، ستكون مناسبة للصلاة لطي صفحات المجازر في هذا الشرق المثقل بالدماء.

لكن ليس بالصلاة وحدها يمكن تجاوز تاريخ وحاضر دموي، تماماً كما لا يمكن تجاوزه بقمم روحية "شكلية" لا تناقش في عمق الخلافات والاختلافات.

ومع ذلك ستخرج القمة غداً بـ"عموميات" يتوافق عليها الجميع. وحسب مصادر كنسية مطلعة، فإن البيان الختامي سيدعو إلى "وقف اطلاق النار، انتخاب رئيس للجمهورية، دعم مؤسسات الدولة وانتظام عملها، ودعوة إلى العالم للمساعدة في وقف الاعتداءات على لبنان، إضافة إلى وجوب الحرص على إعادة توثيق العلاقات مع العالم العربي".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها