الإثنين 2024/10/07

آخر تحديث: 23:06 (بيروت)

عزمي بشارة: إسرائيل خطّطت لحرب لبنان مسبقاً.. ومهاجمة إيران

الإثنين 2024/10/07
عزمي بشارة: إسرائيل خطّطت لحرب لبنان مسبقاً.. ومهاجمة إيران
يعتبر بشارة أن 7 أوكتوبر هو يوم مفصلي في تاريخ الصراع بالمنطقة (سوشيال ميديا)
increase حجم الخط decrease
عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 تشكل علامة فارقة على مستوى الصراع والتوازنات والاتجاهات في منطقة الشرق الأوسط. فما قبل هذا اليوم ليس كما بعده، وفق ما يرى المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة رئيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. واعتبر بشارة في مقابلة مع "التلفزيون العربي" أن تداعيات هذا اليوم جعلت منه يوماً مفصلياً. فالحرب على غزة هي حدث مفصلي بمقاييس عالمية، لأن تأثيراته على كل دول المنطقة، ولأن الحرب تهدف إلى تغيير الوضع على مستوى المنطقة، فيما تحاول إسرائيل أن تحقق انتصاراً على أكثر من ساحة. مشدداً على وجوب التعاضد والتكاتف بين دول المنطقة لمواجهة هذا العدوان الإسرائيلي على المنطقة ككل. 
العدوان الإسرائيلي لم يتوقف عند حدود قطاع غزة، ولا عن حدود فلسطين. يعتبر بشارة أن هناك إجماعاً إسرائيلياً على تطوير الحرب على لبنان بخلاف الوضع في غزة، ولا يمكن الحديث عن نتنياهو أو حكومته بل عن المعارضة وكل القوى، وكان الخلاف حول إمكانية القيام بحرب عسكرية مبكرة. وكان المخطط الإسرائيلي بضرب لبنان قبل شنّ الحرب على غزة، وهناك خطة كانت موجودة مسبقاً. ورأى بشارة أن تهجير سكان المستوطنات الشمالية أو إخلائها لم يكن بسبب قصف حزب الله، بل تم إخلاؤهم وقائياً لكي لا تتعرض لما حصل لبلدات غلاف غزة، وحرب الإسناد التي أطلقها حزب الله كان تستهدف بعض أجهزة التجسس والمواقع العسكرية. وبالتالي الحرب كانت متوقعة، في المقابل فإن حزب الله ومن خلفه إيران ولكن على الجبهة اللبنانية فإن حزب الله هو صاحب القرار وهو لم يكن يريد الحرب وقد أعلن ذلك أكثر من مرة وفقط أراد إسناد غزة. وكل مطالب حزب الله والسيد نصر الله كانت تشير إلى ضرورة وقف الحرب على غزة. 

الحرب على لبنان مخططة مسبقاً
بالنسبة إلى ما يحصل في لبنان يعتبره بشارة حرباً عدوانية عن سابق إصرار وترصّد، ومنفصلة عن سياق الحرب على غزّة. وكل ما يقوم به الإسرائيليون في لبنان الآن احتاج لتحضير على مدى سنوات، ويسعى فيه الإسرائيليون لاستعادة صورة الردع التي انهارت وأذلت في عملية 7 أوكتوبر. وفي لبنان استعاد الإسرائيليون هيبتهم بكل الهجمات من البايجرز إلى الاغتيالات وهم يريدون القول إن مخابراتهم فعالة في لبنان وإيران. يشير بشارة إلى أن حزب الله اقترف خطأ عمره بالدخول إلى سوريا والتورط بحرب مذهبية، فدخل سوريا كحركة طائفية عابرة للحدود وهي تستخدمها إيران في استراتيجيتها الإقليمية مع الأسف الشديد ، ودخل الحزب في صراع ضد حراك شعبي تحول لاحقاً إلى حراك طائفي،. هذا الدخول كشف الحزب للمخابرات الإسرائيلية ولكل مخابرات العالم. وعمل الإسرائيليون على جمع الكثير من المعلومات عن الحزب، واستطاع الإسرائيليون تفريغ فرق وإرسالها إلى "الشمال" بينما يستشعر نتنياهو أنه أصبح مطلق اليدين، وهو لا يتأثر بكل ما قيل ضده ولا يعير اهتماماً لذلك بينما يظهر أنه مدعوم أميركياً، بينما إدارة بايدن قليلة التأثير عليه وهو فرض الإيقاع وهي التي تبعته، ووجد الوقت المناسب لتنفيذ عملياته ومخططاته. ويستخدم استراتيجية تنفيذ العمليات المتتالية والتي على ما يبدو أنه ستكون طويلة، وبعدها انتقل إلى العملية البرية. وحالياً لا بد من انتظار مسار العملية البرية وقدرة المقاومة على صدّ الهجوم وإفشاله".
 
لا ينفي بشارة أن جزءاً كبيراً من ترسانة الصواريخ لدى حزب الله قد ضربت، وعندما أدرك حزب الله أن إسرائيل تصمم على الحرب كان قد فات الأوان خصوصاً أن إسرائيل بدت مصممة على عمليات الاغتيال لتصفية الحزب، وحزب الله كما حماس يخوض حرباً وجودية. أما في الوضع السياسي فيعتبر بشارة أن بعض الطروحات أو الاقتراحات الفرنسية أو غيرها من الدول المتعلقة بمحاولة فرض رئيس لاستغلال الضعف الناجم عن الحرب الإسرائيلية ولكنه لا يمكن أن يؤدي إلى نتيجة وقد يؤثر على الوحدة الوطنية، ويجب توقف الحرب ومعاناة الناس قبل البحث السياسي. خصوصاً أن حزب الله يريد تجنّب الحرب ويعلم أن بيئته لا تريد الحرب، هو فقط أراد إسناد غزة. وكما يتوجب على الدول العربية الدخول في حوار مع حماس ومع إيران لحماية المنطقة، فعلى القوى السياسية اللبنانية أن تدخل في حوار مع حزب الله لمعالجة المشاكل بدلاً من التحول إلى أعداء وانتظار نتائج الحرب الإسرائيلية. 
ويرى بشارة أن الهجوم الإسرائيلي على حزب الله يهدف إلى منعه من توجيهه ضربات عسكرية قوية لها في حال شنّت إسرائيل حرباً على إيران. معتبراً أن هناك خلافات في القيادة الإيرانية حول مقاربة الموضوع بين من يعتبر أن هذه الحرب بدأت ويجب خوضها بقوة، وبين من يريد الانفتاح على الغرب ومغادرة هذا المسار كله. 

يوم مفصلي
يقول بشارة إن يوم 7 أوكتوبر يشكل علامة فارقة، ما قبله ليس كما بعده، وتداعيات هذا اليوم جعلت منه يوماً مفصلياً. الحرب على غزة هي حدث مفصلي بمقاييس عالمية، لأن إسرائيل غيّرت معايير السلوك في الحروب، مثل تدمير حيّ كامل لاغتيال مقاوم، وهذه من السوابق التي تسجل في هذه الحرب، والتي ستكون مستمرة، وقد أصبح واضحاً أن حال الفلسطينيين وحال الإقليم ليس كما كان، لناحية حجم التداعيات وإلى أين يذهب التفكير الإسرائيلي، إذ أن نتنياهو ومن معه من الطغمة المتطرفة انتقلوا من مرحلة إلى أخرى بسبب العجز العربي والحالة الدولية وهو توسيع الأهداف، فانتقلوا من أهداف عدم تكرار هذه العملية وتجريد السلاح من حركة حماس، وبعدها منع السلطة الفلسطينية، وصولاً إلى توسيع الاستيطان وضم الضفة الغربية، وضرب وتقليص نفوذ السلطة الفلسطينية، والآن الانتقال إلى لبنان وربما لاحقاً الانتقال إلى إيران. وهم وجدوا أنه لا يوجد موانع دولية. 
قبل حوالى 3 أشهر، بدأ الإسرائيليون يشعرون بأن الأمور وصلت منتهاها، وإن لم ينجزوا أهدافهم كاملة بغزة، ولكنهم نقلوا التركيز إلى لبنان والضفة الغربية حيث تم ضرب فصائل المقاومة واقتحام المخيمات. واعتبر بشارة أن هناك تغييراً جوهرياً في السلوك الإسرائيلي لناحية توسيع الحرب، إذ هناك شعور لدى نتنياهو بعد خطابه في الكونغرس أنه مطلق اليدين ويستطيع تنفيذ ما أرادت إسرائيل تنفيذه في السابق. كما هو المخطط بالنسبة إلى الضفة الغربية وضمّها والحديث عن إبقاء العرب بدون إعطائهم حقوقهم. الوضع في الضفة الغربية يتجه إلى توسيع الاستيطان. هناك مشروع إسرائيلي حقيقي يستند على اتفاقيات السلام مع بعض الدول العربية لأجل إنهاء القضية الفلسطينية، والإدارة الأميركية الحالية لم تقم بشيء يختلف عن ما قام به ترامب، وهو نقل عملية السلام إلى الدول العربية وإنهاء قضية فلسطين ولم يتخلّف عنه بايدن. ورأى بشارة أن نتنياهو تعاطى مع هذه العملية بأنها حرب وجودية بالنسبة إليه وإلى إسرائيل.
 
المشكلة مع الغرب
يعتبر بشارة أن هناك مشكلة دائمة مع الغرب، تتركز على عدم القدرة على مواجهة النفاق الغربي لأنه ثقافة عميقة، وهنا "لا بد من أن نقلب الأمور في نظرتنا إلى المستعمِر. أي أن يقوم الطرف الذي يقوم بالاستعمار بكل الجرائم والحصار والتدمير، وبعدها يتفاجأ من ردّة فعل المُستَعمَر. والغرب أراد لأهل غزة أن يكونوا أناساً يأكلون ويشربون فقط، بلا أي حرية أو حقوق أو حياة. بينما الغرب لا يتعاطى مع مقاومة الاحتلال كحق وواجب. ولكن هل كان يجب أن يحتسب الناس الذين خططوا للعملية التي تحتاج إلى سنة وأكثر ولا يمكن التحضير لها بشهر أو شهرين، ربما كان السؤال يتركز على اقتحام القواعد العسكرية، بينما كان يمكن التحكم بعدم الدخول إلى الأماكن المدنية، والتي استخدمها الغرب لقلب القضية ضد حركة حماس أو الشعب الفلسطيني، ولكن بعض الأمور لم يكن من الممكن التحكم بها. بينما إسرائيل مارست كل أشكال الإرهاب والإجرام وأرادت أن يدفع المدنيون الثمن كنوع من عقاب جماعي، وهي قامت بكل شيء لمحو صورة المذلّة التي تعرضت لها في تلك العملية".  
ويقول بشارة إن "حجم الجرائم الذي تقوم به إسرائيل لا يمكن توقعه ولو كان بالإمكان توقعه لكان بالإمكان تبريره. ولذلك هو مرفوض ومستهجن بكل المقاييس. في المقابل عملية طوفان الأقصى في 7 أوكتوبر حققت أمرين أساسيين، الأول هو عملية هجومية، والثاني هو إعلان الحرب على إسرائيل ويتضمن طلباً من العرب إعلان الحرب عليها. بينما حركة المقاومة طابع عملها العسكري هو طابع مقاوم وليس طابع إعلان الحرب، وبالتالي طريقة الإعلان توحي بأن دولة دخلت في حرب مع دولة، ووفق هذا المنطق لا يمكن أن يتحقق الربح في هذه الحرب، بل استراتيجية العمل بشكل أفضل تتركز على العمل المقاوم، والتمسك بطابع المقاومة. وكانت طبيعة العملية تتحدث عن حرب شاملة، إنما كان من الأفضلى أن تبقى عملية مقاومة". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها