الأربعاء 2022/03/23

آخر تحديث: 16:34 (بيروت)

متى تعود السعودية إلى لبنان وكيف؟

الأربعاء 2022/03/23
متى تعود السعودية إلى لبنان وكيف؟
السعودية وفرنسا تعرفان أنّ صاحب القرار الفصل في لبنان هو حزب الله دون سواه (Getty)
increase حجم الخط decrease

عندما زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرياض في كانون الأول/ديسمبر الماضي، والتقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تم التطرق إلى موضوع لبنان من ضمن موضوعات عديدة تقدّمت الملف اللبناني. ونزولًا عن رغبة الرئيس الفرنسي، التقط الأمير محمد هاتف ماكرون لتحية رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي. 

وفي أعقاب هذه الخطوة، علّق العديد من الأطراف السياسية آمالاً عريضة على عودة الدفء والنفط والمال السعودي إلى لبنان، عبر آلية مشتركة اتفق عليها الفرنسيون والسعوديون. إلاّ أنّ أشهراً ثلاثة مضت قبل أن يصدر بيان سعودي بعد زيارة وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان إلى فرنسا، حيث التقى نظيره جان إيف لودريان في الكي دورسيه في 28 شباط/فبراير الماضي. وتحدّث هذا البيان عن تخصيص مبلغ 37 مليون دولار لدعم لبنان لمواجهة الأزمات المعيشية والتعليمية والصحية، مع التشدد والتشديد على عدم سلوكها مسار مؤسسات الدولة اللبنانية لتبلغ المستفيدين منها. 

أكثر من خلية أزمة وquick win
ونتيجة لتلك الزيارة، تشكّلت خلية، ظنّها الفرنسي أولًا خلية مساعدات فحسب، غير أنّ تشكيلة الوفد السعودي فرض على الفرنسي تعديل وفده لما استنتجه الأخير من رغبة في التطرق إلى الملفات السياسية، عبر ممثلين عن الديوان الملكي والخارجية ومؤسسة الملك سلمان الخيرية وكذلك المخابرات العامة السعودية. وعقدت الخلية الفرنسية السعودية لقاءات عبر تقنية زوم قبل أن يزور أعضاؤها فرنسا التي لا زالت ترى في ملف لبنان أهمية شديدة لسببيْن: 

أولاً، يعتبر الفرنسيون أنّ تحقيق النجاح في ملف لبنان سهل quick win، وبمتناول اليد بالنسبة إلى ماكرون العائد إلى الإليزيه على حصان أبيض، حسب الاستطلاعات حول الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى دورتها الأولى في العاشر من نيسان المقبل. أمّا الثاني، فهو أنّ لبنان موطئ قدم يفتح أبوابًا إلى سوريا والعراق وإيران، كما يستطيع الفرنسيون من خلاله بناء جسور بين الخليج وإيران.

يتابع الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل الشاردة والواردة، وقد ألحّ على السعوديين في طلب تطبيق ما اتفق عليه في قمة الرياض في تشرين الثاني/نوفمبر2021. ومن جهتها، تولّت السفيرة الفرنسية في بيروت، آن غريو، عبر اتصالاتها واتصالات طاقمها تدوير الزوايا حيث تم التقاط إشارات إيجابية من حزب الله تحديدًا حول أمريْن: 

الأوّل، هو عدم رغبة حزب الله بأن يحوز على أغلبية مطلقة في الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في 15 أيار/مايو، ولو أنّه قادر على ذلك. ويتمثّل الثاني في رغبته بعودة السعودية إلى لبنان بخلاف ما يروّج له وما يضخ في الإعلام الموالي له. وترتبط تلك الرغبة بتخفيف الضغط عن إيران والحزب نفسه، نتيجة الأزمة المعيشية الخانقة التي يعيشها كلّ من لبنان وسوريا. 

السعودية تتقدّم ببطء
يتقدم السعودي ببطء شديد صوب لبنان بسبب تراكم الملفات الدولية والإقليمية التي تتقدم الملف اللبناني، وبسبب تجارب المملكة المريرة مع الساسة اللبنانيين. وهو، أي السعودي يعرف أنّ صاحب القرار الفصل في لبنان هو حزب الله دون سواه، وأنّ الباقين، ولو توفرت لديهم الرغبة في قيادة البلد واتخاذ القرار فيه، فلا تتوفر لديهم القدرة على ذلك، بسبب فقدان موازين القوة الذاتية وفقدان الإسناد الإقليمي، مع تراجع مضطرد لحضور ونفوذ وهيبة الولايات المتحدة في المنطقة برمتها.

وجاء بيان رئيس الحكومة يوم الاثنين في 21 آذار/مارس، وتلاه الرد السعودي في اليوم التالي في 22 آذار/مارس بتحضير فرنسي على الجانبيْن، ليحيي آمال البعض بعودة مظفرة للخليج إلى لبنان ليس عبر عودة سفراء المملكة والإمارات والكويت فحسب، بل عبر عودة الحضور والمساعدات. وهو ما لا يمكن أن يحصل إلا وفق تبدّل لا لبس فيه في أمور عديدة. 

عودة الخليج إلى لبنان وسوريا 
كي يعود الخليج إلى لبنان وسوريا أيضاً، هناك مفتاح مركزي ومفاتيح هامشية. والمفتاح المركزي هو اليمن ثم اليمن ثم اليمن، ولو أنّ الخليجي يدرك أنّ قدرة حزب الله و حتى إيران على التأثير على الحوثي ليست تامة، لكنه يدرك أيضًا أنّ تأثير إيران والحزب شديد الفعالية أيضاً. 

كذلك، يُعدّ التمثيل السني من المفاتيح الأخرى، ليس في المجلس النيابي فحسب، بل في موقع رئاسة الحكومة وغيره من المواقع السنية الأخرى. ولا يخفى على أحد أنّ المملكة تريد أنّ تكون علاقتها مع شخص رئيس الجمهورية المقبل ودية وفاعلة. 

ومن نافل القول إنّ المملكة تريد من حزب الله أن يتوقف عن مهاجمتها وتسليط الإعلام الموالي له عن تناولها وتناول دول الخليج. ولعل بعضًا مما سبق، كان على جدول أعمال لقاء ولي عهد الإمارات محمد بن زايد مع الرئيس السوري بشار الأسد.  

ليست الأمور بسهولة ما يظن البعض، والانتخابات النيابية لم تعد أولوية في ظل تناسل الأزمات المالية والمصرفية والمعيشية. وفي ظل تدهور الوضع الغذائي والنفطي العالمي وما سيمس لبنان من تداعيات تلك الأزمات إلى ذلك الحين، يحصل التفاوض تحت هذا ضغط تلك ولا تبدو الحلول ناجزة. لنصبر ونرَ.  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها