باسيل وإعادة القراءة
بالنسبة إلى حزب الله فإن ما يجري، لا بد أن يدفع باسيل إلى جردة حساب واسعة لممارساته وتصرفاته. والتي تبدأ من تشكيل قناعة لديه بأنه غير قادر على الوصول إلى رئاسة الجمهورية، وبالتالي لا بد له ان يفسح المجال أمام غيره. حزب الله يقدّم ترشيح سليمان فرنجية على ما عداه في هذه المرحلة، ولذلك يريد أن يكون باسيل موافقاً وليس العنصر المعرقل. يعتبر الحزب أنه في معركة أساسية وهو بحاجة إلى حليف يثق به وقادر على الوصول، وهذا ما ينطبق على فرنجية القادر على تسجيل اختراقات في صفوف البيئات الأخرى. خلاصة هذا الكلام أن حزب الله وصل إلى وقت يقول فيه لباسيل بأنك لست وحدك على الساحة، وهذه نصيحة اختار الحزب توقيتها المتأخر على الرغم من مطالبات كثيرة سابقة له من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري وقوى أخرى.
قبول خارجي بفرنجية؟
الأهم بالنسبة إلى الحزب، هو أنه متيقن من توفر جو دولي مؤيد لفرنجية أو بالحد الأدنى غير ممانع، فهو مقتنع بأن فرنسا لا تريد الدخول في اختلاف رئاسي معه ومستعدة للموافقة على مرشحه، كما أنه تبلغ بإشارات حول عدم الممانعة الأميركية لذلك، فيما لا موافقة سعودية حتى الآن. ولكن موقف باسيل المعارض بقوة لفرنجية يعتبره الحزب جزءاً من تعطيل مقومات القوة لفرضه بموجب الديناميكية الداخلية، بينما لو أن باسيل يوافق على السير بفرنجية فإن المعركة تصبح أسهل، وحتى لو كان الحزب يريد الحصول على موافقة سعودية ضمنية من شأنها تسهيل مقومات التسوية وترخي ارتياحاً واستقراراً في لبنان. ذلك يصبح ممكناً وفق منطق أوراق القوة بحال وافق باسيل على دعم رئيس تيار المردة، أما بحال عدم توفر ظروف الموافقة السعودية أو الإنخراط المباشر في التسوية، فحينها سيصبح الوضع أسهل بإيصال فرنجية بحال توفرت ظروف إقليمية فرنسية أميركية تدفع باتجاهه، فتتكرر تجربة ميشال عون الذي انتخب بسبب عدم الإنخراط السعودي المباشر.
لن يتخلى عن باسيل
من بين رسائل حزب الله المباشرة إلى باسيل أيضاً، أنه لن يفتح المجال للتخلي عنه، لا بل يريده شريكاً في التسوية، على أن تبقى حصّته محفوظة ودوره مضمون، والحزب هو الذي يشكل الضمانة، ولكن عليه الإقتناع بأنه لا يمكن لفرنجية أن يلغي نفسه ودوره كرئيس لحساب باسيل. هذا أمر لا يمكن لأحد أن يرتضيه، وهنا يذكّر الحزب باسيل بالضمانة التي منحه إياها في الإنتخابات الرئاسية، هذه الضمانة التي وفرت له هذا العدد من النواب على حساب حلفاء آخرين للحزب، وهي التي جعلته يدّعي أنه صاحب أكبر كتلة نيابية ومسيحية، ولو لم يكن الحزب قد وفّر هذه الضمانة لما وصلت كتلة باسيل إلى هذا الحجم.
العلاقة بين باسيل- نصرالله
في الختام، ثمة رسالة أخرى تتعلق بالعلاقة الشخصية بين باسيل والحزب ولا سيما أمينه العام السيد حسن نصر الله، على قاعدة أن مجلس نصرالله لم يفتح في الأيام والليالي لساعات كما فتح لصالح باسيل، الذي خيضت معه نقاشات وحوارات كثيرة بغية إقناعه وطمأنته وآخر جلسة استمرت لأربع ساعات، لم يقتنع باسيل خلالها. بل على العكس، ذهب للتخريب عليها من خلال تسريباته ومواقفه، وهذا أمر ليس من السهل على حزب الله تجاوزه، فكان لا بد من تلك الرسالة القاسية التي على باسيل أن يسعى لمعالجتها بعيداً من الإعلام والسجالات ورفع السقف في المواقف التي تتناول الحزب.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها