مجلس الوزراء يسجل نقاطاً في السياسة وجدول أعمال مقتضب

نجح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في إنقاذ جلسة حكومته. وصلت الإتصالات التي استمرت طيلة ساعات الليل إلى النتيجة المرجوة، وذلك من خلال حضور وزير الصناعة جورج بوشيكيان باكراً إلى السراي وجلوسه في مكتب الأمين العام لمجلس الوزراء استعداداً لمشاركته في الجلسة، ما شكّل مفاجأة بالنسبة إلى التيار الوطني الحرّ، فراجع حزب الطاشناق الذي أعلن أن الخطوة لم تكن منسّقة وأن بوشيكيان شارك بصفته الشخصية.

دور حزب الله
على وقع تأمين النصاب كانت التساؤلات تدور حول حقيقة دور حزب الله وسعيه في إنجاح الجلسة خصوصاً أنه كان قد تقرر بين الحزب وحركة أمل المشاركة بالتكافل والتضامن ما فسّر بأنه رسالة قاسية لجبران باسيل الذي اعتبر أنه نجح في استخدام الثلث المعطل. وهنا أشارت مصادر قريبة من الحزب إلى أن البيان الذي صدر عن الوزراء التسعة بإعلان مقاطعة الجلسة لم يطلّع عليه كل الوزراء ولم يوافقوا ومن بينهم بوشيكيان الذي حضر.
مع توفر النصاب حضر وزير الشؤون الإجتماعية هكتور حجار إلى السراي معلناً أنه بحال تأمن النصاب سيدخل الجلسة ويطالب رئيس الحكومة بالتراجع عن الدعوة، وهذا ما حصل، خصوصاً أن حجار طلب رفع الجلسة إلى ما بعد الظهر والتشاور بين الوزراء حول أهمية المواضيع المطروحة ولإفساح المجال حول التفاهم، إلا أن ميقاتي رفض ذلك. 

بقي حجار في الجلسة إلى الدقائق الأخيرة قبل انتهائها، فغادر وأعلن من على منبر السراي: أن "المشكلة في مكان آخر وهذه الحكومة لم تنل الثقة، وكان علينا أن تنشاور لإدارة البلاد". وأشار حجار، الى "أنني طلبت من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التراجع خطوة إلى الوراء ولكن أصر على عقدها وأكمل الجلسة فسجلت موقفي وخرجت"، لافتاً الى "أنني اليوم لست قريباً من أي شخص، بل مقرباً فقط من الوطن"، مشدداً على توجيه البوصلة الى إدارة شؤون البلاد". وأكد "أننا لسنا بصدد الخوض بمعارك وهمية ولكن نريد أن نكمل حتى انتخاب رئيس بطريقة دستورية ولنترك ملف الرئاسة للنواب ومجلس النواب".

موت الناس وجرائم الامتناع
في بداية الجلسة أكّد ميقاتي أن "الجلسة القائمة اليوم استثنائية بكل معنى الكلمة والأكثر استثناء فيها هو الملف الطبي الذي كان شرارة عقدها، وهو المتعلق بحقوق مرضى السرطان وغسيل الكلى"، وأضاف: "لولا هذا الملف لما دعونا الى هذه الجلسة، لكن اذا كان البعض يتلطى وراء الدستور والعيش المشترك فنقول له انهما لا يتحققان بموت الناس، وبكل الاحوال لن يحصل ذلك عن يدنا".
وتابع: "نحن نعلم انه في قانون العقوبات، هناك بند يختصّ بجرائم الامتناع. واذا كنا سنجاري الداعين الى عدم عقد هذه الجلسة، فسنكون مشاركين في جريمة قتل بالامتناع، وهذا أمرٌ لن يحصل. اليوم وصلنا الى نقطة لم نعد قادرين فيها على الانفاق على مرضى السرطان وغسيل الكلى، فهل يريد البعض أن نرتكب جريمة جماعية بحقهم؟ اذا كان هذه هو المطلوب، فعندها لنمتنع عن تحمّل المسؤولية، وليتحمل كل طرف مسؤولية أعماله ونتائجها". وقال ميقاتي: "هذه الرسالة أوجهها لجميع اللبنانيين، ولكل المراجع الروحية والنيابية والسياسية والاجتماعية. فإذا كانوا يريدون للبلد أن ينهار نهائياً، فانا لست مسروراً بهذه المهمة التي أتلقى فيها مئات الطلبات وأنا عاجز عن تنفيذها". وختم: "أكرّر القول أنني لن أساهم في ارتكاب جريمة قتل المرضى بالامتناع، وليتحمل من يريدون منعنا من تنفيذ واجباتنا والقيام بالمهام المطلوبة منا مسؤولية جريمة القتل هذه. ماضون في تحمل مسؤولياتنا مهما بلغت الصعوبات، وأكرّر "الدعوة الى تسريع عملية انتخاب رئيس الجمهورية".

الضريبة على القيمة المضافة 
بعد كلام ميقاتي ورّد حجار، بدأ الوزراء في مناقشة جدول الأعمال الذي تم تخفيض عدد بنوده إلى حوالى 30 بنداً، فيما أصر وزراء حزب الله على إسقاط بند رفع الضريبة على القيمة المضافة، وإسقاط بند اعتماد سعر جديد للدولار الجمركي، بينما اتخذت قرارات أخرى تتعلق بوزارة الصحة ومرضى السرطان، بالإضافة إلى قرارات تخص وزارة البيئة. بينما وزير الإعلام نفى أن يكون قد تم إسقاط البنود المالية المتعلقة بالضرائب والدولار الجمركي معتبراً أنه تم تأجيل البت بها.

الوزراء وموازنة حزب الله
إنها جولة ربح فيها ميقاتي انعقاد جلسته، فيما ينوي الدعوة لجلسات حكومية أخرى عندما تقتضي الضرورة، وعملياً عاد واستجاب إلى دعوة الوزير حجار بعقد إجتماع للوزراء ووجه لهم دعوات للحضور إلى السراي للتفاهم حول المرحلة المقبلة

أراد وزراء حزب الله الموازنة في مواقفهم السياسية، فاعتمدوا معادلة أن الجميع قد ربح، وأن الحزب يحترم إرادة الوزراء الذي حضروا والوزراء الذين تغيبوا، فيما التبرير كان بأن حضورهم يتعلق بالضرورات، ونفوا أي تدخل من قبلهم لإقناع عدد من الوزراء بالمشاركة في الجلسة. فوزير الاشغال علي حمية، أكد أن "وجع الناس هو من اتى بنا لحضور جلسة مجلس الوزراء اليوم"، مشيرا الى "اننا رفضنا البنود التي تتعلق بالضريبة على القيمة المضافة والتعرفة الجمركية الجديدة، واضفنا على الجلسة بنودا طارئة".

أما وزير العمل مصطفى بيرم فقال: "اننا نحرص على الدستور بتفاصيله لانه الناظم لحياة اللبنانيين، ومن جهة اخرى نراعي مصالح الناس". وشدد بيرم على ان "دعوتنا دائمة الى انتخاب رئيس يعبر عن تطلعات اللبنانيين، ومن جهة الحكومة بحكم الدستور معنية بتصريف الاعمال، وبالتالي نحترم من حضر ومن تغيب والأصل كان احترام الدستور "هالقد حجمها" وندعو إلى الحوار لحل كل الأمور". ورأى بيرم ان "الحالة استثنائية وقد حصل نقاش مسبق حول حدول الاعمال وتم حصره بما يرتبط بالامور الضرورية فقط، وبالتالي تقليص جدول الاعمال".
بعد الجلسة قال ميقاتي إنه تمت "الموافقة على بعض البنود وهناك أُخرى سُحبت والحكومة قامت بدورها". وتابع، "قمنا بواجبنا ولم نتردّد في ذلك ولسنا سعداء بشأن الواقع الذي وصلنا إليه". ولفت إلى أنّه "عندما طرحت جدول الأعمال طلب بعض الوزراء شطب بعض البنود وتم التجاوب معهم وليس هناك "وزير ملك" فنحن جميعاً "خدم" للّبنانيين". وأردف، "أخذنا قرارات أساسية بشأن القطاع الصحي وهيئة "أوجيرو" ومجلس الوزراء تحت سقف الدستور". وختم ميقاتي قائلاً، "أحترم إرادة الوزراء الذين لم يُحضروا وموضوع عقد جلسة مجلس الوزراء لا يرتبط بأي موضوع طائفي ومذهبي والترويج لهذا الأمر مؤسفٌ جدًا".

مقررات الجلسة 
وفيما بعد أعلن وزير الإعلام زياد مكاري مقررات الجلسة وفيها الموافقة على الطلب من مصرف لبنان تسديد مبلغ 35 مليون دولار لشراء أدوية وحليب الأطفال، بالإضافة إلى إقرار المساعدة الإجتماعية للعسكريين والمتقاعدين بمساعدة تقدّر بضعفي الراتب، بالإضافة إلى طلب تأمين هبات للجيش اللبناني، والموافقة على استقدام عاملين يوميين لتنظيف الطرق والممرات نحو منصات التزلج. أما بشأن الملفات التي تطرح من خارج جدول الأعمال قال مكاري:" إن ميقاتي يرفض إقرارها بحال عدم موافقة الأربع وعشرين وزيراً لأن هذه من صلاحيات رئيس الجمهورية."
وقد تغيب عن الجلسة 7 وزراء هم: عبدالله بو حبيب، هنري خوري، وليد نصّار، وليد فياض، أمين سلام، عصام شرف الدين وموريس سليم.