دخلت أحزاب السلطة منذ يوم الخميس 16 آذار في لعبة التخوين وإتهام كل من يعارضها، حتى ان الإتهامات طالت حلفاء السلطة، أي الهيئات الإقتصادية، وتحديداً المصارف، دون تسمية مباشرة.
ومع تطيير جلسة مجلس النواب يوم الخميس، والإعلان عن عودة النشاط الشعبي إلى الشارع رفضاً للضرائب التي أقرت كأبواب لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، نشط بعض النواب من التيارات السياسية كلها لنشر وجهة نظر كل حزب في شأن الضرائب التي أقرت. ومع إتساع رقعة المعارضة، أعلن رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، عبر حسابه على تويتر، "تعليق تأييد القوات للسلسلة حتى يتمكن مَن يعارض هذه السلسلة ومواردها من إيجاد موارد بديلة". في حين أعلن وزير الصحة غسان حاصباني، في حديث تلفزيوني ان "ضبط الفساد ولاسيما الجمركي، ضروري، ولكن هناك إصلاحات يجب تحقيقها قبل ذلك".
وربط وقف الفساد بإجراء الإصلاحات، لا يعدو كونه رفع سقف المطالب، الذي تعرف القوات أن تحقيقه مستحيل، لأن كل القوى السياسية تستفيد من الهدر في أكثر من قطاع. علماً أن إيقاف الهدر أسهل عملياً من الإتفاق على الإصلاحات وماهيته وآليتها.
وفي حين شكّلت دعوة النائب آلان عون للمعترضين على فرض الضرائب إلى تأمين "البدائل الفعلية والآنية إذا أرادوا السلسلة"، غرّد وزير المال علي حسن خليل، مشككاً بحملات الاعتراض على فرض الضرائب على الناس. إذ أعرب عبر تغريدة على تويتر عن خوفه من أن تكون "ماكينة الشركات والمصارف من يدير حملة التشويش، لأنه للمرة الأولى تفرض ضريبة عادلة عليهم"، لافتاً إلى أنه "لم تقر أي مادة ضريبية جديدة تصيب الناس".
الإجابات عن أسئلة السياسيين الداعية إلى إيجاد مصادر تمويل غير ضرائبية، جاءت عبر تغريدات النائب وليد جنبلاط، الذي دعا إلى "توحيد سلسلة الرتب والرواتب في جميع القطاعات المدنية والعسكرية ومعالجة فائض الموظفين المدنيين والعسكريين، ووقف السفر النصف مجاني للوزراء والنواب على خطوط طيران الشرق الأوسط وللعسكريين أيضاً، وربما الغير، بحجة جواز (سفر) خاص". وفي معرض طرحه المصادر البديلة من الضرائب لتمويل السلسلة، أكد جنبلاط إمكانية "حصر المناقصات بدائرة المناقصات بعد إعادة تصنيف الشركات كي لا نقع في فضيحة كفضيحة صيانة محطات الطاقة"، فضلاً عن طرحه "الاستغناء عن هذا الكم المستعمل وغير المستعمل من الابنية الحكومية وايجاراتها المكلفة نتيجة التنفيعات"، ناهيك بـ"فصل السياسة عن الإدارة، وكف يد الوزير عن إدارته ورفع شأن الموظفين بعد طلب استقالتهم من أحزابهم". وأشار جنبلاط إلى أن هذه الإقتراحات ليست سوى "بعض الملاحظات القليلة وفق معرفتي، واعتقد أن هناك فيضاً منها عند غيري لوقف الهدر".
ولتحقيق هذه الإقتراحات، إلى جانب وقف الفساد والهدر، طرق جنبلاط باب القضاء، معتبراً أن تحقيق الإقتراحات "يتطلب قضاءً مستقلاً حاسماً"، ما يسلط الضوء على الإشكاليات حول القضاء لجهة ارتباطه بالسياسة وعدم تحركه رغم الكم الهائل من الأدلة والمعطيات أمامه.
وعن تنصل بعض القوى السياسية من عرقلة إقرار السلسلة أو الموافقة على فرض الضرائب، أو حتى من المشاركة في الفساد، وجّه جنبلاط رسالة إلى الطبقة السياسية بالقول: "ولا يدعين أحد من غالب الطبقة السياسية انه معصوم أو ملاك".
مخالفات الطبقة السياسية
أمام تقاذف الطبقة السياسية الإتهامات، طرح وزير الداخلية السابق زياد بارود، جملة من التساؤلات، واجه خلالها أحزاب السلطة ببعض الحقائق التي خالفت من خلالها الدستور، أو فرضت من خلالها ضرائب على الناس دون وجه حق. وفي صفحته على فايسبوك، سأل بارود "هل يجوز لمجلس مدّد لنفسه مرتين بعد سقوط وكالته الشعبية، أن يفرض على اللبنانيين واللبنانيات ضرائب ورسوم مضخّمة وعشوائية بإسم الشعب اللبناني الذي لم يعد هذا المجلس يمثله منذ 20 حزيران 2013؟".
وسأل بارود عن كيفية إقرار الموازنة "في ظل ما تفرضه المادة 87 من الدستور والتي جاء فيها "إن حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب أن تعرض على المجلس ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة التالية التي تلي تلك السنة". ولأن الموازنة غائبة منذ العام 2005، فإن "هذه الحسابات لم تُعرض على مجلس النواب منذ 2005، ولم يوافق بالتالي عليها (أي، بتعبير آخر، لم يحصل قطع الحساب)"، وبذلك، "كيف ستُقر الموازنة إذاً قبل بتّ قطع الحساب عن كل السنوات الماضية؟". وبسخرية سأل بارود إذا كان تطبيق المادة 87 اختيارياً "ليتم تخطيها بهذه البساطة"، أو إذا كان هناك "أرنب مستتر سيطل علينا به أحد خبراء الدستور لتمرير ما لا يمكن تمريره دستورياً".
ورفض بارود مقولة أن الضرائب المفروضة لتمويل السلسلة، لا تصيب الناس، سائلاً: "ألن تطال الضرائب الجديدة المفترض أن تغذّيها السلسلة، المواطنين ذاتهم الذين كان يفترض بها أن تُنصفهم؟". وفي خضم تساؤلاته، وجّه بارود سهامه على "الهدر في المناقصات والتأجيل المزمن لتسوية المخالفات البحرية"، لأنه من خلالها "كان من الممكن الحصول على مداخيل للخزينة ترفع عن الطبقة الوسطى وما دون، أعباء لن تقوى عليها. لكن هذه الاجراءات تتطلب قراراً سياسياً جريئاً، لا جرأة (في غير محلها) في فرض الضرائب على المستهلك عموما".
ولم يوفّر بارود من أسماهم "زبائن" الطبقة السياسية، حيث أكد أنهم "لن يعترضوا، ظنّا منهم أن استفادتهم ستستمر طالما "أكلة الجبنة" في مواقعهم". لكنه راهَن على أن "تضييق الخناق على مواطنين قبلوا بالظلم على مضض، سينتهي بهؤلاء إلى الاختناق".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها