بعد مرور سنة على إعلان النيات بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، أو كما يحبذ عرابوه تسميته مولود الوحدة المسيحية، يتطلع قادة الحزبين بإيجابية إلى مستقبل الاتفاق الذي حقق، بنظرهم، الأهداف المرجوة منه وسيصل إلى استرجاع الحقوق المسيحية والدور المفقود.
الإعلان الذي استغرق أشهراً من المباحثات وتكلل بزيارة مفاجئة للدكتور سمير جعجع إلى الرابية ولقاء العماد ميشال عون، تألف من 18 بنداً تعتبر كلها مهمة وأساسية للطرفين، و"أنهى 30 عاماً من الخصومة وأثبت بنظر الثنائي الجديد أنه عندما تصفو النيات يمكن اجتراح المعجزات".
وأشاع الإعلان منذ صدوره جواً من التهدئة وأسهم في تنفيس الاحتقان الشعبي، وتم سحب الدعاوى بين التيار و"القوات" ووقف الحملات الإعلامية والتهجمات السياسية. وأثبت أنه اتفاق مبني على أسس أقوى مما قامت عليه الإتفاقات السابقة بين الطرفين، في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الماضي التي انهارت بعد فترة وجيزة.
ويشير النائب آلان عون، في حديث إلى "المدن"، إلى أن "الإعلان محا الحقد والضغينة والخلافات والتباعد بين الطرفين وقواعدهما الشعبية، وأسس لدور سياسي أكبر للمسيحيين". ويعتبر عون أن "تجربة التحالف البلدي كانت ناجحة، باستثناء بعض التفاصيل، كمعركة جونية والحدث"، مؤكداً أن "المستقبل سيحمل كثيراً من تحصيل المكاسب للمسيحيين".
وعن انعكاس الاتفاق على علاقة التيار مع الحلفاء، يرى النائب إدغار معلوف عبر "المدن" أن العلاقة مع "حزب الله" لم تتأثر سلباً، خصوصاً مع استمرار الحزب في ترشيح النائب ميشال عون. أما العلاقة بكل من "حركة أمل" و"تيار المردة" فقد تأثّرت بالأجواء السياسيّة العامة وليس بالاتفاق بين التيار و"القوات"، يقول معلوف.
من جهته يصف أحد "عرابي" الإعلان، ملحم رياشي، ما جرى خلال عام بـ"البداية الممتازة". وكانت الانتخابات البلدية، في رأيه، "أولى الاختبارات الجدية، ونجحت في مناطق عديدة، مثل زحلة وجزين والبترون، وحققت نتائج جيدة في مناطق أخرى، مثل تنورين رغم الخسارة".
يضيف رياشي لـ"المدن": "ستشهد الانتخابات النيابية المقبلة تماسكاً أكبر بين الطرفين وحصولهما على نسبة أكبر من التصويت، نظراً لطبيعة المعركة السياسية التي تختلف عن التجربة البلدية".
أما العلاقة مع "تيار المستقبل"، فيرى رياشي أنها تأثرت بشكل كبير مع انزعاج "المستقبل" من الإعلان، ثم رفضه ترشيح النائب ميشال عون وتبني ترشيح النائب سليمان فرنجية، مشدداً على أن "القوات" مازالت تعتبر نفسها جزءاً لا يتجزأ من تحالف 14 اذار، وأنها تسعى لإعادة وضع العلاقة مع "المستقبل" على السكة الصحيحة، وكذلك العلاقة مع الأحزاب والقوى المسيحية الأخرى، ولاسيما "الكتائب".
وقد حقق هذا الإعلان، بحسب مصادر الطرفين، كثيراً من الإنجازات، فمن الاتفاق على تسمية ميشال عون مرشحاً للرئاسة، إلى رفض المشاركة في "تشريع الضرورة"، مروراً بإقرار مشروع قانون استعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني، في 26 تشرين الأول 2015، والتوافق على عدم التطبيق الانتقائي والمبتور لإتفاق الطائف، وخلق ديناميكية بين الشباب والطلاب في الكتلتين. كذلك، أنتج الاتفاق تنسيقاً نيابياً ونقابياً وطالبياً وتحالفاً بلدياً حيث أمكن، وتنافساً بلا خصومة في أماكن أخرى.
وتختم المصادر بالتشديد على أن الأهداف اللاحقة ستتركز على التنسيق بين الماكينات الانتخابية للتحضير للانتخابات النيابية والتوصل إلى قانون انتخابي يصحح التمثيل الشعبي، وخصوصاً المسيحي، وتوسيع إطار المصالحة المسيحية نحو خصوم الطرفين، وتحصيل حصة وزارية وازنة في الحكومات المقبلة تعمل على تفعيل الدور المسيحي وإعادة صلاحيات الرئاسة الأولى.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها