الإثنين 2024/07/29

آخر تحديث: 12:14 (بيروت)

سوريا والرئاسة الأميركية

الإثنين 2024/07/29
سوريا والرئاسة الأميركية
"قسد" (غيتي)
increase حجم الخط decrease
حالة انتظار في سوريا للانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة. وثمة من يعول على تحريك الملف الذي شهد جموداً تاماً منذ وصول الإدارة الحالية إلى البيت الأبيض في العام 2021. وبدت الفرصة متاحة، حينما بدأت حظوظ الرئيس جو بايدن، تتراجع أمام منافسه دونالد ترامب. وبغض النظر عمن سوف يفوز، كامالا هاريس أو غيرها من الديموقراطيين أو دونالد ترامب، فإن الوضع لن يزداد سوءاً عما هو عليه حالياً. وهنا تجدر الإشارة إلى الإدارة السيئة للملف من قبل مساعدي بايدن، خصوصاً بريت ماكغورك، الذي يتولى منصب منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي.

الكل ينتظر الحدث الأميركي. الأطراف المباشرون، وغير المباشرين. النظام السوري والشعب في الداخل والخارج، المعارضة، و"قسد". تركيا، إيران، روسيا، اسرائيل، ولبنان. تختلف الحسابات وتتضارب، لكنها تلتقي عند نقطة انتظار الإدارة الأميركية المقبلة. يراهن النظام السوري على تطبيع العلاقات مع واشنطن، وتخفيف العقوبات، وإلغاء القوانين الخاصة، ومنها "قانون قيصر"، بينما يأمل السوريون بأن تكون الإدارة المقبلة أكثر حزماً، وتضغط على النظام كي يوافق على حل سياسي يمهد الطريق لمعالجة أزمات سوريا، ومنها عودة ملايين المهجّرين، لا سيما من دول الجوار في تركيا ولبنان. وتذهب طموحات المعارضة أبعد من ذلك. ورغم أنها غائبة وبلا مشروع وممزقة، ورهينة لأجندات، يراودها حلم أن تلعب دوراً أساسياً.

من بين أكثر الأطراف ترقباً "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد)، التي عاشت حالة من الارتياح مع الإدارة الحالية، بعدما مرت بفترة من التأرجح والاضطراب مع إدارة الرئيس السابق ترامب، الذي أجاز لتركيا أن تقوم بعملية عسكرية في العام 2019، تبعد من خلالها "قسد" عن الحدود في ريفي الحسكة والرقة، في رأس العين وتل أبيض. وقبل نهاية ولايته، أعلن ترامب أنه سيسحب القوات الأميركية التي تتمركز في 21 قاعدة في شمال شرقي سوريا، تحت غطاء الحرب على "داعش". ورغم أن هذه القوات استقدمت تعزيزات عسكرية مهمة خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، فإن هناك حالة من القلق في أوساط "قسد" من إمكانية انسحابها في حال وصل ترامب للبيت الأبيض.

ومصدر القلق هو التخوف من أمرين، الأول هو حصول اجتياح عسكري تركي واسع لتقويض مشروعها، الأمر الذي يفسر اتجاهها للتقارب مع النظام، وهو ما صرح به نائب الرئاسة المشتركة للإدارة الذاتية، الذراع السياسي لـ"قسد" حسن كوجر، فأكد أن "قسد" مستعدة للمشاركة مع قوات النظام في السيطرة على مناطق انتشار القوات التركية في شمال غربي سوريا، لافتاً إلى أن الاتصالات بين الإدارة الذاتية والنظام مستمرة لأجل الوصول إلى اتفاق يفضي لحل بين الجانبين. والثاني هو التخوف من ترتيبات مقبلة بين تركيا والنظام تتم على حسابها في اللقاء المرتقب بين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد، برعاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في روسيا خلال الاسابيع المقبلة. وهو الأول من نوعه منذ فترة ما قبل الثورة ضد الأسد، ومن بين أهم المواضيع على جدول الأعمال الترتيبات على الأرض في شمال غرب وشرق سوريا. وهو ما يطاول مستقبل مشروع "قسد" في الصميم، والتي تبدو الخيارات أمامها ضيقة جداً.

اللافت أن بوتين لم يوجه الدعوة لإيران لحضور الاجتماع، رغم أنها طرف في مسار أستانة، ولاعب أساسي في الساحة السورية. ولا يبرر هذا الاستثناء من الحضور، التحجج بأن مواضيع البحث تركية سورية. وإذا صح ذلك، فما هو سبب دعوة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني؟ ثم إن إيران تعد الشأن السوري يخصها على القدر ذاته مع النظام، وحينما تقوم بحساب تقدير للموقف تضع سوريا ولبنان والعراق واليمن في حساب ميزان القوى، ولذا يهمها توجه الادارة الأميركية المقبلة اتجاه المنطقة، وعلى هذا الأساس وجه المرشد العام، علي خامنئي، سفينة الانتخابات الرئاسية الإيرانية، مع ترجيح كفة المرشح الاصلاحي مسعود بزشكيان، وفوزه بالمنصب.

اسرائيل معنية بالملف السوري، بما يتجاوز حسابات الأطراف كافة، روسيا، إيران، وتركيا. وفي وسعها أن تحدّث تحولاً يفوق ما يقوم به أي من المؤثرين المباشرين في الوضع. ومن المعروف أنها وضعت قواعد خاصة لذلك، تقوم على التفاهم مع روسيا، وضرب كل ما يهددها من إيران، ورسم خطوط حُمر أمام تركيا، بما فيها عدم الاقتراب من رئيس النظام بشار الأسد. وما يهم اسرائيل تجاه سوريا مستقبلاً، يقع ضمن حساباتها الثنائية القديمة والمستجدة، لجهة تحجيم دور إيران، وعودة النظام السوري إلى تولي أمن الحدود، وإنهاء كل حضور عسكري لإيران وحزب الله في المناطق الحدودية.

ورغم عدم وجود مؤشرات لتراجع الدعم الذي تحظى به اسرائيل من الولايات المتحدة مستقبلاً، وخصوصاً في الحرب على غزة، فإن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، يبدو أقرب لترامب من كامالا هاريس، كونها صاحبة موقف نقدي لحرب اسرائيل، وهذا ما يفسر طلبه الاجتماع مع ترامب خلال زيارته واشنطن الأسبوع الماضي. ويعد ذلك خروجاً على القواعد الدبلوماسية، وتدخلاً مباشراً في الشأن الانتخابي الأميركي، ومؤشراً مهماً على أن ما تنتظرته تل أبيب من الرئاسة الأميركية المقبلة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها