للمرة الاولى من المفترض ان يشارك المبعوث الخاص للبيت الابيض في الازمة الايرانية روبرت مالي في جلسة استماع غير علنية مع لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس المقررة يوم الثلاثاء (15/2)، والتي من المفترض ان يعطي فيها اجوبة على اسئلة محددة تشغل اهتمام المشرعين الامريكيين، خاصة الجمهوريين منهم، تتعلق بمسار المفاوضات الجاري في فيينا حول الازمة النووية ومصير العقوبات الامريكية المفروضة ضد ايران
تحديد موعد لاول مرة لـ"مالي" وتاريخه، يعني ان موعد التوقيع على الاتفاق الجديد لن يكون في الايام القليلة المقبلة، على العكس من الاجواء الايجابية التي اشاعها اكثر من طرف مشارك في المفاوضات، وتحديدا مندوب السياسات الخارجية للاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل والمندوب الروسي ميخائيل اوليانوف، وحديثهما عن اللمسات الاخيرة لنص الاتفاق الجديد. الا ان الدعوة لهذه الجلسة تحمل على الاعتقاد بان الامور في فيينا وصلت الى مراحل متقدمة وبات الطرفان على مقربة من اعلان الاتفاق او التوصل الى تفاهم جديد.
الاسئلة التي من المفترض ان يجيب عليها مالي والتي تبلغتها وزارة الخارجية من اللجنة العلاقات الخارجية تتعلق بالاسباب التي ادت الى الاستغناء عن بعض مسؤولي وزارة الخارجية العاملين في الفريق المفاوض؟ وما هو موقف ادارة بايدن من الغاء العقوبات ضد ايران؟ لماذا لا يتم تنفيذ العقوبات المتعلقة بقطاع الطاقة الايراني بشكل حازم وكامل؟ ما هو وضع البرنامج النووي الايراني واين وصلت عملية رفع مستوى تخصيب اليورانيوم؟
على الطرف الاخر الايراني، فان الفريق المفاوض او الجهة التي تقود المفاوضات غير خاضعة للمساءلة او الاستجواب امام البرلمان سوى بحدود استدعاء وزير الخارجية الى لجنة الامن القومي والسياسية الخارجية البرلمانية، باعتباره المرجعية الادارية للفريق المفاوض واحد المشاركين في صياغة القرار، للوقوف فقط على اخر المستجدات التفاوضية من دون ان يكون لهم القدرة على تغيير مسارها.
ومع حالة الطمأنينة لدى الفريق الايراني، كونه لن يكون مسؤولا عن اي خيارات قد تنتهي اليها المفاوضات ونتائجها، سواء لجهة الانجازات التي يحققها او التنازلات التي قد يقدمها، لكونه يتحرك داخل الدائرة التي رسمتها الجهة المعنية بالقرار الاستراتيجية في مجلس الاعلى للامن القومي بالتفاهم والتنسيق والرأي النهائي للمرشد الاعلى من دون اي تدخل لـ"الكونغرس الايراني. فان التوصل الى اتفاق جديد او اعادة احياء الاتفاق القديم يشكل ضرورة سياسية لا يمكن العبور عنها بالنسبة للنظام، خاصة في ظل حاجته للتعامل مع المجتمع الدولي، وتنمية علاقاته الاقتصادية مع الدول الاخرى للخروج بالدرجة الاولى من ازمته الاقتصادية المتفاقمة التي باتت خارج قدرة الحكومة الجديدة المنبثقة عن النظام بقيادة ابراهيم رئيسي على ادارتها والتخفيف من انعكاساتها السلبية على المواطن الايراني وحياته اليومية والمعيشية، وبلغت مستويات تلامس امكانية التحول الى تهديد امني لاستقراره واستمراره.
غالبية، وقد تكون كل، الجمل الاعتراضية التي وضعها الفريق الايراني بين مزدوجين في نص الاوراق الثلاث التي تقدم بها في الجولة السابعة للمفاوضات، قد اقفلت، اي انتهى التفاوض حولها، ولجان العمل الثلاثة التي تشكلت لبحثها تعمل في هذه الايام على وضع الصياغة النهائية لها، بعد ان عاد الفريق الايراني الى الجولة الثامنة مزودا بتفويض لاتخاذ القرار السياسي بالمضي في التوقيع على الاتفاق وانهاء العقوبات.
ان يقول الرئيس الايراني في خطابه بالذكرى السنوية لانتصار الثورة بان بلاده وحكومته "لا تعقد آمالها على فيينا او واشنطن" هو موقف يخاطب الداخل الايراني، وتحديدا سلفه الرئيس السابق حسن روحاني الذي اتهمه بتغليب التوجه نحو الغرب ورهن اخراج من ازمتها الاقتصادية بالتفاهم والحوار مع واشنطن، في حين ان الخطوات التي قامت بها حكومته (رئيسي) وبالعودة الى مبادئ الثورة في "لا شرقية ولا غربية"، وتعزيز التوازن من خلال الانفتاح على الشرق (روسيا والصين) بالاضافة الى الانفتاح على دول الجوار الاسيوي والاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي انجزت، في اطار رؤية النظام والحكومة في ابطال وتفكيك اثر العقوبات وتعطيل اثارها على الاقتصاد الايراني، وسمحت لرئيسي بان يقول بانه لا يعقد الامال على فيينا او واشنطن.
الدور الوظيفي لخطاب رئيسي الداخلي، محاولة تهدئة الاصوات الداخلية الممتعضة من الاداء الاقتصادي والاداري للحكومة التي جاءت بوعود كبيرة، بالاضافة محاولة صرف الانظار من بوابة تقديم الاتفاق على الغاء العقوبات كانجاز يمهد الطريق امام الانتعاش الاقتصادي، عما يمكن ان يكون النظام مجبرا على تقديمه من تنازلات من اجل الحصول على الاعفاءات الاقتصادية والمالية والنفطية. اي ان ما سيقدمه المفاوض الايراني في فيينا على الطاولة سيشكل محور الاجابة التي سيقدمها المبعوث الامريكي مالي امام لجنة العلاقات الخارجية في جلسة الاستماع في الشق المتعلق بالعقوبات والاعفاءات التي حصلت عليها ايران.
الارادة السياسية لدى الادارة الامريكية وقيادة النظام الايراني باتت على قناعة تامة بضرورة الانتهاء من هذا الملف، كلٌ من منطلقاته الخاصة الداخلية والدولية. الا ان الانجاز التفاوضي في فيينا، وان كان قادرا على فتح الطريق امام طهران لتفكيك الحصار الاقتصادي، الا انه لن يكون قادرا على منح النظام امكانية تسويغ التمسك الامريكي بابقاء العقوبات المتعلقة بحقوق الانسان ودعم الارهاب التي تشمل مكتب المرشد الاعلى ورئيس الجمهورية ومؤسسة حرس الثورة.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها